أنا زوجة وأم وطالبة ماجستير.. 19 عادة كانت السر وراء نجاح تجربتي

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/02 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/02 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش

ترددتُ كثيراً قبل أن أكتب هذا المقال، لإيماني بأن كل أم لها سعتها وطاقتها، ومهاراتها الخاصة بها، التي تمنحها القدرة على إدارة بيتها، والحفاظ على علاقتها مع زوجها وأطفالها، لكن رغبت أن أضع بعض الإرشادات من واقع تجربتي الشخصية تحت عنوان "يوميات أم طالبة ماجستير"، بعد مضيّ العام الثاني على التحاقي، لعلّها تضيف الفائدة المرجوّة لأمهات عدّة.

1- أجِّلي التحاقك بحقل الدراسات العليا إن كان أطفالك في المرحلة المبكرة من العمر، تحديداً قبل سنّ المدرسة، ونحن نتحدث هنا عن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من (يوم إلى 3 سنوات) هذه الفترة تحتاج إلى رعاية فورية وعناية مركزة من الأم لطفلها، وبصدق "الدراسة" تحتاج إلى وقت كبير وجهد مضنٍّ قد يستنزف طاقة الأم، ويكون على حساب أطفالها.

2- غياب زوج داعم لن يجعل التحاقك أمراً حائلاً ومانعاً، لكن بصراحة سيصعّب عليك ذلك، وسيبدو الطريق ثقيلاً وشاقاً فوق مشقتها، وستُراودك شكوك وظنون كثيرة حول سبب التحاقك، وربما خفوت دافعيتك، وتراجُع عزيمتك، حاولي قدر الاستطاعة أن تطلبي دعماً من الزوج بشكل واضح وصريح، أوضحي له معالم المرحلة التي ستخوضينها، وماذا يترتب على "كليكما" لا أنتِ وحدك، وأوضحي له الامتيازات المترتبة على هذا الالتحاق.

3- 24 ساعة لا تكفي لإنجاز المهمات المطلوبة، ما يتطلب منك مزيداً من الذكاء في إدارة الوقت وترتيبه، بالمناسبة الإدارة سهلة، كل ما هو مطلوب منك فقط أن تسجلي صباح كل يوم ما الذي عليك فعله، سجلي الكليات والعموميات، لا تدوّني الكثير من التفاصيل، لأنها ستصيبك بالكآبة، مِن الأكثر أهمية إلى الأقل. إن لم تقومي بهذه الخطوة صدقاً سيضيع يومك شتاتاً، أو لن تحققي إنجازاً يليق بالوقت الذي كان ممنوحاً لك. ومن الهامّ القضاء على كل المشتتات التي تحيل دون إنجازك، مثل فصل الإنترنت، وإغلاق وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها.

4- البواكير -والله سحر- من صلاة الفجر حتى طلوع الشمس وما بعده بحوالي ساعتين إلى ثلاث، ما تنتجينه في هذا الوقت يفوق أضعافاً خلال الفترة النهارية، تحديداً في الساعات التي يكون فيها الأطفال في سبات عميق. الأم التي يستيقظ أطفالها باكراً يمكنك أن تزيحي هذه الفترة إلى المساء.

5- التزمي بحضور المحاضرات، دوّني الملاحظات، اسألي عن كل صغيرة وكبيرة واطرحي اسئلتك بلا خجل وإن كانت بديهية فالسرّ يكمن في "التفاصيل"، خطوات صغيرة لكنها تُحدث فرقاً في إقبالك على العلم وفي سعة الإدراك والفهم.

6- كوّني علاقة طيبة مع زملائك في ذات الحقل، كوّني علاقات داعمة وشافية، شاركي زملاء الحقل في تبادل المعلومات والمصادر، ولا تخجلي من طلب المساعدة التي ستختصر عليك أموراً كثيرة. وحاولي التخفيف معنوياً عن البعض، وتقديم المساعدة للبعض، لأنك ستجدينهم يشاطرونك لحظات يأسك وخوفك وتراجع دافعيتك، حصّني نفسك بهم، فهذا يجعل الحمل أخفّ والطريق أقصر.

7- لا تنتظري الوصول لنهاية "الحبل"، حاولي دائماً أن تجعلي النهاية في المنتصف، لا تنتظري قدوم موعد تقديم بحث، أو مقال، أو مادة ما، حاولي أن تكون النهاية لديك في المنتصف، كأن تسلّمي وتنجزي ما هو مطلوب منك قبل الموعد المحدد على أقل تقدير بـــ10 أيام، هذا يمنحك إخراج مادة معرفية ذات جودة أفضل، ويحميك من قلق اقتراب النهايات، ويغمرك بلذة الإنجاز.

8- قللي من التكاليف قدر الإمكان، حاولي أن تسألي من هم في مثل حقلك عن كتب متوفرة، أو مواد يمكنك الحصول عليها دون دفع ثمن مقابل الحصول عليها، وهذا شائع أن يتم تداول الكتاب لذات المادة بين أكثر من طالب.

9- اجعلي لكِ وقتاً خاصاً، هذا الوقت سيكون بمثابة حبل نجاة من "بئر" عميق، افعلي فيه ما شئتِ، وإن كانت أفعالاً تبدو جنونية بالنسبة للآخرين، مارسي الرياضة، احتسي كوباً من القهوة، دردشي مع صديقة، كلي واشربي وتمتعي يومياً بهذا الوقت، ستعودين بقوة ونشاط مضاعفَيْن.

10- لا تكتفي بما يطرح في داخل غرف المحاضرات، اقرئي واطلعي على ما دُوّن وكُتب في مجال الموضوع الذي بين يديك، وهذا بحقّ ما يميز طالباً عن آخر، أحدهم يكتفي بما يقوله الأستاذ وما تحمله مضامين الكتاب، وآخر تجدينه نهماً شغوفاً بالعلم والتعلم.

11- خصِّصي وقتاً لأطفالك لو 10 دقائق، هذا كفيل بأن يزيح عنكِ نوبات تأنيب الضمير، وسيجعل أطفالك سعداء جداً، وقت قصير لكن مفعوله عظيم. وقت دون توجيهات ولا نصائح ولا عتاب. رجاءً أخرجي من "ثوب" الأمومة واكتسي ثوب الصداقة والرفقة، هذا الوقت لهم وليس لك.

12- قليل دائم من كل شيء، هذه وصفة لكل أم تشعر بإنهاك وإجهاد، تشعر بأن الواجبات أكثر من الأوقات. القليل المستمر من العلم، وممارسة الرياضة، ورؤية الأصدقاء، وتخصيص وقت للزوج. القليل ولو كان 10 دقائق.

13- إياك ومراكمة الأشياء، أعباء المنزل، الدراسة، أي واجب عليك القيام به افعليه فوراً، فالتسويف سيجعلك ترين الأمور الصغيرة فجأة صارت كبيرة "إنما الجبال من الحصى"، تنظيف يومي، دراسة يومية، لن يجعلك تشعرين بثقل المهام كما لو أنها تراكمت.

14- اخلقي وخصِّصي وقتاً لزوجك، هذا ليس ترفاً وإنما ضرورة، ليس لأجله هو، بل لأجلك أنت، وقتاً تجدين فيه الشريك يغمرك بالمحبة والود وينظر لك بعين الرحمة، نحن النساء إن شعرنا بالحب هانت علينا كل مشقة، تمسكي بهذا الوقت، واطلبي من زوجك أن يذكرك به لو غاب عنك سهواً.

15- تجنبي المثاليات، اجعلي بيتك مهيئاً للعلم والمعرفة، خصِّصي مكاناً مريحاً، ولو كان في غرفة "الضيوف" التي لا يدخلون إليها سوى مرة في كل عام، تخفّفي من الأثاث والتحف وكل ما يجعلك تقضين وقتاً أطول في التنظيفف والترتيب. لا تسمحي للجمال "المبالغ" به أن يبتلع الراحة، ابحثي عن بيت مريح وهادئ وجميل وفق تصورك، يضفي السكينة، عبر تفاصيل صغيرة وخفيفة.

16- ضعي أطفالك في الصورة، لا تلعبي دور المحارب، أخبريهم في حال عدم تمكنك من الطهي أن يسدوا جوع معدتهم بشيء من الشطائر أو مما يصنع على عجالة، لا تخافي، لن تكوني تسببتِ بجريمة، أزيحي مشاعر تأنيب الضمير، بالنهاية أنت لست أُما خارقة، أحياناً تستطيعين وأحياناً تشعرين بالانهيار والتعب. دعي أطفالك "يتقبلون" ضعفك!

17- من يدخل حقل الدراسات العليا يجد نفسه فجأة في عزلة اجتماعية، هكذا من دون قصد أو وعي، لذا من الضروري تفعيل التواصل العميق والهادئ والجميل مع صفوة من الصديقات الألوفات العطوفات السمحات، اللواتي تجدين في رفقتهنّ الأمان والأنس والجمال. فهذا بحد ذاته علاج، يضفي الخفّة والرشاقة على روحك.

18- الدعاء والصلاة، الجانب الروحي مهم جداً وأنت تسلكين طريق العلم، فأنت تجاهدين في جبهات متعددة في الوقت ذاته، في جبهة الأمومة، وجبهة العلم، وجبهة العلاقة الزوجية، وكلها عبادة، جددي النية بأن يتقبل الله منك علمك، وأن يكون خالصاً لله، وأن يكون لرفعة هذه الأمّة، وأن يملكك خزائن العلم والفهم. وكلما ضاقت عليك لمشقة هذا الطريق اسألي الله العون، وعودي واقرئي وابحثي عن فضل العلم وثوابه وتذكري "أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة"، و"فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب".

19- آمني بقدراتك، لا تجعلي أمراً يقف كعثرة في طريق أحلامك، كوني ذكية وحكيمة، ودائماً تذكري القاعدة الآمنة التي تقلعين منها وتهبطين إليها "أسرتك- عائلتك" لا تنسي ذلك أبداً، فمن أجلك وأجلهم تزيحين غبار الجهل، وتَسمينَ بنفسك أُمّا وزوجة تليق بهم، فتكوني على قدر المسؤولية والأمانة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إباء أبو طه
مدونة وباحثة ومستشارة تربوية وأسرية
تحميل المزيد