لا شكَّ أنّ هناك العديد من المُفردات والمُصطلحات التي نستخدمها نحن أطباء الأسنان لوصف حالة أو عرض ما لأحد المرضى، والتي قد تكون بالغة الأهمية، لكنها في الحقيقة قد تكون غريبة على مسمعه، أو قد يكون قد فهمها بشكل خاطئ.
لذلك سأشرح لكم بعضاً من أشهر المصطلحات التي نستخدمها والتي كثيراً ما يسألنا عنها المرضى لفهم معناها.
تسوس الأسنان
يُعتبر تسوس الأسنان من أكثر المصطلحات الشائعة في عيادات أطباء الأسنان، والذي يعرفه الناس بأنه مجرد شيء أسود يظهر على الأسنان ويسبب لها الألم!
لنشرح لك الأمر، يحتوي تجويف الفم على العديد من أنواع الجراثيم والبكتيريا، التي يتكاثر بعضها، وينمو داخل الفم بعد توفر البيئة المناسبة من الأغذية والمشروبات، لا سيما تلك التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات والنشويّات المطبوخة المعروفة باسم "الكربوهيدرات المخمرة"، والتي تعتبر الغذاء الأساسي للجراثيم.
في حال بقاء تلك "الكربوهيدرات المخمرة" في الفم دون تنظيف، تتحول إلى أحماض، وتشكل ما يدعى بـ"اللويحة السنيّة" التي تعلق على الأسنان.
بينما تهاجم الأحماض التي تكون في اللويحة السنية المعادن الموجودة بالطبقة الصلبة من السن التي تدعى المينا، مُحدثة ثقوباً صغيرة تدعى التسوس، وإذا لم يتم علاجها ستتابع طريقها نحو الطبقة الأكثر ليونة والتي تدعى العاج وصولاً للب السن الذي يحتوي على العصب السني.
جير الأسنان
أما المصطلح الثاني الذي لعلك قد سمعته عند طبيبك ولم تعرف ما الذي يعنيه، فهو "جير الأسنان" الذي كان يوصف في القرن الـ18 لوصف تراكم المعادن في جسم الإنسان والحيوان، مثل حصوات الكلى والمعادن على الأسنان.
الجير هو الرواسب الصلبة المتكلسة على شكل طبقة صفراء تغطي الأسنان واللثة.
يتشكل الجير عندما تختلط البكتيريا التي تحدث بشكل طبيعي في الفم مع بقايا جزيئات الطعام لتشكيل طبقة لزجة تعرف باسم البلاك، عندما تُترك البلاك دون تنظيف، فإنها تتصلب ويتغير لونها إلى الأصفر، وتشكل الجير.
ويعتبر الجير من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تسوس الأسنان وظهور أمراض اللثة، إضافة إلى أنه ذو مظهر غير مرغوب للأسنان.
يتشكل الجير بنسبة أكبر على الأسطح الشدقية (الخدية) لأضراس الفك العلوي وعلى الأسطح اللسانيّة في قواطع الفك السفلي.
تعاني هذه المناطق من ارتفاع تدفق اللعاب بسبب قربها من فوهات الغدد اللعابية النكفية والغدة تحت اللسان.
يتكون الجير تحت اللثة ويصبح داكن اللون عادة بوجود البكتيريا المخضبة بالأسود، التي تكون خلاياها مغلفة بطبقة من الحديد يُحصل عليها من الهيم أثناء نزيف اللثة.
يتكون جير الأسنان عادةً في طبقات إضافية يمكن رؤيتها بسهولة باستخدام كل من الميكروسكوب الإلكتروني والمجهر الضوئي.
تتشكل هذه الطبقات أثناء أحداث التكلس الدورية للويحة السنية، ولكن توقيت هذه الأحداث ومحفزاتها غير مفهومة جيداً، إذ يختلف تكون الجير بشكل كبير بين الأفراد وفي أماكن مختلفة داخل الفم.
حُددت العديد من المتغيرات المؤثرة على تشكيل الجير في الأسنان، بما في ذلك العمر والجنس والخلفية العرقية والنظام الغذائي والموقع في تجويف الفم، والنظافة الفموية، وتكوين اللويحة البكتيرية، والعوامل الوراثية عند المضيف، والوصول إلى رعاية الأسنان المهنية، والإعاقات الجسدية، والأمراض الجهازية، وتعاطي التبغ والأدوية.
كما أن تراكم جير الأسنان من الممكن أن يسبب المشكلات الآتية:
1. رائحة الفم الكريهة وذلك نتيجة تراكم البكتيريا.
2. تدمير طبقة مينا الأسنان، وهي الطبقة الخارجية الصلبة للأسنان، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى حساسية الأسنان.
3. تجويف الأسنان وحتى فقدان الأسنان، الأمر الذي من شأنه تعزيز أو رفع فرص الإصابة بمرض اللثة.
محلول الفلورايد
أحياناً يطلب منك الطبيب استخدام محلول الفلورايد للحفاظ على نظافة الأسنان، ولكن ما هو هذا المحلول؟
يوجد الفلورايد الذي يباع في الصيدليات على شكل محلول مائي، بشكل طبيعي في التربة والمياه والأطعمة، كما يتم إنتاجه صناعياً لاستخدامه في مياه الشرب ومعجون الأسنان وغسولات الفم ومنتجات كيميائية مختلفة.
تضيف بعض حكومات الدول الفلورايد إلى إمدادات مياه البلدية، لأن الدراسات أظهرت أن إضافته في المناطق التي تكون فيها مستويات الفلورايد في الماء منخفضة يمكن أن تقلل من انتشار تسوس الأسنان بين السكان المحليين، لذا فإن الفلورايد يعد من العناصر الفعالة للوقاية من نخر الأسنان إذا تم استخدامه بشكل صحيح ونسب معقولة.
ومع ذلك، فقد نشأت مخاوف بشأن تأثير الفلورايد على الصحة، بما في ذلك مشاكل العظام والأسنان والنمو العصبي.
فيما يلي حقائق سريعة عن الفلورايد
يأتي الفلورايد من الفلوروين، وهو عنصر شائع وطبيعي ووفير.
تقلل إضافة الفلورايد إلى إمدادات المياه من حدوث تسوس الأسنان.
يحمي الفلورايد الأسنان من التسوس عن طريق نزع المعادن وإعادة التمعدن.
يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام الفلورايد إلى تسمم الأسنان بالفلور أو تسمم الهيكل العظمي بالفلور، مما قد يؤدي إلى تلف العظام والمفاصل.
يجب على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات عدم استخدام غسول الفم الذي يحتوي على الفلورايد.
يمكن استخدام الفلورايد بسهولة عن طريق حبوب تحتوي على الفلورايد وتوصف من قبل الطبيب، كما يمكن تطبيقه بشكل مباشر على الأسنان في عيادة طبيب الأسنان، كما يمكن استخدام المعاجين والمضامض الحاوية على الفلورايد بشكل مناسب.
يجب التنويه بعدم الإفراط في استخدامه لما له من آثار سلبية كالتسمم الفلوري أو التبقع الفلوري على الأسنان.
القلاع
لعلك أصبت به أكثر من مرة خلال حياتك ولم تعرف ما هو، لا سيما أنه أمرٌ شائع الحدوث، فما هو القلاع؟
القلاع هو مرض فطري يظهر بالفم على شكل بقع بيضاء اللون، أكثر أماكن ظهورها داخل التجويف الفموي هو على الخدين واللسان وقد تظهر أيضاً على اللثة وسقف الفم.
أما سبب ظهورها فهو فطر المبيضات، البيض الذي عادة ما يتواجد بشكل طبيعي في الفم والجهاز الهضمي.
عادة لا تسبب هذه الفطريات أي مشاكل لأن جهازك المناعي يعمل على توازن الفطريات والبكتيريا الجيدة والسيئة التي تتواجد بشكل طبيعي في جسمك، ولكن في بعض الأحيان يفشل جهازك المناعي في تأمين هذا التوازن، فتكثر أعداد الفطريات المبيضات مسببة ظهور عدوى مرض القلاع الفموي.
وهناك عدد من الأسباب التي قد تؤدي إلى هذه النتيجة، بما في ذلك، أخذ جرعات من المضادات الحيوية، وخاصة مدة طويلة أو بجرعات عالية، تناول دواء الاستنشاق كورتيكوستيرويد لعلاج الربو، وارتداء أطقم الأسنان، ولا سيما إذا كانت لا تتناسب بشكل صحيح مع حجم الفم، وعدم العناية بصحة ونظافة الفم، وجفاف الفم، إما بسبب حالة طبية أو دواء تتناوله، والتدخين، والعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي لعلاج السرطان.
يمكن علاج الأطفال والبالغين الأصحاء بشكل فعال من مرض القلاع، لكن الأعراض قد تكون أكثر حدة ويصعب علاجها لدى أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
غالباً ما توصف الأدوية المضادة للفطريات (مثل النيستاتين) لعلاج القلاع، وتتوافر هذه الأدوية في شكل أقراص، أو أقراص استحلاب، أو سوائل تتم عادة "حشوها" في فمك قبل بلعها، وعادة ما تحتاج إلى تناول هذه الأدوية لمدة 10 إلى 14 يوماً.
الخراج
الخراج السني المرض الأكثر إزعاجاً والذي يسبب انتفاخاً في الخد وألماً شديداً، ولكن معظم المرضى لا يعرفون ما هو الخراج ولماذا يحدث؟
الخراج هو عبارة عن جيب مملوء بالقيح الناتج عن العدوى البكتيرية وأسبابه كثيرة، فقد تكون ناتجة عن وصول البكتيريا إلى ذروة الجذر السني مسببة الخراج، وذلك بسبب نخر لم يعالج فتابع طريقه لعصب السن مسبباً تموته وانتشار البكتيريا فيه.
أو بسبب معالجة خاطئة لعصب الأسنان، مما يؤدي إلى فتح طريق للبكتيريا وحدوث الالتهاب والتورم معاً، مما يدفع القيح إلى مكان ضيق مسبباً الخراج.
يترافق الخراج بألم يتراوح بين متوسط وشديد ويعالج عند طبيب الأسنان بوصف المضادات الحيوية والمسكنات المناسبة وتفريغ الخراج مع التنظيف المستمر للقنوات الجذرية، بالإضافة لمعالجة السن بشكل صحيح، وفي بعض الحالات الشديدة قد يكون العلاج قلع السن المصاب إذا لم يكن بالإمكان معالجته.
التواج
إذا كنت على موعد لبزوغ ضرس العقل في فمك فأنت على موعد مع التواج.. فما هو وما علاقته بضرس العقل؟
التواج هو التهاب في اللثة يحدث بسبب بزوغ ضرس العقل، فعندما لا يجد ضرسك المكان الكافي للبزوغ، يبزغ جزء منه بوضوح وتبقى طبقة من الأنسجة اللثوية تغطي الجزء غير البازغ من السن ويبقى منحصراً تحتها.
وبسبب عملية المضغ المستمرة وصعوبة تنظيف هذه المنطقة بالفرشاة وبقاء بعض الفضلات عالقة بين هذه الأنسجة اللثوية المغطِّة والسن تتجمع البكتيريا مسببة الالتهاب الذي عادة ما يكون مؤلماً للغاية، ويسبب انتفاخاً في الخد وتورماً.
أما عن علاجه فنوصي المريض دائماً باستعمال مضامض الفم الملحية بشكل مستمر، بالإضافة إلى مضامض الفم التي تحتوي على الكلورهيكسيدين.
ويجب الذهاب لعيادة طبيب الأسنان للقيام بتنظيف اللثة المغطية لجزء ضرس العقل، فيما قد يلجأ الطبيب للجراحة لاستئصال هذه الأنسجة اللثوية المغطية وخاصة في حال تكرار ظهور الالتهاب والورم.
بينما قد تستدعي بعض الحالات خلق ضرس العقل بالكامل خاصة إذا كان ضرس العقل يتموضع بطريقة خاطئة تحول دون بزوغه بشكل صحيح.
الكيس البزوغي
أما بالنسبة للأمهات اللواتي يعانين مع بزوغ أسنان أطفالهن الصغار فلعلهن سمعن بمصطلح الكيس البزوغي خلال زيارتهن لطبيب الأسنان، فما هو الكيس البزوغي؟
الكيس البزوغي هو عبارة عن كيس مملوء بالسوائل النسيجية والدم يحيط بالسن الآخذة بالبزوغ عند الأطفال وقد يتواجد لدى الأطفال حديثي الولادة.
يحيط هذا الكيس بالسن التي تحاول البزوغ، مما يسبب إعاقتها في كثير من الأحيان.
قد يترك ليزول من تلقاء نفسه مع بزوغ السن أو قد نضطر في بعض الحالات لإجراء شق جراحي لنساعد السن على البزوغ بشكل سليم.
التهاب الشفة الزاوي
هل شعرت في إحدى المرات بحرقة وألم في زاوية فمك مع تحديد في حركة فتح الفم؟ إذا عانيت أو كنت تعاني من أعراض كهذه فأنت مريض بالتهاب الشفة الزاوي الذي سأخبرك عن ماهيته بالضبط.
التهاب الشفة الزاوي هو حالة شائعة جداً تصيب جميع الأعمار بمن فيهم الرضع، وهو عبارة عن التهاب يحدث في زاوية الفم في كلا الجانبين أو أحدهما، يتسبب بظهور بقع حمراء قاسية مسبباً إزعاجاً للمصاب خصوصاً عند تناول الطعام والشراب، قد يشفى المصاب بعد عدة أيام أو قد تتحول لحالة مزمنة بحاجة لعلاج.
أما سبب الإصابة به فهو تعرض الشفة للعاب بشكل مستمر، مما يجعلها بيئة رطبة مناسبة لنمو البكتيريا.
وعند إصابتها بالعدوى بإحدى الجراثيم الانتهازية تظهر الإصابة، كما أن هناك أسباباً أخرى أيضاً مثل انهيار الجهاز المناعي ونقص بعض الفيتامينات وسوء التغذية.
وتعالج عادة عن طريق المراهم المضادة للفطريات إذا كانت العدوى فطرية، أو مراهم مضادة للبكتيريا إذا كانت العدوى جرثومية.
وفي حال تحولها لحالة مزمنة عصيّة على العلاج وجب هنا القيام بالتحاليل المناسبة التي يطلبها الطبيب لمعرفة السبب الكامن وراءها ومعالجته.
وفي الختام فإن جميع المصطلحات التي سبق ذكرها تعد بالغة الأهمية وفهمك لها خلال زيارتك لطبيب الأسنان يعد أمراً مريحاً لكليكما، ويجعلك تشعر بأنك على دراية كافية بالإجراءات التي سوف يتبعها معك الطبيب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.