"بطلوع الروح".. وما قبل الجعجعة
صارت أشبه بعادة تتكرر قبل كل موسم رمضاني ويقبل عليها المنتجون بنهَم كبير؛ لطالما أنها تسيل الحبر والمداد ليل نهار وتفسح المجال للخوض في معارك وهمية بين هذا الطرف أو ذاك؛ نشرح أكثر ونكشف أننا نقصد المسلسلات التي تتخذ من الملفات السياسية والتنظيمات الإرهابية محوراً رئيسياً لأعمالها؛ فقد عاد هذا الملف ليتبوأ الصدارة منذ الكشف عن "بوستر" مسلسل "بطلوع الروح" للمخرجة كاملة أبو ذكري والكاتب محمد هشام عبية ومن بطولة إلهام شاهين ومنة شلبي وأحمد السعدني وعادل كرم من لبنان وغيرهم.
الملفت أن صُناع هذه النوعية من المسلسلات يجمع بينهم قاسم مشترك واحد وهو فرض السرية التامة عليها خلال فترة التحضير وحتى التصوير قبل الكشف عن بعض تفاصيلها حين يقترب السباق الرمضاني من الانطلاقة؛ لتبدأ معها النقاشات والصخب حول صورة من هنا ومقطع فيديو من هناك؛ وحين تبدأ الأمور الجدية نكتشف أننا أمام "جعجعة بلا طحين" حيث التكرار والمعالجة السطحية لموضوع شائك وحساس يتطلب تحضيراً مطولاً قصد الإحاطة به بشكل دقيق ومميز.
طبعاً لا يمكننا حاليا أن نضم مسلسل "بطلوع الروح" لقائمة الأعمال التي فشلت في البروز لأنه من الإجحاف الحكم عن عمل لم يعرض بعد؛ بل وإن وجود مخرجة مثل كاملة أبو ذكري وفنانة انتقائية بحجم منة شلبي تحديداً يجعل سقف التطلعات يرتفع نوعاً ما؛ لكن المقصود هو الحيطة والحذر لا سيما بعد التجارب السابقة التي رأيناها ونذكر منها أولاً مسلسل "غرابيب سود " الذي خصصت له شبكة إم بي سي السعودية ميزانية ضخمة وفي الأخير اضطرت "للإجهاز" عليه حتى قبل نهاية الشهر الفضيل بعد سيل جارف من الانتقادات تجاهه.
ولم يكن حظ مسلسل "السهام المارقة" الذي أنتجته الإمارات وتحديداً "مؤسسة أبو ظبي للإعلام" أفضل من سابقه؛ وظل يراوح مكانه بنظرة قاصرة وتركيز فج على سبي النساء ومشاهد القتل المجانية دون وجود حبكة درامية محكمة وتمحيص في حيثيات هذه التنظيمات الإرهابية ووضعها تحت المجهر بقراءة فنية راقية تفضح عالمها المتشح بالعار والسواد.
قمة التريند
وبالعودة لمسلسل "بطلوع الروح" والجدل الدائر حالياً حول إلهام شاهين بالتحديد وتصريحاتها الجوفاء التي تنشد من خلالها البقاء تحت الأضواء وبالتالي نيل حظوة أكبر لدى صناع القرار في المحروسة لتصبح من عناصر "الإلهاء الرئيسية" التي يقودها محمد رمضان وعمرو أديب ومرتضى منصور وغيرهم من الأسماء الكلاسيكية التي تتقن جيداً أدوارها وتنصت للتعليمات وتنفذها بحذافيرها.
وهذا برأيي ما سعى إليه صناع المسلسل جيداً وعملوا على "استثماره" من خلال إسناد إحدى الشخصيات الرئيسية في المسلسل لبطلة فيلم "سوق المتعة"، إلهام شاهين، حيث إن تواجدها في مسلسل رمضاني وارتداءها لوشاح عليه علامة التوحيد سيكون في صالح الدعاية للعمل لا سيّما بعد سلسلة آرائها في الآونة الأخيرة.
ومن يتابع تويتر في مصر خلال الفترة الأخيرة ومنذ طرح الملصق الدعائي بالمسلسل سيرى أن اسم إلهام شاهين دوناً عن باقي الممثلين يحتل صدارة التريند بصفة مستمرة؛ وهذا ما يؤكد بجلاء "دهاء" صناعه الذين راهنوا على سجل الفنانة المكتنز بالمشاكل والصراعات أكثر من قدراتها التمثيلية والرهان عليها كبطلة يمكن أن تتقلد مسؤولية تسويق العمل لوحدها، والدليل تواجد اسم آخر من طينة منة شلبي التي كما ذكرنا تختار أدوارها بدقة متناهية وهي غائبة عن المسلسلات الرمضانية منذ مسلسل "واحة الغروب" مع خالد النبوي عام 2017.
تفصيل آخر يميز مسلسل "بطلوع الروح" ويجعل حظوظه أكبر في النجاح دوناً عن باقي الأعمال السالفة الذكر أنه ينتمي لفئة 15 حلقة فقط؛ وهذا سيف ذو حدين يتوقف عند تمكن صناعه من تحويله لعامل يخدم العمل من خلال عنصر التكثيف والرفع من إيقاع الأحداث والابتعاد عن الرتابة والملل كما يحدث في الغالب مع مسلسلات الثلاثين حلقة.
فهل سينجح مسلسل "بطلوع الروح" حيث فشل الآخرون أم يكون حلقة في سلسلة "غرابيب سود" و"السهام المارقة"؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.