كتب معزم بيغ عن الدكتورة عافية صديقي في مذكراته، عن الفترة التي قضاها في سجن باغرام الأفغاني بتهم تتعلق بالإرهاب، أُسقطت فيما بعد: "بدأت أسمع صرخات تقشعر لها الأبدان لامرأة مجاورة، لمدة يومين وليلتين سمعت صوت الصراخ. شعرت بأن ذهني ينهار، أخبروني أنه لا توجد امرأة، لكنني لم أكن مقتنعاً، تلك الصرخات ترددت من خلال أسوأ كوابيسي لفترة طويلة، وعلمت لاحقاً في غوانتانامو، من سجناء آخرين، أنهم سمعوا الصراخ ذاته أيضاً".
في حادثة احتجاز الرهائن الأخيرة في تكساس طالب الجاني المسؤولين الأمريكيين بالإفراج عن عافية صديقي، وهي باكستانية مسجونة بسبب صلات مزعومة بالقاعدة.
وظهر اسم عالمة الأعصاب الباكستانية المسجونة عافية صديقي من جديد في حادث احتجاز الرهائن في تكساس، حيث أخذ ملك فيصل أكرم، وهو مواطن بريطاني يبلغ من العمر 44 عاماً، رهائن في كنيس يهودي، مطالباً بإطلاق سراح صديقي.
وتقضي الدكتورة عافية صديقي حكماً بالسجن 86 عاماً، بعد إدانتها في 2010 لمحاولتها إطلاق النار على ضباط عسكريين أمريكيين أثناء احتجازها في أفغانستان عام 2008.
وظهرت صديقي على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي للإرهابيين المطلوبين، لكنها لم تدَن قط بالإرهاب. ومنذ ذلك الحين أدى الهجوم على المعبد اليهودي إلى وضع صدّيقي في قلب ما لا يقل عن ثلاث حوادث اختطاف رهائن بارزة.
وفي عام 2013، طالبت جماعة داعش المسلحة بالإفراج عن صديقي مقابل المرأة الأمريكية كايلا مولر، البالغة من العمر 26 عاماً، التي اختُطفت أثناء قيامها بأعمال إنسانية في سوريا، كما طالبت الجماعة حينها بفدية 6.6 مليون دولار.
واقترحت داعش مبادلة أخرى للصحفي الأمريكي جيمس فولي بعافية صديقي، التي التحقت بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة برانديز. كما تضمن اقتراحهم إنهاء الضربات الجوية الأمريكية في العراق وفدية باهظة. لم تتحقق تلك المطالب، وبعد ذلك قُتل فولي.
وجذبت عافية صديقي انتباه سلطات إنفاذ القانون الأمريكية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وقد وصفها كبار مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل بأنها "ناشطة وميسرة للقاعدة" في عام 2004.
وفي عام 2008، ألقي القبض عليها في أفغانستان. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم عثروا عليها تحمل ملاحظات مكتوبة بخط اليد، تصف كيفية صنع قنابل وقائمة بالمواقع المختلفة في الولايات المتحدة التي يمكن استهدافها. وأثناء استجوابها قالت السلطات إنها أمسكت ببندقية M-4 لضابط في الجيش الأمريكي وفتحت النار.
وقالت مروة البيالي، محامية صديقي، إنها دحضت المزاعم، وأكدت أن الجنود في الاستجواب فوجئوا بوجودها وصرخوا "إنها طليقة"، ثم أطلقوا عليها الرصاص.
وإذا كانت بالفعل "سيدةَ القاعدة"، كما يحب الإعلام الغربي في كثير من الأحيان أن يقدمها بازدراء، فإن لوائح الاتهام ستشمل أعمال إرهاب. ومع ذلك لم يكن هذا هو الحال.
وقالت إيفون ريدلي، الصحفية البريطانية البارزة التي كشفت قصة صديقي، "لقد جاءت لتلخص كل ما كان خاطئاً في الحرب على الإرهاب والظلم والأكاذيب والأجندة المعادية للإسلام التي تغذيها بشدة".
وأضافت: "منذ عام 2003 حققت في الاختفاء والدراما حول الدكتورة عافية صديقي، وفي ذلك الوقت تعرفت شخصياً على عائلتها في كراتشي وتكساس، وقضيت ساعات طويلة معهم". وبمجرد أن اتصل أحد الصحفيين بإيفون ريدلي لإبداء رأيها بشأن محمد، شقيق صديقي، الذي يُزعم أنه كان يحتجز أشخاصاً كرهائن في كنيس يهودي، قالت إنها مصرة على أنه لن يكون هو.
"محمد مهندس معماري، رجل غير عنيف يختار دائماً فن الإقناع اللفظي. على الرغم من كل التحديات والمحاكمات التي واجهها هو وعائلته، لم أسمع أبداً أي واحد منهم ينطق أو يروج للعنف"، هذا ما قالته ريدلي لوسائل الإعلام، رغم إشارة محتجز الرهائن، الذي يدعى ملك فيصل أكرم، 44 عاماً، إلى صديقي على أنها "أخته".
وتحدث مراراً عن صديقي خلال المفاوضات مع سلطات إنفاذ القانون، إلى أن مات أكرم في مكان الحادث، وإن لم يتضح كيف.
وقالت ريدلي: "إن قضيتها [عافية صديقي] مقنعة للغاية، وأخشى أن تستمر جميع أنواع الجماعات والأفراد في استخدام اسمها لتحقيق أهدافهم الأنانية".
بعد هذا كله، واستخدام اسمها كثيراً، واللغط الذي يدور حولها.. هل انتهت قصة عافية صديقي إلى هنا، أم ما زلنا على موعد مع فصول أخرى؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.