"يجب علينا أن نكون مدركين ونثقف أنفسنا بشأن النزاعات الأخرى التي تحدث من حولنا، ومقدار الألم الذي تمر به البلدان الأخرى، وما يحدث بانتهاك حقوق الإنسان وفقدان أحبائهم وأمنهم… خفَت الاهتمام بالحرب في فلسطين ولا أحد يتحدث عما يجري هناك أو في اليمن والعراق. الآن روسيا لن تلعب في كأس العالم (بسبب) أشياء قامت بها دول أخرى لسنوات عديدة".
وتابع النجم تغريداته: "الأرواح تُفقد في العديد من النزاعات ونحن نعطي أهمية فقط لمن هم قريبون منا".
قبل أن يخرج اللاعب الإسباني هيكتور بيليرين عن طوره ويتحدث علانية عن "العنصرية" الغربية؛ كان قد استهل "صحوته" هذه بالكلمات السالفة الذكر التي خطها في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر؛ وهي برأيي لا تقل أهمية عن تصريحه السابق بشأن أن نظرة العديد من المواطنين الغربيين "قاصرة" تجاه قضايا الشعوب الأخرى وتكشف عن جهل فاضح تجاه ما يحدث هناك.
وذلك ما أشار إليه لاعب برشلونة بأسلوب مميز، ونتمنى أن يحذو لاعبو كرة القدم الآخرون حذوه و"يثقفوا" أنفسهم ويتابعوا مآسي البلدان الأخرى بعيداً عن "الروايات" المخادعة التي تعمل بعض الحكومات ووسائل الإعلام على تمريرها "بخبث" لحماية حلفائها أو أيضاً "لإخفاء" تورطها هي بالأساس في التنكيل بتلك الشعوب المقهورة بطرق مختلفة، أهمها طبعاً صفقات الأسلحة وغض الطرف عن جرائم "أزلامها (رجالها)" هناك.
والملاحظ أيضاً أن تصريحات لاعب الأرسنال السابق لم تلقَ اهتماماً ملحوظاً على وسائل الإعلام الأوروبية التي حاولت تجاهلها وتهميشها، لا سيما أن البعض يميل لترديد أسطوانة أنها تصدر من لاعب "شبه مغمور"؛ رغم أن الأمر ليس كذلك، فبنظرة بسيطة على مسار بيليرين سنجد أنه لعب للبارسا وأرسنال ولكل الفئات السنية للماتادور الإسباني، كما أن ريال بيتيس، فريقه السابق، ليس بالفريق العادي في الليغا؛ فماذا أراد أن يقول هذا المدافع؟ وهل "بالغ" الإعلام العربي في الاحتفاء بكلماته حقاً؟
قطعاً لا؛ والدليل أن لاعباً عربياً في حجم أشرف حكيمي تفطّن للنقطة المذكورة حول "تقزيم" تصريحات اللاعب الإسباني وتبنى ما كتبه ووصفه "باللاعب الكبير داخل وخارج المستطيل الأخضر"؛ وبالعودة لتصريحاته فقد قال: "من الصعب رؤية أننا مهتمون بهذه الحرب أكثر من الحروب الأخرى. لا أعرف ما إذا كان ذلك بسبب أنهم أكثر شبهاً بنا أو لأن الصراع يمكن أن يؤثر علينا بشكل مباشر أكثر من الناحية الاقتصادية أو بسبب تدفق اللاجئين".
تساؤلات واضحة وصريحة بعيداً عن "النفاق الإعلامي والسياسي"، وتكشف بجلاء معدن هذا اللاعب وأيضاً الجانب الإنساني المشرق الذي نتمنى أن نراه في لاعبينا العرب وبالأخص المحترفين في القارة العجوز، المطالَبين بالخروج من قوقعة التوجس قليلاً ووضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها كما شاهدنا مع هيكتور بيليرين.
وهنا سنعيد التذكير بالموقف البطولي للمصري علي فرج حين تُوّج ببطولة أوبتاسيا للأسكواش وفضح ازدواجية المعايير وتحدث بمنتهى الصراحة والوضوح عن الواقع الحالي الذي أضحى يقول بأن زمن "تحريم" مزج السياسة بالرياضة قد ولى؛ ولذلك يجب أن نعيد قضايانا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين طبعاً للواجهة والصدارة طالما أن الجميع اليوم صار "إنسانيّاً" وما كان محرماً وممنوعاً أصبح عادياً ومسموحاً به.
فلماذا لا يخرج الرياضيون العرب وبالأخص المتألقين في سماء أوروبا عن صمتهم ويضموا أصواتهم لما ذكره اللاعب الإسباني هيكتور بيليرين والبطل المصري علي فرج ومدرب كرة السلة الصربي المعروف زيليكو أوبرادوفيتش دون إغفال الأيقونة محمد أبو تريكة؟
فهل ستحرك هبّة بيليرين المياه الراكدة وتنضم إليه أسماء أخرى وتفضح عنصرية الإعلام الغربي المقيتة يا ترى؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.