لماذا يبدو البحر المتوسط مرتعاً للمناورات العسكرية البحرية بين الدول؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/17 الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/17 الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش
روسيا والنظام السوري يجريان مناورات عسكرية في المتوسط/الأناضول

على مدار العقد الماضي، اندلعت معظم الصراعات الأكثر دموية في العالم في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى ذلك، تحتل البلدان المتاخمة للشرق الأوسط مكانة عالية جداً في قائمة النزاعات المميتة. وبشكل عام، تحول تركيز الصراعات المسلحة بشكل كبير على مر السنين إلى هناك، فإذا نظرنا إلى الفترة بأكملها من الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الحاضر، فإن الشرق الأوسط كان بارزاً جداً خلال الثمانينيات (مع الحرب الإيرانية العراقية).

وقد أدى مناخ الحرب هذا إلى ظهور اتجاه جديد هو التدريبات العسكرية في المنطقة؛ لذلك في سبتمبر من العام الماضي أجرت السعودية والإمارات مناورات عسكرية مشتركة مع مصر واليونان. ودفع وجود إسرائيل وخطر عدم الاستقرار الإقليمي إيران إلى إجراء مناورات عسكرية على حدود أذربيجان في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، هي الأخرى.

والمناورات لم تتوقف هنا. وبعد أشهر من التدريبات البحرية في يناير/كانون الثاني 2021، بدأت مصر وروسيا في إجراء مناورة عسكرية. والهدف من التدريبات العسكرية قد يكون في أحيانٍ كثيرة توضيح "استعراض القوة" ضد دولة ثالثة، أحياناً من قبل الجيوش الوطنية وفي حالات أخرى بمشاركة الحلفاء الإقليميين. فهي تظهر القدرة التقنية والتكتيكية للجيش، وتثبت كفاءته في عمليات الصراع، وتضع استراتيجيات الحرب المحتملة موضع التنفيذ.

من "التدريبات" إلى "المناورات"

التنافس السياسي بين الجهات الفاعلة الرئيسية في الشرق الأوسط أدى إلى ظهور ظاهرة جديدة: استخدام التدريبات العسكرية كأداة للسياسة الخارجية. الدول التي تميل إلى إظهار القوة تستخدم التدريبات العسكرية بشكل متزايد كأداة للردع. فالجيوش التي لديها قدرات أقل من قدرات بلد منافس، أو التي تكون قدراتها التشغيلية محدودة أكثر، تتجاهل هذه الحقائق وتتباين إلى مناورات.

وكانت مناورة "غزاة خيبر" للجيش الإيراني بالقرب من الحدود الأذربيجانية الأرمينية- بسبب تعاون باكو الوثيق مع خصوم طهران الإقليميين، إسرائيل، وربما تركيا خلال حرب ناغورنو كاراباخ- أحد أكثر الأمثلة استفزازاً في استعراض القوة من بين الدول المنافسة في الشرق الأوسط.

وكان يمكن أن تضر هذه المناورة بالمناخ الأمني والتوازن العسكري الهشَّين أصلاً في المنطقة. وقد يتحول أدنى تصعيد عسكري إلى حرب مرة أخرى، وقد يكون للوضع تداعيات إقليمية ودولية أوسع بكثير. وفي حين أنه من المحتمل أن تكون المناورات العسكرية ضارة إلى حد ما بالأمن الإقليمي، يبدو من غير المرجح أن تحقق الدول أهدافها فقط من خلال المناورات.

وجرت مناورات عسكرية أخرى في شرق البحر المتوسط. وأجرت اليونان، التي تقل قدرتها العسكرية بشكل كبير عن المتوسط ​​الإقليمي، تدريبات عسكرية في الأشهر الماضية لتخويف تركيا، التي لديها خلافات دبلوماسية معها حول العديد من القضايا. وفي أغسطس 2020، أجرى الجيش اليوناني مناورات عسكرية مع دول متوسطية أخرى مثل فرنسا وإيطاليا. كما شمل استخدام اليونان للمناورات العسكرية كأداة، بلداناً أخرى في الشرق الأوسط.

ففي الفترة من 23 إلى 26 سبتمبر/أيلول 2021، أجرت القوات الخاصة السعودية والجيشان الإماراتي والمصري مناورات عسكرية في العاصمة اليونانية أثينا. واستهدفت هذه المناورات تسهيل وتكثيف التعاون العسكري والتدريب وتبادل الخبرات بين البلدان. وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار المناورات العسكرية، التي نظمتها أربع دول ليست حليفة تقليدية، ولكنها اجتمعت معاً بسبب مواقفها الجيوسياسية ضد أنقرة، جزءاً من سياسة التعاون العسكري ضد تركيا.

وبهذا المعنى، من المفهوم للدول التي تعتمد على الدول الغربية كمصدر رئيسي للصناعات الدفاعية أن تجري تدريبات عسكرية مشتركة. وبما أن تركيا صورت الاستخدام الفعال للأنظمة الجوية والقدرة الدفاعية من خلال مخزونها الوطني في مناطق الصراع مثل كاراباخ وليبيا وسوريا، فإن دول المنطقة كانت تعتزم إظهار أنها تمتلك أيضاً قدرات مماثلة.

مصر مثلاً هي لاعب آخر يهدف إلى إقامة الردع العسكري عن طريق الوسائل العسكرية. وأجرى الجيش المصري عدداً من المناورات مع القوات العسكرية للحلفاء الإقليميين السعودية والإمارات والسودان، فضلاً عن جهات دولية فاعلة، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا. كما أجرت مصر وروسيا مناورات عسكرية لسنوات. 

ولكل بلد يشارك في مناورات أهدافه الخاصة. ومن المرجح أن تكون المناورات المشتركة بين دول الشرق الأوسط وروسيا بمثابة إظهار للقوة، وأن تكون بمثابة رد فعل موسكو على المناورات المشتركة التي تجريها منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) منذ عام 2018 بالقرب من منطقة نفوذها.

وقد أدت المناورات الأخيرة بين البحريتين الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر، وإدراج إسرائيل في عمليات القيادة المركزية الأمريكية إلى زيادة الأنشطة العسكرية في المنطقة. 

وفي الشرق الأوسط المعاصر، غالباً ما تفضل الدول الأدوات العسكرية للسياسة الخارجية على الأدوات السياسية. غير أن الجهات الفاعلة التي تستخدم المناورات لإظهار النفوذ والقدرات العسكرية هي دول ضعيفة من حيث القدرة العسكرية؛ وتشمل مناوراتها العسكرية الجهود المبذولة لمواجهة الجهات الفاعلة الأقوى سياسياً. وبهذا المعنى، تحاول الجهات الفاعلة جذب الولايات المتحدة وروسيا إلى جانبها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد