هل تنزف لثتك بشكل متكرر عندما تغسل أسنانك؟ غالباً ما يكون التهاب اللثة ونزيفها من الأعراض المُبكرة لأمراض اللثة، والتي يُعتبر السؤال عنها من أكثر الأمور شيوعاً في عيادات أطباء الأسنان.
لذلك سأجيب لكم هنا بخصوص أسباب نزيف اللثة، وهل هو مؤشر تحذيري لحالات أكثر خطورة؟ هل هناك علاجات منزلية يمكنني الاعتماد عليها فعلاً؟ ومتى يجب أن أخبر طبيب أسناني؟
ما هي اللثة وممَّ تتكون؟
بداية دعونا نتعرف على اللثة، هي طبقة من الأنسجة الضامة والمخاطية الرخوة التي تستر العظم السنخي للفكين العلوي والسفلي داخل الفم.
النسيج اللثوي بشكل عام هو نسيج شفاف بطبيعته، ويعزى لونه الأحمر إلى التغذية الدموية الواردة إليه، فيما تلتصق اللثة إلى كل من العظم السنخي الواقع تحتها وإلى جدار السن بواسطة ما يسمى الألياف اللثوية.
كما تعتبر اللثة أحد المكونات الأربعة الأساسيّة للنسيج الداعم حول السن والمؤلف من:
1- اللثة.
2- العظم السنخي.
3- الملاط السني.
4- الرباط السني السنخي.
وتقسم اللثة إلى 3 مناطق، لكل منها أهميتها الخاصة وهي:
اللثة الحرّة أو اللثة الحفافية: هي الحافة اللثوية الحرة التي تحيط بعنق السن، ولونها بالحالة الطبيعية زهري كاشف.
اللثة الملتصقة: تكون متماهية مع اللثة الحرة، وهي مقاومة وذات قوام مطاطي، وملتصقة بإحكام إلى السمحاق المغطي للعظم السنخي، في الحالات الصحية يكون سطحها محبباً نوعاً ما ويعطي انطباعاً شبيهاً بقشر البرتقال، أما لونها فكما الحال مع اللثة الحرة زهري كاشف.
اللثة بين الأسنان: تحتل هذه اللثة الفرجات السنية وهي المسافات أسفل نقاط التماس بين الأسنان، تسمى أيضاً الحليمات اللثوية ولونها بالحالة الطبيعية زهري كاشف أيضاً.
ما الأسباب التي تؤدي إلى نزيف اللثة؟
قبل كل شيء علينا معرفة أنّ التهاب اللثة ليس مرضاً بحد ذاته وإنما عرض من أعراض أمراض اللثة التي تسبب الالتهابات.
في حين يعدُّ نزيف اللثة أهم أعراض التهاب اللثة ومؤشراً على إصابتها بأمراض ذات خطورة ينبغي علاجها بأسرع وقت ممكن.
ويحدث نزيف اللثة بسبب البلاك، الذي يحتوي على بكتيريا تهاجم الأنسجة السليمة حول الأسنان، وعندما لا تتم إزالة البلاك من خلال التنظيف اليومي، يمكن أن يتراكم على أسنانك، فتسبب البكتيريا الموجودة في البلاك التهاب وتهيج اللثة ويمكن أن تؤدي إلى النزيف عند تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط.
ومن أهم الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى نزيف اللثة عند غسيل الأسنان هي:
1- وجود تركيبات سيئة على الأسنان أو أطقم سنيّة جديدة يتم ارتداؤها بشكل خاطئ.
2- الاستخدام الخاطئ لفرشاة الأسنان التي يؤدي استخدامها بشكل جائر ومبالغ فيه إلى نزيف اللثة.
3- قد يشير نزيف الأسنان إلى حالات أكثر خطورة تحتاج منكم إلى مراجعة طبيب الأسنان ليكشف السبب الكامن وراء هذا النزيف.
أما الأسباب الخطرة التي تسبب التهاب اللثة ونزيفها فيمكن تلخيصها بما يلي:
1- التهاب لثة ناتج عن تراكم اللويحة الجرثومية بالفم.
2- التهاب لثة سببه اضطرابات دموية (ابيضاض الدم).
3- عوامل هرمونية (البلوغ، الحمل، داء السكري).
4- التهاب لثة سببه تناول بعض الأدوية (أدوية تسبب التضخمات اللثوية كأدوية الصرع).
5- التهاب لثة بسبب نقص ببعض الفيتامينات (فيتامين C).
6- التهاب لثة ذو منشأ جرثومي (عصيات السل، التهاب الفم واللثة الحاد المسبب بالعقديات).
7- التهاب لثة من منشأ فيروسي (الحلأ أو كما يسمى أيضاً الهربس).
8- التهاب لثة من منشأ فطري (فطر المبيضات).
9- التهاب لثة من منشأ وراثي (ضخامة لثوية ليفية وراثية).
10- التهاب لثة كتظاهر لحالة جهازية (الحزاز المنبسط، ردود فعل تحسسية).
11- آفات رضّية (كيميائية، فيزيائية، حرارية).
12- ردود الفعل تجاه الجسم الغريب الذي يدخل الجسم.
13- أسباب أخرى.
هل كل نزف لثوي خطير؟
جوابي هو بالطبع لا! ليس بالضرورة أن يخبئ النزف اللثوي وراءه مشكلة كبيرة، ولكن من المهم حتماً أن نعرف السبب لنستطيع معالجته، ولننفي أيضاً أي خطورة قد تصيب المريض لاحقاً.
فيما تتطور أمراض اللثة عادةً من خلال 3 مراحل رئيسية، إذ يكون لكل مرحلة تأثير سلبي أكبر على صحة الفم مقارنة بما قبلها.
إليك الضرر الجسيم الذي يمكن أن يحدث في كل مرحلة:
المرحلة 1: التهاب اللثة – يمكن علاج التهاب اللثة ونزيفها وعكس مسارها إذا تم اكتشافها مبكراً.
المرحلة 2: التهاب دواعم السن، حيث يحدث ضرر لا رجعة فيه للعظام والألياف التي تثبت الأسنان في مكانها في هذه المرحلة، من الضروري تحسين الرعاية المنزلية لمنع المزيد من الضرر.
المرحلة 3: التهاب دواعم السن المتقدم، وهنا يمكن أن يحدث فقدان فعلي للعظام وقد يوصى بخلع الأسنان لمنع حدوث المزيد من العدوى، يمكن أن تتغير الأسنان أيضاً بسبب فقدان العظام الداعمة، مما يؤدي إلى مشاكل في العض.
في حال كنتَ شخصاً ملتزماً بجميع أساليب العناية الفموية وبدأت تلاحظ نزيفاً في لثتك فأنصحك بإخبار طبيبك على الفور ليصف لك العلاج المناسب.
أعراض التهاب اللثة
أما بالنسبة للأعراض الأكثر شيوعاً التي يمكن من خلالها معرفة ما إذا كنا نعاني من مشكلة التهاب اللثة فهي:
اللون: عندما تلاحظ أنَّ لثتك أصبحت أكثر احمراراً فهي مؤشر على وجود التهاب.
القوام: ملاحظة وجود وذمة (انتباج) في مكان ما ضمن لثتك.
النزف العفوي: هو المؤشر الأكثر وضوحاً لمعرفة أن هناك التهاباً في اللثة.
المظهر: عندما تصبح لثتك ملساء مع غياب السطح المرقط الشبيه بقشر البرتقال فذلك يعني أنها مصابة بالالتهاب.
الألم: قد يترافق التهاب اللثة بوجود آلام تندرج من خفيفة إلى شديدة حسب شدة الالتهاب.
علاج التهاب اللثة
العِلاجات المنزلية هي وسيلة رخيصة وفعالة لعلاج التهاب اللثة في حال بدأت العلاج في مرحلة مبكرة، وعادة ما تكون العلاجات المنزلية قادرة على إزالة التهاب اللثة مثل المضمضة بماء الملح فهو يساعد في قتل البكتيريا التي تسبب الالتهاب ويساعد على تخفيف الألم المصاحب له.
لكن قبل بدء العلاج عليك التأكد من معالجة "اللويحة السنية" قبل أن تتحول إلى جير.
واللويحة السنية هي عبارة عن رواسب لزجة ليس لها لون في البداية، ولكن عندما تتراكم وتكون جيراً، فإنها غالباً ما تكون ذات لون بني أو أصفر باهت، وتوجد عادة بين الأسنان، وعلى مقدمة الأسنان، ووراء الأسنان، وعلى طول خط اللثة، أو أسفل هوامش عنق السن.
وتُعرف لويحة الأسنان أيضاً باسم البلاك الميكروبي أو البيوفيلم الفموي أو البيوفيلم السني أو بيوفيلم لوحة الأسنان أو بيوفيلم البلاك البكتيرية. فهي مستعمرة تحتوي على جراثيم ميتة ومتكلسة وغير فعالة. كما تختلف اللويحة السنية في تركيبها من شخص إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى في الفم الواحد ومن عمر إلى آخر في المريض نفسه. ومن أبرز أسباب تكون اللويحة تراكم البكتيريا على سطح الأسنان.
وفي حال تحولت اللويحة إلى الجير ولم تستطع تنظيفها وحدك، فهنا عليك التوجه إلى طبيب الأسنان لينظف لك أسنانك إما بالطريقة اليدوية باستخدام الأدوات المناسبة أو من خلال استخدام جهاز إزالة الجير، وهي عملية بسيطة لن تأخذ سوى القليل من وقتك.
وفي حال إصابتك بالتهاب لثة شديد فقد يصف لك الطبيب بعض الأدوية التي ينبغي عليك الالتزام بها للحصول على نتيجة ومن بين هذه الأدوية:
(البنسلين، كلينداميسين، ميترونيدازول، إيموكسيسلين، إريثرومايسين، كلاريثرومايسين)، إضافة إلى مراهم تسكين الألم أو غسول الكلورهيكسيدين.
الوقاية من التهاب اللثة
الوقاية هي مفتاح الحفاظ على صحة الفم، وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة التي يمكنك اتخاذها للمساعدة في الوقاية من أمراض اللثة:
حافظ على نظافة فمك: قم بتفريش أسنانك 3 مرات باليوم وبشكل صحيح من بداية اللثة لأسفل السن لتستطيع إزالة اللويحة السنية ولتنشيط الدورة الدموية باللثة.
لا تتجاهل الخيوط: استعمال الخيط السني يعد أمراً ضرورياً ويساعد في التخلص من فضلات الطعام العالقة بين الأسنان والتي كثيراً من الأحيان يصعب على الفرشاة العادية إزالتها.
الغسول أمر هام: استخدام غسولات الفم بشكل منتظم يساعدك كثيراً على تجنب تشكل المستعمرات الجرثومية.
حافظ على النظام الصحي: اتبع نظاماً غذائياً صحياً يضمّ العديد من الفواكه الطازجة، والخضراوات، وقلل من استهلاك كلٍّ من الأطعمة المصنّعة، والأطعمة التي تحتوي على سكريات مُضافة.
قل لا للتبغ والكافيين: يعد التدخين والمشروبات التي تحتوي على الكافيين من الأسباب الرئيسية لأمراض اللثة.
لا تتكاسل عن زيارة طبيبك: قم برحلة إلى طبيب أسنانك كل 6 أشهر لإجراء فحص وتنظيف روتيني. سيكون طبيب أسنانك قادراً على اكتشاف العلامات المبكرة لأمراض اللثة وإزالة تراكم البلاك والجير.
وأخيراً: عليك أن تدرك أنّ الآثار السلبية لأمراض اللثة لا تتوقف عند الفم وحسب، إذ تم ربطها بمجموعة واسعة من الأمراض الأخرى الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية والزهايمر والسرطان.
حتى إنّ بحوثاً علمية حديثة أشارت إلى أنّ البكتيريا التي تسبب أمراض اللثة قد تنزلق في مجرى الدم وتصل إلى الدماغ لتغزوه وتسبب التهاباً في مناطق الدماغ المصابة بالزهايمر.
لذلك فإنّ عنايتك بصحة فمك هي مسؤوليتك الشخصية التي ستجنبك الكثير من المشاكل والأمراض في المستقبل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.