ترك رئيس الوزراء البريطاني مدينة الضباب لندن خلفه وشدَّ الرحال نحو أبوظبي ثم الرياض لمكافحة إدمان أوروبا على الطاقة الروسية، وفق تعبيره.
لكن هذه الرحلة -ومنذ الإعلان- عنها بدت في غير محلها بحيث كان من الأجدر ألا يُحمِّل نفسه عناء مشقتها، خصوصاً أن الاستثمار في حرب روسيا مع أوكرانيا لا يشبه مطلقاً ما جرى في حرب الاتحاد السوفييتي مع أفغانستان حتى يستطيع الرئيس بوريس جونسون إيقاظ نخوة دول الخليج وإثارة حماسها، وبالتالي دفعها إلى فتح صنابير البترول إكراماً له.
لكنه إما تجاهل هذا الأمر أو حاول استغباء الأصدقاء كأنه لا فرق بين الحربين، علماً بأن هناك في أفغانستان كان بعبع الشيوعية حاضراً وأهل أفغانستان يأكلون الذبح الحلال، لذلك تحمست حينها دول الخليج، أما مع روسيا في أوكرانيا فالأمر يختلف تماماً لأن الشيوعية توارت، والمتخاصمين هناك يجمعهم لحم الخنزير على طاولة الطعام وإن فرقتهم الأهواء والمصالح، فما شأن دول الخليج وهذا الخصام؟!
لعل جونسون كان يظن أن في جعبته أوراقاً رابحة حتى استعجل القدوم إلى المنطقة، ومن هذه الأوراق ذكرياته الاستعمارية، حتى وإن كانت تفرح قلبه وتدغدغ أحلامه فإنه لم يعد لهذه الذكريات قيمة لدى دول الخليج حتى إنها لم تعد تستسيغ سماعها.
أيظن أن من أوراقه الرابحة أنه خالف كل إجراءات حكومته وتدابيرها حين تفشى كوفيد 19 ببلده؟ فلم يترك مناسبة ولا حفلة إلا وكان نجمها.
أيظن أن موقفه من غرق الناس في المانش وتقريع الرئيس ماكرون له بسبب ذلك ومنع الفرنسيين لوزيرة خارجيته من حضور مؤتمر في باريس له صلة بالهجرة غير الشرعية لم تصل أنباؤه إلى دول الخليج؟
أيظن أنه بمنع قدوم اللاجئين الأوكران، في الكواليس، إلى بلاده يكون قد عبر عن أسمى أنواع التضامن مع أوكرانيا حتى تحدث وزير داخلية فرنسا عن افتقار الإنجليز لأبسط مشاعر الإنسانية؟
أيظن أن عجزه عن حماية السفن التي تحمل العلم الإنجليزي من الخطف أو التفتيش في مياه الخليج يشجع دول الخليج على عقد شراكة أمنية معه؟
في زمن ترامب كان يؤيد جونسون كل قرار اتخذه الرئيس آنذاك واليوم كل قرار يتخذه الرئيس بايدن يلقى تأييده أيضاً. هو مجرد إشبين في العرس الأمريكي المتنقل بين دول العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.