هل يحق لليبيا أن يكون لها موقفٌ في أزمة أوكرانيا!
في البداية علينا أن نُعيد صياغةَ السؤال ليكون: هل يحق للدول الضعيفة أن تدلي بدلوها في أزمة أوكرانيا وأن يكون لها موقف يعادي طرفاً بعينه؟ هكذا أصبح تساؤلي أفضل!
ففي بيان شديد اللهجة ناشدت وزارة الخارجية الليبية روسيا أن تتراجع عن شن أية عملية عسكرية ضد جمهورية أوكرانيا. ورفضت الوزارة في بيانها الاعتراف باستقلال جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية. وجددت الوزارة "رفضها القاطع للتواجد غير الشرعي لقوات فاغنر في كل من جمهوريتي أوكرانيا وليبيا.
لم يمر هذا البيان مرور الكرام ولم يتم تجاهله من قبل قطاع كبير من المثقفين والنشطاء وأيضاً رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين صبوا جام غضبهم في التعليقات والتغريدات واصفين البيان "بالمضحك"!
وهو في الحقيقة "نعم مضحك".
فليبيا دولة هشة عاشت حرباً أهلية خلال الأعوام الماضية وتشهد انقساماً منذ ما يقارب الـ7 أعوام، ناهيك عن صراع الميليشيات الذي يستيقظ كل مرة في غرب البلاد وشرقها وجنوبها.
تخيل عزيزي القارئ أن يكون لك منزل لا سقف له وأن تشهد عاصفةً تلو أخرى وأنت تقطن هذا المنزل المتهالك. المطر يبلل أهل منزلك والصقيع يتغلغل في عظامهم، لكنك تجد الفرصة أحياناً لتخرج من نافذة منزلك غير المغلقة حتى تصرخ على الجيران وتطالبهم بأن يعملوا على إصلاح منازلهم المتهالكة!
يستمع أهل منزلك لصوت صياحك ويصيبهم ذهول من اكتراثك بالجيران وأنت تعيش وضعاً أسوأ منهم!
بطبيعة الحال "سيغضب أهل المنزل وسيضحك الجيران!" فأنت تعيش وهماً يجعلك غافلاً عن حقيقة وضعك البائس.
هذه طبعاً ليست المرة الأولى التي تخاطب فيها وزيرة الخارجية الليبية دولاً "كبيرة" بخطاب لا يمكن أن نصنفه إلا بأنه "بعيد عن الدبلوماسية تماماً"!
ودعونا نقول إن من أخبرونا أننا لا يجب أن نرمي الناس بالحجارة إن كانت بيوتنا من زجاج هم حتماً لم يكذبوا!
فلربما حين أخبروا "سيرغي لافروف" ببيان الخارجية الليبية قد ضحك ملء شدقيه، ولربما لم يلتفت له بالمطلق وهو المرجح. فالموقف الدولي تجاه ليبيا وخطابها في هذه الأزمة أشبه ببعوضة لا تتوقف عن الإزعاج فتُسحق بما نطلق عليه في ليبيا "ضرابة الذبان" ولا يلتفت لها أحدٌ حقاً!
ونعجب من هذا بينما تتوغل روسيا بمرتزقة فاغنر في الداخل الليبي وتطعن في خاصرة الوطن منذ سنوات، ولم يتحرك المجتمع الدولي، فلماذا نسعى نحن إلى اللحاق بركب المجتمع الدولي وإبراز بيانات الشجب والإدانة؟ ألم يكن الأولى أن نلفت النظر إلى هذه الزاوية؟
ليبيا هي دولة بائسة -حالياً- وبسيطة مقابل دول العالم العظمى، ولا أحد يطلب منها موقفاً "لا سيما موقفاً معادياً" في الوقت الذي خرجت فيه دول عربية أخرى تعيش استقراراً وهي قريبة من التحالف المعادي لروسيا حالياً، خرجت بخطاب متوازن يدعو لتهدئة من قبل الطرفين لا أكثر.
نعود الآن لسؤالنا الأول: هل يحق للدول الضعيفة أن تدلي بدلوها في أزمة أوكرانيا وأن يكون لها موقف يعادي طرفاً بعينه؟
إجابتي: "فلتبكِ على خيبتها أولاً"!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.