آخرها “محتال تِندر”.. هكذا تساهم نتفلكس في “أنسَنة” إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/17 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/04 الساعة 10:55 بتوقيت غرينتش
سيمون ليفيف - وسائل التواصل الاجتماعي

محتال تِندر واحتيال نتفلكس

يُعيدنا وثائقي "محتال تِندر" (من إنتاج نتفلكس) بالذاكرة إلى عددٍ من الأعمال التي عرضتها هذه المنصّة من قبل، في محاولةٍ منها لـ"أنسنة" إسرائيل.

فالوثائقي، محتال تِندر، الذي بدأ عرضه مع بداية الشهر الحالي فبراير/شباط، يتناول أحداث القضيّة الحقيقيّة التي اشتهرت في عام 2019، عن المحتال الإسرائيلي سيمون ليفيف الذي كان يستخدم موقع المواعدة "تندر" للإيقاع بالنساء وإيهامهنّ بأنّه ابن ملياردير، بهدف سلب المال، قبل أن يكتشفن حيلته.

مرّة جديدة، تحاول نتفلكس أن توصل لنا رسالة مفادها أنّ إسرائيل دولة "عاديّة" شأنها شأن باقي الدول، فيها الإنسان الجيّد وفيها أيضاً السيّئ. يظهر ذلك بشكلٍ واضح في الوثائقي، حين تظهر ضحيّتا سايمون ليفيف عبر القناة الإسرائيليّة، ليلفت المحاور الإسرائيلي انتباههما إلى أنّه "ليس كلّ الرجال في إسرائيل محتالين".

لكنّ الحقيقة الثابتة أنّه، وعلى الرغم من اعتقاله في اليونان وتسليمه إلى إسرائيل في 2019؛ حيث أدين بأربع تهم احتيال- تمّ إطلاق سراح سايمون ليفيف بعد أن أمضى 5 أشهر فقط من عقوبته البالغة 15 شهراً، وها هو يعيش حياةً طبيعيّة اليوم داخل إسرائيل.

محتال تِندر
المحتال الإسرائيلي الحقيقي حين تم القبض عليه في اليونان/ GETTY

منتجات نتفلكس تروّج للرواية الإسرائيلية

"محتال تِندر" لم يكن الوحيد، فقد بلغ عدد الأفلام والمسلسلات الإسرائيليّة التي تعرضها نتفلكس نحو 13 إنتاجاً، يمكن لنا أن نقول إنّ بإمكاننا اعتبارها دعاية مكثّفة للرواية الإسرائيليّة.

أول الإنتاجات الإسرائيليّة البارزة عبر نتفلكس كان في العام 2013 من خلال مسلسل "الرهائن" الذي يروي قصّة عصابةٍ تخطف عائلة الطبيب الذي سيُجري عملية جراحيّة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بهدف إجباره على قتل رئيس الحكومة.

بعد عامين، اشتهر مسلسل "فوضى" الذي يروي قصص وحدة إسرائيليّة سريّة تنفّذ قواتها الخاصة مهمّات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، داخل الضفّة الغربيّة وغزّة، ضدّ مقاومين فلسطينيّين.

المسلسل بأجزائه الثلاثة عبارة عن استعراض لقوّة أفراد الوحدة الإسرائيليّة، وتحريض ضدّ الشعب الفلسطيني، مع تغييبٍ كامل للإجرام الذي تمارسه إسرائيل بحقّ الفلسطينيّين. وهو يحاول إبراز إسرائيل على أنّها "نموذج" يسعى إلى تنشئة أطفاله بشكلٍ "حضاري"، في حين يزرع الفلسطينيّون ثقافة الكراهية في أطفالهم من أجل أن يصبحوا انتحاريّين في المستقبل يفجّرون أنفسهم لقتل الإسرائيليين.

يُذكر أنّ الممثل الأمريكي ديفيد كلينون اختير للمشاركة في هذا المسلسل، لكنّه رفض المشاركة بعد اطّلاعه على السيناريو؛ لأنّ المسلسل يعمل على تبييض صورة إسرائيل ويبرّر الانتهاكات التي قامت بها بحقّ الفلسطينيّين.

في عام 2018، أطلقت نتفلكس أربعة أعمال إسرائيليّة، منها المسلسل الوثائقي "داخل الموسّاد" الذي يقابل قيادات وعاملين في الموسّاد يتحدّثون عن "بطولاتهم" في تنفيذ عمليّات اغتيال شهيرة، منها: اغتيال أحمد ياسين، وأبو حسن سلامة، وعماد مغنيّة، ومحمّد الزواوي.

ثم مسلسل "عندما يحلّق الأبطال" عن أربعة جنود إسرائيليّين قاتلوا في حرب تموز 2006 وكيف عانى هؤلاء من أزمات نفسيّة بعدها، بهدف "أنسَنة" القتلة وإزالة وصمة الإجرام عنهم.

وفيلم "الملاك" الذي يروي سيرة العميل المصري أشرف مروان، ويصوّره على هيئة البطل الذي أنقذ إسرائيل عندما أخبر مخابراتها بموعد القصف السوري المصري المشترك عليها. بالإضافة إلى الفيلم الكوميدي "مكتوب".

لاحقاً في العام 2019، برز مسلسل "الجاسوس" عن قصّة العميل الإسرائيلي إيلي كوهين– الذي يلعب دوره ساشا بارون- منذ تجنيده، مروراً بنشاطه في سوريا، وصولاً إلى إعدامه عام 1965.

وفي المسلسل يظهر كوهين بصورة الإنسان النبيل والوطني الذي يضحّي من أجل إسرائيل "البريئة" التي تتعرّض لهجومٍ من سوريا.

كما برز في العام نفسه فيلم "منتجع البيت الأحمر" الذي يروي تفاصيل عمليّة جهاز الموساد لترحيل يهود إثيوبيا إلى إسرائيل عبر السودان.

في نهايته، يذكّر الفيلم المشاهدين بأنّ هناك أكثر من 65 مليون لاجئ حول العالم، لكنّه طبعاً يغفل حقيقة أنّه- وضمن هؤلاء اللاجئين- هناك أكثر من 7 ملايين فلسطيني بسبب إسرائيل.

المغزى

في مقالٍ نُشر العام 2019 في Middle East Eye، ردّاً على الانتقادات بشأن تحوّلها إلى مكان للدعاية الإسرائيليّة، كان ردّ المتحدّث الرسمي باسم نتفلكس على الصحفية بيلين هرنانديز: "نحن في مجال صناعة الترفيه وليس الإعلام أو السياسة".

وأضاف: "نتفهّم أن البرامج التي نقدّمها لن تعجب جميع المشاهدين، ولهذا نملك محتوى متنوعاً من جميع أنحاء العالم، لأننا نؤمن بأن القصص العظيمة تأتي من أيّ مكان. تقدّم جميع عروض نتفليكس تصنيفات ومعلومات لتساعد الأعضاء على اتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن المناسب لهم ولعائلاتهم".

في الواقع، فإنّ المحتوى المتمركز حول إسرائيل عبر نتفلكس هو سياسي بغالبيّته ولا يضع معاناة الفلسطينيّين في سياقها، مقابل القليل من الأعمال الفلسطينيّة التي بدأت عرضها على منصّتها في أواخر العام الماضي فقط.

وفي الواقع، يبدو أنّ الحقيقة لا تهمّ نتفلكس. ليس مهمّاً أن يظهر الفلسطينيّون الذين يعانون منذ أكثر من سبعة عقود من العدوان الإسرائيلي بدور المعتدين، كما ليس مهمّاً أن تتبدّل التسميات وتصبح إسرائيل بلداً "يدافع" عن نفسه بوجه "الفلسطينيّين الإرهابيّين".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رُوى سابا
مدوّنة لبنانية
مدوّنة لبنانية
تحميل المزيد