منذ 24 فبراير/شباط 2022 ونحن نتابع على الصعيد العالمي بقلق وخوف وعدم ارتياح ما يقع بين روسيا وأوكرانيا، فانعكاسات الاجتياح الروسي ستنتج أضراراً على مجموعة من الأصعدة لا في المنطقة الأوروبية الشرقية أو في العالم الغربي الذي يشاهد ويتكلم ويعلق بدون تدخل مباشر.
وبالتأكيد، لا أحد يريد أن يتدخل عسكرياً أو يموت جنوده وسط الأراضي الأوكرانية بينما الرئيس الأوكراني يتكلم عن خذلان عالمي أمام الدب الروسي، الغرب سارع بفرض العقوبات الاقتصادية والمالية، وبوتين طالب -ضمنياً- الجيش الأوكراني بالانقلاب على الحكومة، وجميع الدول لا تريد أن تندلع حرباً عالمية ثالثة لأنها ستكون طاحنة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فلا ننسى ما وقع بين سنة 1939 و1945 حين كان العالم على حافة "أبوكاليبس" بمفهومها المعاصر.
القلق الموازي لما سبق هو انعكاس هذا الاجتياح على باقي بقاع العالم، طمع الصين وتهديداتها لتايوان التي تلوح في الأفق، كوريا الشمالية وتجاربها النووية المتواصلة، كذلك حلفاء الروس المتواجدون في جميع أرجاء العالم، مثل أمريكا اللاتينية والتقارب الفنزويلي والكوبي مع روسيا وتقديم دعم عسكري لها لتشكيل تهديد مباشر في وجه الولايات المتحدة وتعزيز القدرة العسكرية والنفوذ الروسي بأكثر من بؤرة في أرجاء العالم.
إلى الآن يمكن القول إن مجال الحرب نفسها ضيق محصور في أوروبا الشرقية، لكن لا نعلم ما يحمله المستقبل من أحداث، غير أن الملاحظ وبعد ما يقل عن يومين وجدنا أن جميع السلع قد زيد في ثمنها بشكل يلهب جيوب المواطن المتواضع الفقير، أثمنة المحروقات في ارتفاع والمواد الأولية مثل زيت المائدة والغاز والقمح على سبيل المثال، كلها أسعارها ارتفعت.
المغرب بين الجفاف وارتفاع الأسعار وحرب لم تكن في الحسبان
قبل أسابيع قليلة شهد المجتمع المغربي اضطرابات شعبية؛ إذ يعاني المغرب من موجة جفاف خانقة، مما جعل الملك محمد السادس يتدخل شخصياً بإعطائه توصيات لدعم القطاع الفلاحي لأنه المتضرر الكبير.
لكن ذلك لم يمنع خروج المواطنين للاحتجاج وسط العديد من المدن ضد الحكومة وعدم تفاعلها الجدي مع المواضيع الاجتماعية، فرئيس الحكومة يعطي أهمية للجرعة الثالثة من لقاح كورونا بينما الفقراء والطبقة المتوسطة التي تعتبر محرك الاستهلاك ووقود المجتمع الرأسمالي تعاني. وخير مثال ما وقع في منطقة "الأحد أولاد جلول" من نهب وسرقة وسط سوق في مشهد يلخص عمق الأزمة.
الآن أوكرانيا في أزمة وحرب، وأجواؤها واقتصادها وحدودها في حالة استنفار، ويعتمد عليها المغرب فيما يخص استيراد القمح والحبوب، فكيف ستعالج الحكومة المغربية هذه الكارثة؟
يوم 25 فبراير/شباط 2022 نشرت الحكومة مخرجات الحوار الاجتماعي مع بعض النقابات من أجل النقاش في هذه الظروف المعيشية الصعبة، فانتهى النقاش بمخرَجات لم تطبق حتى الآن، لكننا نرجو تطبيقها، خاصة دعم المواد الاستهلاكية والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن والدعم المباشر.
خطوة مستحسنة كذلك فيما يخص فتح قناة الحوار والإنصات المتبادل، نتمنى أن يتم إشراك المجتمع المدني فيها وأن تكون الكلمة المغربية موحدة خاصة أن العالم ربما على أبواب حرب عالمية، وما نحتاجه الآن هو الاتحاد بينما العتاب في وقت آخر.
ومعالجة المشاكل الاجتماعية للمغاربة ليست سهلة خاصة أن الحكومة الحالية تولت زمام الأمور بتركة غير مشرفة وتاريخ لـ10 سنوات مؤسفة من تولي العدالة والتنمية زمام الحكومة، الآن هو الوقت المناسب للعمل على الوعود، بينما الشارع المغربي في سخط، والعالم يتأهب للحرب التي تمتد يميناً ويساراً وتصل آثارها حتى هنا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.