العمليات التي ينفذها الشباب الفلسطيني هذه الأيام، بكثرة، في الأراضي المحتلة خصوصاً في الفترة الأخيرة هي برأيي الوسيلة الأكثر فاعلية في الحل النهائي لقضية احتلال فلسطين، وكل شيء غير ذلك ليس إلا مجرد أوهام ومسكّنات تزيد من سنوات وجود الاحتلال الإسرائيلي الأمني على أرض الواقع كما تحدثنا عدة مرات سابقاً.
الشواهد عديدة على أنه مجرد كيان أمني في المنطقة له أهداف وجودية مرتبطة بمن أوجد الكيان من دول العالم الغربي، وليس دولة حقيقية، وأحد الشواهد على ذلك أنه ورغم مرور قرابة أربعة وسبعين عاماً على احتلال فلسطين فإن "إسرائيل" لم يحكمها قادة سياسيون يتعاملون بحكمة وحنكة في مواجهة المتغيرات، وإنما في جميع المراحل الوجودية للدولة "المزعومة" تم حكمها من خلال قيادات أمنية عسكرية واستخباراتية تحافظ على وجودها في مناصبها من خلال طبيعة ردود الفعل العنيفة والانتقامية تجاه أي عملية فلسطينية وذلك من خلال التنكيل بأهل الشهداء أو قتل مجموعة من الفلسطينيين من أجل كسب شعبية وسط المستوطنين.
منذ بداية شهر رمضان المبارك بدأ الاحتلال يترنح بضربات قوية من الجنوب إلى الشمال مروراً بقلب تل أبيب التي شهدنا فيها عملية رعد فتحي حازم، وذلك بأدوات بسيطة من نواحٍ لوجستية ولكنها أكبر من وجود الاحتلال نفسه، بإيمان وعقيدة بالحق في النضال من أجل تحرير فلسطين بشتى الطرق المتاحة للشعب المؤمن بأنه هو فقط من يصنع حريته وليست المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك!
إن استمرار مثل هذه العمليات خصوصاً في عمق الأرض المحتلة ستجبر العالم أن ينظر لحق الشعب الفلسطيني في الوجود والعيش على أرضه بسيادة كاملة بدون احتلال وبقيادة وطنية من أبناء الشعب الفلسطيني أمثال ضياء حمارشة ورعد حازم ومن قبلهم يحيى عياش وعماد عقل وغيرهم من الأبناء المخلصين لوطنهم وما دون ذلك لا يعني إلا مضيعة للوقت وسقوط قتلى أكثر في صفوف الإسرائيليين، الذين لن يكونوا أبداً في مأمن في أرض سرقوها من خلال سفك دماء أهل فلسطين في سلسلة مذابح بلدة الشيخ (1947) ودير ياسين (1948) وقرية أبو شوشة (1948) والطنطورة (1948) وقبية (1953) وقلقيلية (1956) وكفر قاسم (1956) وخان يونس (1956) والمسجد الأقصى (1990) والحرم الإبراهيمي (1994) ومخيم جنين (2002) وغيرها الكثير من المجازر الموثقة.
وقد عقدت العشرات، بل المئات من المؤتمرات والاجتماعات السرية والعلنية وتم تقديم الاقتراحات والخطط وفشلت جميعها لأنها لم تكن تهدف في حقيقتها إلا لتعزيز وجود "إسرائيل" في الأرض المحتلة ولم ينظر أحد سابقاً لحقوق الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن الشعب الفلسطيني يمتلك الحق كاملاً في البحث عن حريته كما فعل رعد حازم ومن سبقوه.
وما زال العالم الغربي وقيادات الاحتلال الإسرائيلي مستمرين في غض الطرف عن المنطلق والدوافع الحقيقية وراء العمليات التي ينفذها الشباب الفلسطيني في عمق دولتهم، وهي دوافع في حقيقتها مؤمنه بحقها في تحرير فلسطين بكامل ترابه الوطني وطرد المحتل، ومن السذاجة بمكان أن تعتقد قيادات العالم الغربي التي تحمي وجود "إسرائيل" بأن تضحيات الشعب الفلسطيني ودماء أبنائه يمكن التحايل عليها بتعويضات مالية وسلطة تنسيق أمني وتحسين معيشة تحت إدارة الاحتلال!
الموضوع هو تحرير فلسطين وليس تحسين ظروف معيشة الشعب الفلسطيني، ومن الشواهد على ذلك مثلاً هي ردود فعل الفلسطينيين في الداخل والشتات على ما فعله رعد حازم، حين سادت الفرحة بين أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته ومستوياته المادية والفكرية وتبادل الأغلبية التهاني ومنهم الدكتور والمهندس والعامل والمهني والغني والفقير، فقد كانت ليلة فلسطينية بامتياز، ومواقع التواصل الاجتماعي وثقت تلك الفرحة، وخير دليل، إن لم تصدقني.
ومن جديد، المؤتمرات المفصولة عن حقائق الأمور ومنها ما سُمي صفقة القرن التي كان محورها ضخ أموال على شكل استثمارات وإيجاد فرص عمل ومصادر دخل للمواطنين الفلسطينيين، وكأن تضحيات الشعب الفلسطيني كانت من أجل راتب أو مبلغ من المال، كلها فرضيات نُسفت بما فعله ضياء حمارشة ورعد حازم، وبددت ما تم ضخه من أموال ذهبت هباءً منثوراً.
نهايةً، في رأيي أنه لن يحصل المستوطنون على الأمان إلا في أوطانهم التي جاءوا منها لأنهم يعيشون محتلين في أرض فلسطين والتي لها شعبها، ومن يبحث منهم عن حقوق دينية له في فلسطين فهو يستطيع الحصول عليها بدون احتلال، والعهدة العمرية شاهد على ذلك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.