نيران كييف قد تفجر “القنبلة الموقوتة” في جنوب أوروبا.. ماذا يدور في البلقان؟

عدد القراءات
1,116
عربي بوست
تم النشر: 2022/03/15 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/15 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش يستقبل نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بلغراد عاصمة صربيا في مطلع 2019/رويترز

تتمتع منطقة البلقان بأهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، وهو ما تفسره الروابط الثقافية والدينية والسياسية بين سكان روسيا وشعوب البلقان، كما أن نفوذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في دول البلقان في تزايد منذ اعتراف الولايات المتحدة بإقليم كوسوفو دولةً مستقلة عن صربيا، والذي سبقها دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للبوسنة في حربها ضد الصرب.

لذلك سنجد أن تلك المنطقة تمثل منطقة صراع أشد وطأة من الحرب الأوكرانية، حيث تنتظر البوسنة وصربيا وكرواتيا الانضمام للاتحاد الأوروبي، وخلال السنوات التسع الماضية كانت العلاقات الدولية في منطقة البلقان تتطور بشكل ديناميكي، ويرجع ذلك إلى توزيع مناطق النفوذ في المنطقة، التي يشارك فيها اللاعبون الخارجيون الكبار مثل روسيا، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والصين، خصوصاً بعد أن حاول قادة الاتحاد الأوروبي طمأنة نظرائهم من دول غرب البلقان خلال قمة في سلوفينيا في شهر 10 من العام الماضي، بشأن مسار ضم ألبانيا والبوسنة وصربيا والجبل الأسود وجمهورية مقدونيا الشمالية وكوسوفو إلى الاتحاد.

نعم، لا يوجد تقدم ملموس في هذا الملف حتى الآن لكنه يمثل تهديداً مباشراً لروسيا ونفوذها في المنطقة، كما أن التململ الأوروبي بشأن فتح الاتحاد أبوابه لهذه الدول، يزيد من احتمال اختيار بعضها التقرب من روسيا والصين بصورة كاملة وإعلانهم التخلي عن هذه الرغبة وبالأخص دولة صربيا التي أعلنت رفض تنفيذ العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي سيكون تركيزنا كبيراً عليها، لذلك سنتحدث في مقالنا عن منطلقات الصراع والنفوذ الروسي مع الولايات المتحدة والغرب في دول البلقان.

النفوذ الروسي في دول البلقان (صربيا نموذجاً)

تعتبر العلاقات الروسية القوية مع صربيا ذات أهمية كبيرة، وطالما اعتبرت الحليف الرئيسي لروسيا في المنطقة، ورغم ذلك لا يقتصر التعاون الثنائي على الخلفية التاريخية في أثناء الحقبة السوفييتية، حيث تتخذ موسكو وبلغراد موقفاً مشابهاً بشأن العديد من القضايا الدولية وتطوران مشاريع اقتصادية وبِنى تحتية ومشاريع طاقة مشتركة، كما أن روسيا تستخدم القوة الناعمة في صربيا والعديد من دول البلقان.

في عام 2013 أقامت الدولتان اتفاقيات شراكة استراتيجية، الدولة الصربية تقع في مناطق نفوذ الغرب والهيمنة الأمريكية رغم ميولها للشرق "روسيا والصين"، حيث تحاول موسكو وبلغراد دعم بعضهما البعض على الساحة الدولية، لذلك فإن روسيا تدعم صربيا في قضية كوسوفو ولا تعترف باستقلالها، كما لا تطبق صربيا العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا.

يتطور التعاون بين روسيا وصربيا في المجال العسكري بشكل كبير، حيث تزود روسيا صربيا بالعديد من المعدات العسكرية، وتشارك صربيا في التدريبات العسكرية التي تجمع كلاً من روسيا وبيلاروسيا.

في عام 2020 اتفقت موسكو وبلغراد على فتح مكتب تمثيلي لوزارة الدفاع الروسية في صربيا ويوجد أيضاً مركز إنساني مشترك، أما بالنسبة للوضع في كوسوفو فقد أعلنت روسيا دعمها الدبلوماسي للجانب الصربي.

كما يتميز التعاون الاقتصادي بين البلدين بنمو التجارة والاستثمار في الاقتصاد الصربي، فوفقاً لبيانات الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، بلغ نمو التجارة الثنائية بين روسيا وصربيا 20%.

ويمكننا القول إن العلاقات الروسية الصربية في أعلى مستوياتها، لذلك رفضت صربيا دعوات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمشاركة في توقيع عقوبات على روسيا، مبررة ذلك بمصالحها الوطنية، رغم أن رئيسها صرح بأن هجوم موسكو على أوكرانيا يعد انتهاكاً للقانون الدولي، إلا أنه صرح أيضاً برفضه لتلك العقوبات واصفاً عدم المشاركة في توقيع عقوبات ضد روسيا بالقرار العادل لأن موسكو تدعم محاولة صربيا للاحتفاظ بمطالبتها بإقليم كوسوفو.

الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة النفوذ الروسي في دول البلقان

لقد انضمت العديد من دول البلقان إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وتمثل البوسنة وصربيا أهم فرصة للمنافسة العالمية من الصين وروسيا، والأهم من ذلك تمثلان أكبر تهديد للاستقرار في المنطقة، فكوسوفو أعلنت استقلالها عن صربيا في 17 فبراير/شباط 2008، وقد اعترفت بها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية ودول أخرى في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك لا تعترف كل من الصين وروسيا بكوسوفو وتقيدان مشاركتها اقتصادياً ودبلوماسياً.

هذا الرفض للاعتراف بكوسوفو يضع كلاً من الصين وروسيا في وضع أفضل مع صربيا، لكن من المحتمل أن يقيد نفوذهما في مناطق أخرى من البلقان وهو ما يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منه.

الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين/رويترز

نظراً لأن صربيا تستعد لتلقي الدعم من الصين وروسيا والولايات المتحدة، يمكن القول إن الجغرافيا السياسية لصربيا تلعب دوراً قوياً في المنطقة كما تعد صربيا واحدة من أقوى الحلفاء لروسيا والصين في المنطقة، لقد استمرت الولايات المتحدة في الشراكة مع صربيا، فمنذ عام 2001 قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من مليار دولار، مع التركيز على النمو الاقتصادي، وتعزيز البنية التحتية للبلاد بالإضافة إلى ذلك، دخل الحرس الوطني في أوهايو في شراكة مع صربيا منذ عام 2006 كجزء من برنامج شراكة الدولة، حيث أجروا تدريبات مشتركة ويؤكد هذا الدعم طويل المدى على الأهمية التي تراها الولايات المتحدة في دور صربيا في منطقة البلقان الكبرى.

العلاقات بين الولايات المتحدة وصربيا

بدأت صربيا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في يناير/كانون الثاني 2014 وتبنت هدف عضوية الاتحاد الأوروبي كأولوية استراتيجية، وتواصل الولايات المتحدة دعم جهود صربيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن انضمام صربيا مشروط بسيادة القانون والإصلاحات الاقتصادية، فضلاً عن تطبيع العلاقات مع كوسوفو عبر الحوار الذي ييسره الاتحاد الأوروبي، والذي بدأ في عام 2011 بدعم قوي من الولايات المتحدة.

تدعم الولايات المتحدة جهود صربيا وكوسوفو من أجل التنفيذ الكامل لاتفاقيات الحوار التي تم التوصل إليها حتى الآن وللمساعدة في تحريك كلا الجانبين نحو التطبيع الكامل الذي يتمحور حول الاعتراف المتبادل.

الشراكة الأمنية والاقتصادية بين صربيا والولايات المتحدة

يعد برنامج شراكة الدولة الثنائية الذي يقوده الحرس الوطني في ولاية أوهايو حجر الزاوية في العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة الامريكية وصربيا، فطوال 15 عاماً من الشراكة، عملت أوهايو وصربيا معاً لتعزيز فرص التدريب المشترك، بمتوسط ​​20 حدثاً سنوياً، تقام إما في صربيا أو أوهايو.

كانت صربيا أيضاً مشاركاً نشطاً في برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف الناتو لأكثر من عقد، وكانت الولايات المتحدة داعماً ثابتاً لجهود صربيا لتعزيز علاقتها مع الناتو، على وجه الخصوص مساهمات صربيا في الجهود المتعددة الأطراف للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الهادفة إلى توفير القدرات الطبية، وهزيمة داعش، ومكافحة الإرهاب، كما دخلت الولايات المتحدة وصربيا في شراكة لأكثر من عشر سنوات من خلال برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي الذي يسمح للضباط وضباط الصف العسكريين الصرب والأمريكان بالتدريب معاً، كما قدمت الولايات المتحدة لصربيا برامج التمويل العسكري الأجنبي وما يقرب من 28 مليون دولار من المساعدة الأمنية لصربيا لتحديث الدفاع ومعدات عمليات حفظ السلام والتدريب.

ومنذ عام 2009 قدمت الولايات المتحدة ما مجموعه 40 مركبة ذات عجلات متعددة الأغراض عالية الحركة (HMMWVs / Humvees)، ومعدات البناء، بالإضافة إلى أكثر من 7 ملايين دولار في مشاريع المعدات لتطوير مركز تدريب عمليات حفظ السلام الإقليمي التابع للقوات المسلحة الصربية في القاعدة الجنوبية لدعم مشاركة صربيا في عمليات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي متعددة الجنسيات حول العالم.

استثمرت الشركات الأمريكية حوالي 4 مليارات دولار في صربيا وتوظف أكثر من 20 ألف عامل هناك، ومن بين المستثمرين الأمريكيين البارزين في البلاد، شركة "إن سي آر، وفيليب موريس، ومولسون كورس، وبول تغليف، وكوكا كولا، وبيبسيكو، وكوبر تاير، وأميتيك، وفان درونين فارمز".

كما كان هناك اهتمام متزايد من شركات تكنولوجيا المعلومات الأمريكية، مع التركيز بشكل خاص على الفرص المتاحة في الحكومة الإلكترونية، والرقمنة، وتكامل الأنظمة، وأمن تكنولوجيا المعلومات، وتمتلك كل من NCR وMicrosoft و Oracle و FIS و IBM عمليات مهمة متعلقة بتكنولوجيا المعلومات في صربيا، إلى جانب عدد متزايد من الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المعلومات.

مستقبل الصراع الروسي الغربي في دول البلقان

يساعد النفوذ الروسي في البلقان على توجيه التركيز الغربي بعيداً عن التكتيكات الأكثر إثارة للقلق في أماكن أخرى مثل تعزيز التواجد العسكري الروسي في بحر آزوف وفي مضيق كيرتش، والحرب الأوكرانية، وكذلك خط الحدود المتحرك لأوسيتيا الجنوبية، وعمليات التأثير الروسي التي تستهدف أرمينيا. بالنسبة لروسيا تعتبر البلقان أداة تستخدم لصرف الانتباه عن الأنشطة الأخرى، وللتأثير على المؤسسات الأمنية والاقتصادية الأوروبية.

ومع ذلك لا تستطيع موسكو أن تكون قادرة على تأكيد نفسها قوةً بارزة في جنوب شرق أوروبا "دول البلقان"، حيث تتنافس على النفوذ ليس فقط مع الغرب ولكن أيضاً مع الصين وتركيا، وحتى دول الخليج العربي لديها نفوذ اقتصادي قوي في المنطقة، ورغم زيارة المسؤولين الحكوميين الروس البلقان بشكل متكرر، ووعودهم بزيادة التجارة والاستثمار، فلا تنتج روسيا إلا القليل مما تحتاجه المنطقة بخلاف الطاقة، ولا تصنع السلع الاستهلاكية التي يريدها معظم المواطنين في البلقان، وغالباً ما تفشل في الوفاء بوعودها المتعلقة بالقروض أو الاستثمار.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش/رويترز

على النقيض من ذلك أظهر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تركيزاً أكبر على البلقان من خلال استراتيجيته لعام 2018 المخصصة للمنطقة، حيث تتضمن إمكانية ضم أعضاء جدد من المنطقة إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2025، حيث أدت سنوات من المشاركة السلبية والوتيرة البطيئة للمشروع الأوروبي إلى زيادة الإحباط في دول البلقان.

كما لا يزال العديد من الأوروبيين حذرين من التوسع في منطقة البلقان، نظراً لمجموعة المشاكل الداخلية التي تواجه الاتحاد الأوروبي وأن العديد من الدول الأعضاء من وسط وشرق أوروبا قد تراجعت ديمقراطياً مع استمرار الفساد ونقص سيادة القانون، وبالرغم من الاستراتيجية الجديدة لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوروبا والولايات المتحدة مستعدة أو قادرة على تخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لمساعدة الطامحين من دول البلقان للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أم لا.

ومما سبق نستطيع القول إن الصراع الروسي الغربي في دول البلقان بالنسبة لروسيا يمثل ضربات خلف خطوط العدو لصرف تركيز أوروبا عن الطموح الروسي في احتلال أوكرانيا والسيطرة الكاملة على جورجيا، ولذلك تفطن الولايات المتحدة للمخططات الروسية، ولذلك تسعى لتفعيل دور الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في منطقة شرق أوروبا وتضع شراكتها العسكرية مع صربيا من أولوياتها، ولذلك يمكننا القول إن الصراع الروسي الغربي في أوكرانيا، سيتمدد بصورة أو بأخري في دول البلقان وبالأخص في صربيا مستقبلاً، مما يضع الأمن الأوروبي تحت التهديد المباشر إن لم تستعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمنع قيام صراع جديد بين صربيا وبين كوسوفو.

وكما ترى الولايات المتحدة لكي تظل قادرة على الحفاظ على مكانتها في شرق أوروبا، يجب أن يكون لديها سياسة خارجية شاملة لمواجهة التحديات داخل دول البلقان، لأن التكتيكات العدوانية من الصين وروسيا يجب ألا تتحملها وحدها، بل يجب أن تتحمل فاتورتها أيضاً ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، لأن دول البلقان لا تركز بشكل كبير على الولايات المتحدة للتجارة أو الدعم العسكري مقارنة بالمناطق الأخرى على مستوى العالم.

لذلك تواجه إدارة بايدن مهمة صعبة، لذلك فإن استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية المستهدفة في دول البلقان هي تعظيم دور حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي، وهذه الاستراتيجية تسمح للولايات المتحدة بتخصيص قدراتها لأولويات في أنحاء العالم مثل القضية التايوانية.

ماذا تعني حرب أوكرانيا لمنطقة البلقان؟

يوم 28 فبراير/شباط استضاف البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير دول غرب البلقان قمة الاستثمار مع قادة ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو، وحضر كل من الجبل الأسود ومقدونيا وصربيا، على الرغم من أهمية البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فإنه يعتبر أكبر مستثمر مؤسسي في المنطقة، حيث قدم أكثر من 17 مليار دولار للاستثمار في معظم دول البلقان.

قمة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار التي عقدت نهاية الشهر الماضي كانت مجرد قمة دورية، لكن مع وجود الأزمة الأوكرانية. ففي اليوم الذي أعلن فيه عن القمة يوم 24 فبراير/شباط هو نفس اليوم الذي بدأت فيه روسيا حملتها العسكرية على أوكرانيا، وجاء رد الفعل الأوروبي في منطقة البلقان من خلال إعلان الاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك أنه زاد عدد قواته هناك، وقال إن ما قام به إجراء احترازي بسبب تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا.

البوسنة ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستضيف قوات حفظ السلام، فتوجد قوات أيضاً في إقليم كوسوفو بقيادة الناتو بقوة 4000 جندي، فعندما تصاعد التوتر بين صربيا وكوسوفو في منتصف الشهر الماضي أعاد للأذهان حقبة الصراع الصربي البوسني، حيث تشتهر منطقة البلقان بعدم الاستقرار، فالبوسنة على سبيل المثال تتكون من كيانين مستقلين وهما جمهورية صربسكا ذات الأغلبية الصربية واتحاد البوسنة والهرسك، يسكنها بشكل رئيسي البوشناق والكروات وتم تشكيل حكومتها بموجب اتفاقية دايتون في عام 1995 التي كانت تنص علي تقاسم السلطة بين ثلاث مجموعات عرقية.

ورغم أن البوسنة تسعى بكل قوة للانضمام للاتحاد الأوروبي، فإن قادة إقليم صربسكا والذي تعترف به صربيا جمهوريةً مستقلة عن البوسنة يغذي النزعة القومية في المنطقة، مما يهدد بنشوب صراع جديد هناك بين صربيا والبوسنة قد يكون له تأثيره المباشر على أمن منطقة البلقان وبالتالي تهديد الأمن الأوروبي.

الدعم الروسي لانفصاليّي جمهورية صربسكا

روسيا ليست ببعيدة عما يحدث في المنطقة، بل تغذي وتدعم الأقاليم الانفصالية هناك. ففي شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وافق برلمان جمهورية "صربسكا" على سحب موظفيه من أهم ثلاث مؤسسات فيدرالية وهي الجيش والقضاء والضرائب تدريجياً، فيما يعد أولى خطوات تحقيق المساعي الانفصالية التي يتزعمها الزعيم الانفصالي ميلوراد دوديك، وتظهر أهمية الحديث عن دعم روسيا الخفي لما يحدث.

ففي عام 2018 فجّر موقع "زورنال" الإخباري في البوسنة مفاجأة، بكشفه لميليشيات عسكرية تأسست لدعم المساعي الانفصالية لصرب البوسنة تسمي نفسها "الشرف الصربي" تم تدريبها من قبل قوات شركة فاغنر الروسية، وهذه التكتيكات التي تتبعها روسية لمواجهة الولايات المتحدة والدول الأوروبية تتشابه في العديد من مناطق الصراع في العالم، بداية من دعم روسيا للانفصاليين في إقليم دونباس مروراً بالعديد من أماكن الصراع في العالم، على سبيل المثال مالي، حيث حلت موسكو مكان باريس من خلال شركة فاغنر كما ذكرنا في مقالنا السابق المعنوَن "انسحبت فرنسا من مالي ودخلت (فاغنر).. هكذا تحتال روسيا لتملأ فراغ الغرب الإفريقي".

مجموعة من مرتزقة روس يتبعون شركة "فاغنر" الأمنية/ مواقع روسية

الخاتمة

روسيا أثبتت وجودها في دول البلقان وتنافس بقوة الوجود الأوروبي من خلال دعمها للانفصاليين وكسب دعم حكومات بعض دول المنطقة مثل صربيا، وفي المقابل تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها في البوسنة والهرسك وألبانيا وباقي دول البلقان لمواجهة النفوذ الروسي.

فيبدو أن كواليس الحرب الروسية الأوكرانية تحمل الكثير من الخفايا، ففي الخلفية صراع محتدم بين الروس من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى في دول البلقان، ويحمل هذا الصراع في طياته انفجاراً للوضع الأمني لشرق أوروبا بالكامل في حالة عدم الوصول في الأزمة الأوكرانية لحلول سريعة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إسلام زعبل
صحفي وباحث سياسي مصري
صحفي وباحث سياسي مصري، تهتم أعمالي البحثية بمجال الجيوبوليتيك، والدراسات الأمنية، ونظريات العلاقات الدولية، وسياسات القوي الكبرى والإقليمية وبالأخص قضايا الشرق الأوسط
تحميل المزيد