السيسي ناقداً فنياً.. لماذا لم يرضَ السيسي عن “الإرهاب والكباب” وماذا يريد بدلاً منه؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 13:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/21 الساعة 06:39 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

كأي مواطن مصري متابع لأحاديث السيسي في الفعاليات والمؤتمرات التي تنظم بشكل دوري، فقط كي تسنح الفرصة للرئيس أن يعلق على ما يحدث في الشأن العام، فقد تكون معتاداً على تطرق السيسي لأمور يعتبرها البعض ليست من اختصاصه، فالرجل الذي تسبب في جلب حسام البدري لقيادة المنتخب المصري لكرة القدم قبل عامين من الآن، بعد أن عبّر بوضوح عن رغبته في أن يتولى القيادة الفنية لمنتخب مصر لكرة القدم مدرب وطني، استغل حضوره في فعاليات مؤتمر تنمية الأسرة المصرية بالأمس للحديث هذه المرة عن قضية غلاء الأسعار، المتسببة في حالة احتقان شعبي في مصر.

اللافت للانتباه هنا هو استعانة السيسي أثناء حديثه بأحد الأفلام الأيقونية في تاريخ السينما المصرية، وهو فيلم "الإرهاب والكباب"، الذي قام ببطولته الفنان عادل إمام، وكتبه السيناريست الراحل وحيد حامد، وقام بإخراجه شريف عرفة، ليكون وقتها ثاني أعمال الثلاثية الشهيرة التي جمعت إمام بحامد وعرفة، واحتلت شباك التذاكر مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

وعلى غير المتوقع لم يبدُ السيسي معجباً بفيلم "الإرهاب والكباب"، بل وصفه بـ"التحريضي ضد الدولة"، بل ذهب بعيداً بالربط بينه وبين تظاهر المواطنين ضد نظام مبارك في ثورة يناير 2011، في وقت يعتبر فيه الكثيرون أن هذه الثلاثية "حامد إمام عرفة" قد كونت خصيصاً لامتصاص أي غضب شعبي قد يتكون ضد نظام مبارك آنذاك.

فرغم تعبير أفلامهم عن بعض الاختناق الشعبي، فإنها تصب جل الغضب ضد الحكومة أو بعض المسؤولين الفاسدين، لتبييض وجه رأس النظام، ولامتصاص الغضب الشعبي بعض الشيء.

فلماذا تخلَّى السيسي عن هذه الوصفة السحرية إذاً؟

على خلاف الكثير من الرؤساء في المنطقة، وربما في العالم، يهتم السيسي بنفسه بمتابعة الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية، وكذا البرامج الحوارية التي يتحدث خلالها من وقت لآخر، عبر مداخلات هاتفية مع أبرز الإعلاميين.

وقبل أشهر قليلة من الآن لم يفوت السيسي ظهور الكاتب المعروف عبد الرحيم كمال على فضائية صدى البلد، لنتفاجأ نحن وكمال باتصال السيسي خلال البرنامج، للتعبير عن إعجابه الشديد بمسلسل القاهرة كابول، الذي خطّه عبد الرحيم لصالح شركة سينرجي المقربة من المخابرات، وقام ببطولته عدد من كبار النجوم، وتناول حقبة ازدهار الجماعات "الجهادية"، والحرب الأمريكية على أفغانستان وتأثيرها على المجتمع المصري.

ولم يُنهِ السيسي مداخلته بالبرنامج قبل أن يشيد بأفكار عبد الرحيم كمال، معتبراً كمال واحداً من قادة ما سمّاها "معركة الوعي"، التي تقودها مصر الآن ضد الأفكار الظلامية، ويطلب منه أن يكتب المزيد من هذه الأعمال، مؤكداً له أن الدولة ستدعم بنفسها تلك الأعمال الفنية.

وكمال لم يكن الوحيد الذي حصل على هذا الدعم الرئاسي، فقد سبقه عدد كبير من الفنانين الذين ظهروا أمام السيسي في الكثير من الفعاليات الوطنية، بعد أن شاركوا في أعمال تتناول الواقع السياسي الذي تعيشه مصر، وكذلك الخطاب الديني الموجّه للمواطنين، مثل أبطال مسلسل الاختيار بجزئيه، وقبلهم فيلم الممر، الذي تناول بطولات جنود الجيش المصري وضباطه إبان حرب الاستنزاف. وجميع تلك الأعمال أيضاً كانت من إنتاج شركة سينرجي المقربة من المخابرات العامة.

فلم يفُت السيسي أيضاً خلال تلك الفعاليات وصف هؤلاء النجوم بالأبطال، واعتبارهم أحد جنود المعركة التي يخوضها شخصياً لتنوير المجتمع المصري.

ماذا يريد السيسي بدلاً من "الإرهاب والكباب"؟

ومن خلال المقارنة بشكل بسيط بين رأي السيسي في الأعمال التي تنتجها شركة سينرجي، التي تدعم أفكاره الشخصية حول الواقع السياسي الذي تعيشه مصر، أو الخطاب الديني الملقى على أذهان شعبها، وبين رأي السيسي الخاص في فيلم "الإرهاب والكباب"، يمكننا بسهولة أن نفهم وصفة السيسي في ثوب الناقد السينمائي للأعمال الفنية الوطنية، والأعمال الفنية التي تحارب الوطن وتقف حائلاً أمام تقدمه.

فالرجل يبحث عن أفلام تروّج لأفكاره، وتؤرّخ إنجازات أجهزته الأمنية رغم التحفظات الحقوقية الدولية على عمل هذه الأجهزة، وإدانتها في كل المحافل الدولية، ومن كل المنظمات الأممية تقريباً، وآخرها كان الاتحاد الأوروبي، الذي عبّرت جميع دوله الأعضاء عن استيائها من أوضاع حقوق الإنسان وتعامل الأمن المصري مع المواطنين، خلال قمة عُقدت في عام 2021.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر عادل
صحفي مصري
حاصل على بكالريوس الإعلام
تحميل المزيد