يحكي فيما يحكى من تاريخ العرب أن الجاحظ كان بشع الخلقة، وكان مضرب الأمثال في تلك البشاعة، وقد سُمي بهذا الاسم لجحوظ واضح في عينيه، وهو يوصف بأنه قصير القامة، صغير الرأس، دقيق العنق، صغير الأذنين، جاحِظ العينين، مشوه الخلقة.
أما اسمه الحقيقي فهو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري. وهو أديب عربي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، وُلد في البصرة وتوفي فيها.
وكان الجاحِظ كاتباً، مؤلفاً، بليغاً، حافظاً للقرآن، وهو صاحب تحفة البخلاء التي صاغ فيها ما سمعه من نوادر عنهم، وربما اختلق بعضها باستعمال قريحته الفريدة. وهو أيضاً صاحب كتاب البيان والتبيين وكتاب الحيوان.
وكما روى الجاحِظ عن البخلاء ونوادرهم، روى أيضاً الكثير من النوادر والطرائف التي حصلت له مع الناس بسبب بشاعة وجهه. فالرجل كان متصالحاً مع بشاعته، لم يعرف عنه يوما أنه اشتكى لسوئها، أو تأفف منها، ولو أن شخصاً ابتُلي بما ابتلي به الجاحظ، في زماننا هذا، لربما انتحر.
الجاحظ وصورة الشيطان
كان الجاحِظ مرة جالساً في منزله، فطرق باب المنزل، وخرج ليفتحه فوجد امرأة، قالت له: أريد منك أن تساعدني في قضاء شأن يا جاحظ، فهلّا رافقتني؟
فوافق الجاحِظ وتبع تلك المرأة.
سارت تلك المرأة حتى بلغت السوق، والجاحظ يتبعها، ثم دخلت دكان صائغ. ودخل هو معها.
ولما دخلا قالت المرأة للصائغ: مثل هذا.. ثم انصرفت.
فبقي الجاحِظ ينظر إلى الصائغ فاغراً فاه، مذهولاً، ومندهشاً، ومصدوماً.
وفهم الصائغ أن الجاحظ لم يفهم، فقال له: لقد جاءتني هذه المرأة صباحاً، وطلبت مني أن أصنع لها خاتماً عليه صورة شيطان.
فأخبرتها بأنني لا أعرف صورة للشيطان.
وعندها أخبرتني بأنها ستأتيني به.
ثم عادت وأنت معها، ويبدو أنها كانت صادقة.
"وإذا الوحوش حشرت"
كان الجاحظ يوماً واقفاً أمام أحد الدكاكين، وكانت تقف أمامه امرأة بشعة هي الأخرى، فنظر لها الجاحظ ثم قال: وإذا الوحوش حشرت.
فنظرت له تلك المرأة وأجابته قائلة: وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه.
الجاحِظ والجارية الحسناء
ويروي الجاحظ مرة أنه كان في المعسكر في سامرّاء وكان ذلك المعسكر مضيفاً للخلفاء العباسيين، وحين جاء وقت الطعام وظهرت جارية حسناء طويلة، أراد الجاحظ أن يمازحها متندراً على طولها فقال لها: انزلي كلي معنا.
فأجابته الجارية: اصعد أنت حتى ترى الدنيا (كناية عن قصر قامته).
لم تكن هذه فقط مواقف الجاحِظ، فإن له طرائف عدة، تتغنى بها الكتب، وبقليل من الدراسة والبحث بإمكاننا نفض الغبار عن الكثير من أخباره ونوادره.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.