قد احتجز غوانتانامو منذ بدايته، الذي افتتح رداً على هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ما يقرب من 780 معتقلاً. وقبل اعتقالهم، تعرض العديد للاختطاف والاختفاء والتعذيب الوحشي في سجون سرية تديرها الولايات المتحدة أو على أيدي من يسمون حلفاء في "الحرب على الإرهاب".
وفي غوانتانامو، تعرضوا للتعذيب، واتُّهم عدد قليل منهم بارتكاب جرائم، ولم يحاكم الكثيرون منهم محاكمة عادلة. وقد أثبتت اللجان العسكرية الكافكاوية التي شُكلت لمحاكمتهم أنها غير فعالة وغير عادلة، وحرمت المتهمين من حكم محايد ومن الوصول إلى أدلة حاسمة.
وفي غضون ذلك، انتظرت عائلات ضحايا 11 سبتمبر تحقيق العدالة عبثاً. وكان المدافعون عن إغلاق معتقل خليج غوانتانامو متفائلين عندما تولى الرئيس جو بايدن منصبه. وشعروا بالارتياح هذا الصيف بعد أن أطلقت الولايات المتحدة سراح سجين لأول مرة منذ سنوات. لكنّ كثيرين الآن نفد صبرهم بشكل متزايد.
وفي الأشهر التي تلت ذلك الإفراج، لم تكن هناك سوى علامات قليلة على إحراز تقدم في إغلاق السجن البحري سيئ السمعة في القاعدة الأمريكية في كوبا. وقد أدى ذلك إلى زيادة الشكوك حول نهج بايدن مع استكمال الإدارة عامها الأول ووصول مركز الاحتجاز إلى علامة فارقة، مع الذكرى العشرين لوصول السجناء الأوائل.
وقال ويلز ديكسون، المحامي في مركز الحقوق الدستورية ومقره نيويورك، والذي لعب منذ فترة طويلة دوراً قيادياً في الطعن في الحبس لأجل غير مسمى دون تهمة في القاعدة: "أعلن الرئيس بايدن نيته إغلاق غوانتانامو كمسألة سياسية، لكنه لم يتخذ خطوات جوهرية نحو الإغلاق".
وبدون بذل المزيد من الجهود المتضافرة، فإن أولئك الذين يريدون إغلاق المركز يخشون تكرار ما حدث في عهد الرئيس باراك أوباما. وقد جعل أوباما إغلاق معتقل غوانتانامو قضية مميزة منذ أيامه الأولى في المنصب، لكنه قلص فقط عدد السجناء في مواجهة المعارضة السياسية في الكونغرس.
ثم تبقّى 39 سجيناً، وذلك هو أقل عدد منذ الأيام الأولى لمركز الاحتجاز، عندما وصلت المجموعات الأولية، المشتبه في أن لهم صلة بالقاعدة أو طالبان، على متن رحلات جوية من أفغانستان، مقنعين ومقيدين بالأغلال ويرتدون بذلات برتقالية، إلى ما كان في ذلك الوقت مجرد موقع أمريكي هادئ على الساحل الجنوبي الشرقي لكوبا، عرفناه فيما بعد باسم معتقل غوانتانامو.
وأصبح غوانتانامو بؤرة الغضب الدولي بسبب سوء معاملة السجناء وتعذيبهم وإصرار الولايات المتحدة على قدرتها على احتجاز الرجال إلى أجل غير مسمى دون تهمة طوال فترة الحرب ضد القاعدة التي لم تكن لها نهاية على ما يبدو.
وفي ذروته، في عام 2003، كان مركز الاحتجاز يحتجز ما يقرب من 780 سجيناً كما ذكرنا إلى أن أطلق الرئيس جورج دبليو بوش سراح أكثر من 500 شخص، وأفرج أوباما عن 197 قبل نفاد الوقت في جهوده لتقليص عدد السجناء.
لكن الرئيس دونالد ترامب ألغى مساعي أوباما بإغلاق غوانتانامو، وتجاهل المكان إلى حد كبير. وتعهد خلال حملته الأولى بـ"تحميله ببعض الرجال السيئين"، لكنه لم يرسل أي شخص إلى هناك، وقد قال إن التكلفة السنوية لتشغيل مركز الاحتجاز كانت "جنونية"، بحوالي 13 مليون دولار لكل سجين!
ومن بين السجناء الباقين، يواجه 10 فقط محاكمة أمام لجنة عسكرية في إجراءات متعثرة منذ سنوات. ومن بينهم خالد شيخ محمد، وحُكم على شخصين آخرين ما زالا في غوانتانامو، ومن المتوقع أن ينهي أحدهما، المقيم السابق في ماريلاند، ماجد خان، عقوبته الشهر المقبل.
ومن بين المتبقين الآخرين، 13 تمت تبرئتهم للإفراج عنهم، من بينهم ثمانية تحت حكم بايدن يمكن الآن إعادتهم إلى وطنهم أو إعادة توطينهم في مكان آخر.
فيما لم تتم تبرئة 24 شخصاً ولم يتم توجيه تهم إليهم، ومن المحتمل ألا يتم ذلك أبداً، وهو وضع يواصل بعض الجمهوريين الدفاع عنه، بما في ذلك جلسة استماع لمجلس الشيوخ الشهر الماضي.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن مجلس الأمن القومي يعمل "بنشاط" مع وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والعدل ووكالات أخرى لتقليل عدد السجناء ضمن القيود التي يفرضها الكونغرس. وتشمل القيود حظر إعادة السجناء إلى دول معينة، بما في ذلك اليمن والصومال، أو إرسال أي منهم إلى الولايات المتحدة.
وقال المسؤول إن الإدارة ملتزمة بإغلاق مركز الاحتجاز، وهي محاولة "بدأتها" بعد أربع سنوات من التقاعس عن العمل في عهد ترامب.
وواحدة من علامات التقدم هي الثمانية الذين تمت الموافقة على إطلاق سراحهم من خلال عملية مراجعة تم إنشاؤها في عهد أوباما. وفي عهد ترامب، تمت تبرئة معتقل واحد فقط والإفراج الوحيد كان سعودياً أعيد إلى وطنه كجزء من اتفاق سابق للجنة العسكرية.
ويريد المنتقدون أن تسارع إدارة بايدن في إعادة توطين المحتجزين الذين تمت تبرئتهم وإعادة الوحدة المختصة بذلك في وزارة الخارجية، التي تم القضاء عليها في عهد ترامب.
ويبقى السؤال، مع مرور الأيام والشهور والسنوات بالمحتجزين هناك دون تهم وأدلة، متى يغلق أي رئيس أمريكي جحيم غوانتانامو؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.