وعود بملايين ومنزل وحج وعمرة ولم تتحقق.. هكذا استُغلت أسرة الطفل المغربي ريان للتربح من مأساته

عدد القراءات
895
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/24 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/24 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
والد ووالدة ريان / التليفزيون المغربي

حرَّكت فاجعة الطفل ريان مشاعر وقلوب الجميع، عشنا تفاصيلها منذ أن صارت قضية وطنية لتصبح بعدها قضية عالمية يتابعها الجميع على قنوات العالم. ريان الشهيد الصغير، الذي رسخ قيماً وأحيا خصالاً كنا نظن أنها ماتت مع العولمة والموجة التي يتجه معها العالم من أنانية وانعدام لحسِّ التطوع، فاجعة كشفت صور التضامن والتكافل والعمل، والصبر، والقوة، والإيمان.

لأننا كل يوم وكل ساعة كنا نتابع الوقائع من كثب ومن تحت الأغطية الدافئة، كان هناك رجال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يناضلون ويبحثون عن أي طريقة للوصول بسرعة للطفل وإخراجه. الطفل ريان كان سبباً في ثورة اجتماعية، حرَّكت النفوس وأظهرت كثيراً من المشاعر الصادقة التي يمكن أن نقول وباختصار، إن مجتمعنا -رغم كل شيء- ما زال على خير.

لكن من جهة أخرى هناك جانب مظلم في القضية، مثل الاستغلال وموت الضمائر والوعود الكاذبة والاسترزاق من كوارث الناس والهوس الإلكتروني بجمع التفاعل الذي يساوي المال، ونشر عناوين وأخبار زائفة بقصد تجييش النفوس، خاصةً أن الجميع كان ينتظر بلهفة وحماسة، نهاية سعيدة.

استغلال من أجل "الريتش"

الكل تابع كثرة العناوين في بث مباشر لمجموعة من المنابر الصحفية التي لعبت دوراً كبيراً في تغطية الحادث، ورأينا منها بعض العناوين الملغومة لاستدراج المشاهد واللعب على نفسيته، هذه المنابر ورغم اختلافنا مع بعض عناوينها، أو مع مسارها أو خطها التحريري فقد قدمت تغطية ليست بالهينة، لأن الأمر كان يحتاج إلى مجهود لتصوير الواقعة مباشرة ليل ونهاراً، خاصةً أن الجمهور ينتظر الخبر العاجل من مكان الحادث، وهذا يُحسب لها. 

غير أن الفخ الذي وقع فيه الجميع وبدون استثناء، هو الهوس برفع عدد المشاهدات، واستغلال المأساة، وعدم التحلي بأخلاقيات مهنة الصحافة بنشر أخبار عاجلة غير موثوقة.

ما السبب في هذا؟ الجواب وبصدق، أننا نفتقر إلى قانون ونصوص تؤطر هذا النوع الجديد من التغطية، الكل يصور بكاميرا أو هاتف وينشر بثاً مباشراً عبر منصات التواصل الاجتماعي بدون مرجعية أو قواعد منظمة.

أسرة ريان بين بيع الوهم والوعود الكاذبة

بعد النهاية المحزنة التي أثرت في الجميع بدون استثناء لأكثر من 5 أيام والعمل الشاق الذي واكب عملية الاستخراج، ظهر الإحسان العلني واستغلال من نوع آخر، هناك من الفنانين من أعلن تقديمه المال، فهل وصل إلى الأسرة؟ الجواب لا، هناك من قدَّم وعداً بمنزل مجهز وكبير لأسرة "عم علي الصحراوي" الذي لم يدخر جهداً في عملية الإنقاذ، هل وصل إليه شيء من منزل الأحلام هذا؟ لا. أعلن شخص آخر، التبرع بمليوني ريال، هل وصلت إلى العائلة؟ الجواب لا أيضاً.

فضلاً عمن نصَب في ظل هذه الأزمة بوقاحة، وقام بنشر حساب بنكي يخص الأب فهل هو له أم أنه لشخص بدون ضمير ينتهز الفرصة؟ وآخر أعلن عن إهداء رحلتي عمرة وحج إلى والدي ريان، والكثير من مثل هؤلاء ممن وجدوا الاسترزاق من جروح أسرة فقيرة ليست لديها أدنى خبرة، أو معرفة، لمواجهة جشع المستغلين لأزمتها بمختلف أنواعهم.

خرجت أسرة ريان قبل 4 أيام تصرح بأنها لم يصل إليها شيء من كل هذا، فأين هي الضمائر وأين هي النفوس من كل هذا؟ ألا يكفي أن صور الطفل ريان قد نشرت في العالم وهو ينزف، وفيديوهات من الحفرة تظهر المعاناة التي كان يقاسيها؟ أكان ينقصنا أن يأتي جرح غائر في قلب أب وأم بوعود كاذبة؟

للأسف، انكشف لنا بعد الفاجعة أن كثيراً من الناس يسعون فقط إلى الشهرة والاسترزاق بضمير ميت، كما أن هناك منابر "إعلامية وصحفية" بين قوسين تفتقر إلى المهنية والشفافية، بل همها هو عدد المشاهدين والتفاعل والأموال التي ستحصد، فهل سنستفيد من فاجعة ريان للعمل على ضبط ممتهني الاسترزاق وكذلك الصحافة التي تتربح من المآسي؟ أتمنى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حمزة نيازي
مدون مغربي
مدون مغربي، باحث ومهتم بالشؤون السياسية، محب للتاريخ المعاصر، حاصل على الإجازة في الحقوق.
تحميل المزيد