إن كثيراً من الأمهات والآباء يريدون رؤية أنفسهم وتطوير نقصهم في أطفالهم، سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية السلوكية، كما أن كثيراً منهم يجدون صعوبة شديدة في تربية أطفالهم إذا كانت شخصياتهم مختلفة عنهم. فالكثير من الآباء يحاولون جعل أطفالهم يتبعون نفس طريقتهم إيماناً منهم بأن هذه هي الطريقة المثلى في الحياة.
إلا أن هذا الاعتقاد له عواقبه الوخيمة التي يجب الحذر منها، ومن أشد هذه العواقب فقدان الطفل لثقته بنفسه عن طريق فقدانه لذاته وإجباره على اتباع شخصية معينة، ولهذا كان من المهم أن أشارككم بعض النصائح التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في تربية الأبناء، حتى تنشئ في طفلك شخصية واثقة من قدراتها تستطيع حمل الرسالة الصحيحة وتوريثها لأجيال.
ومن أهم فنون تربية الأبناء بناء الثقة بالذات؛ فالثقة بالنفس هي إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته وبقدراته وإمكاناته، أي الإيمان بذاته، والإنسان الواثق من نفسه هو الشخص الذي يحترم ويقدر ويثق بقدراته على اتخاذ القرارات الصائبة ويدرك كفاءاته، كما يتسم بالاطمئنان والتفاؤل والقدرة على تحقيق الأهداف، وتقييم الأشخاص والعلاقات بشكل صحيح، بناءً على نظرته لنفسه وتقديره لذاته.
لماذا يعد تعزيز قوة الشخصية أمراً مهماً؟
لأن الثقة بالنفس تنمو مع الفرد ويتواكب نموها مع نموه العقلي والجسدي، ويرتبط ذلك بالبيئة التي ينشأ فيها، فالطفل يكتسب الثقة بالنفس خلال الأعوام الأولى من حياته، وقد ذكرت الإحصائيات أن 90% من قيم كل شخص فينا تتكون قبل سن 7 سنوات، فالثقة تتكون عن طريق التفاعل الاجتماعي الحاصل بين أفراد الأسرة والمجتمع، فيجب على الأسرة أن تركز على تنمية هذه الثقة في نفوس أبنائهم من البيت وليس من المجتمع، حتى لا يأخذ ثقته بنفسه عن طريق أصحاب السوء.
بناء الثقة هي أهم مهارة يمكن منحها لطفلك، لأنه إذا اكتسب ثقته بنفسه كان قادراً على إبراز مهارته وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية، بحيث يكون سعيداً في حياته وقادراً على اتخاذ قرارته في وقت غيابك.
تساعد الثقة على التفكير الإيجابي في التعامل مع الأخطاء: فهذا يشجعه على التفكير الإيجابي بنفسه وعدم إحباطه عند الفشل في أي محاولة، لأنه سيكون مدركاً أن هذه ليست إلا مجرد عقبة تقوّي من شخصيته.
تمنح الثقة مستوىً عالياً من الطاقة لممارسة الأنشطة الصحيّة: فالطفل الواثق بذاته يكون قادراً على بذل الجهد في ممارسة الرياضة بشكل سليم وتحقيق نجاحات كبيرة.
تقي الثقةُ الطفلَ من تدني مستوى الإيمان بذاته: حيث يكون لهذا تأثير ايجابي بعدم سعيه وراء إرضاء الآخرين.
طرق فعالة لتقوية الثقة بالنفس عند الأبناء
تقوي الثقة بالنفس أو تضعف عن طريق نوعية التنشئة الاجتماعية، فعندما ينشأ الطفل في بيئة مملوءة بالثقة بالنفس يكون واثقاً من نفسه معتمداً عليها لا يتخوف من مجابهة المواقف الاجتماعية أيّاً كان نوعها، ويحاول أن يخلق مواقف جديدة، ويتعامل مع الآخرين من مختلف الأعمار والأجناس، وإليكم بعض التوصيات:
1. تذكر أن الكمال ليس هدفاً: لا تركز مع طفلك على كل صغيرة وكبيرة، بل يجب أن تعطيه المساحة الكافية للتعلم ولا تتدخل إلا إذا كان الأمر في غاية الأهمية.
2. لا تنزعج من الأخطاء: الأخطاء تقوي الطفل وتجعله قادراً على التعلم منها خطوة بخطوة، وكيف يزيل العوائق من طريق نجاحه وعدم تكرارها، فاحرص على تشجيعه وساعده على رؤية أن الجميع يرتكبون الأخطاء.
3. شجّع طفلك على تجربة أشياء جديدة؛ لأن التجديد يساعد الطفل على التفكير خارج الصندوق والتعامل مع المواقف التي يتعرض لها، ويكتسب خبرات في مجالات وأفق عديدة.
4. شجّع طفلك وعلّمه التشجيع الذاتي: كن قدوة له وكرر عبارات تحفيزية تساعده على استخدامها في النهوض على قدميه عندما لا تكون معه.
5. ساعد طفلك في تحديد أهدافه: فتحديد الأهداف يعزز ثقة ابنك بنفسه، لأنه يريد أن يحقق نجاحات ذاتية يفتخر بها، واحرص على تعليمه ترتيب الأولويات من حيث: المهم والعاجل، المهم وغير العاجل، غير المهم وعاجل، غير مهم وغير عاجل.
6. أظهِر حبك واحتفل بإنجازات طفلك: احتفل بإنجازات طفلك صغيرة كانت أو كبيرة ودعه يعرف أنك فخور به -بغض النظر عن النتيجة- فهذا يساعده على معرفة حبك له كما يساعده أيضاً في الحفاظ على قيمته تجاه نفسه.
كيف تخسر ثقة أطفالك بأنفسهم وبك في 4 خطوات فقط؟!
ثقة الطفل بنفسه هي وليدة أحداث ومواقف وردود فعل تجاه تصرفاته، تتبلور داخله تدريجياً، وتؤثر فيه منذ طفولته، حتى يكتسب هذه الصفة، وتصبح أساساً لحياته وعاملاً مهماً في بناء شخصيته القوية القادرة على اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية، ومواجهة المشكلات، ولكن هناك 4 سلوكيات تربوية خاطئة إذا قمنا بها فإنها تؤدي إلى ردود فعل عكسية لدى الطفل، وهي:
1. النقد المستمر: لا تنقد كل شيء يفعله أو كل نتيجة يحققها، فبلا شك سيؤدي ذلك إلى زعزعة ثقته بنفسه وإلى شعوره بالفشل دائماً.
2. المقارنات السلبية: لا تقارن بينه وبين أقرانه أو أصدقائه وأقاربه، لأن هذا سيدعوه إلى الانعزال والوحدة، والاندماج في أنشطة سلبية غير صحية.
3. نقص التشجيع: إن لم تشجع أنت فمن سيشجعه ويعطيه القدرة على مواجهة الصعوبات؟!
4. الإفراط في حماية الطفل: فالإفراط في أي شيء لا يعطي نتيجة إيجابية، بل هذا سيؤدي إلى شعوره بالخوف من اتخاذ أي قرار في حياته.
علامات فقد الثقة لدى الطفل
– يتجنب القيام بأي مهمة أو تحدٍّ جديد، وهذا يشير إلى الخوف من الفشل أو الشعور بالعجز.
– ينسحب بعد وقت قصير من بدء لعبة أو مهمة، وهو ما يشير إلى إحباط سريع وعدم ثقة في النفس.
– يكذب أو يبرر عند اقتراب الخسارة، أو يقلل من الموقف أو يلقي اللوم على الآخرين.
– تقل درجاته الدراسية، ويفقد الاهتمام بالأنشطة المعتادة.
– يساعد بشدة أو لا يساعد أبداً في الأعمال المنزلية.
– تغير سريع في الحالة المزاجية، كالحزن أو البكاء أو الغضب.
– يصبح قلقاً وحساساً بشدة تجاه تصرفات وكلام الآخرين.
– لديه صورة سلبية عن نفسه، فقد يشعر بأنه قبيح أو غير محبوب أو غبي.
– يجد صعوبة في تكوين الصداقات والحفاظ عليها، وقد يشعر أنه ضحية للآخرين، أو يتأثر بشدة بأصدقاء السوء.
– لديه شعور بالوحدة والعزلة، يتجنب الأشياء الجديدة ويجد صعوبة في التأقلم مع التغيير.
– لا يستطيع التعامل مع الفشل بشكل جيد ولا يشعر بالفخر بما يحققه، يقارن نفسه بأقرانه باستمرار، ويراهم دائماً أفضل منه.
طرق إعادة ثقة الطفل في نفسه
لا تفعل كل شيء لطفلك: حتى إذا فقد طفلك ثقته بنفسه، تحلَّ بالصبر لأقصى درجة عند التعامل معه، واتركه يقوم بالمهام الخاصة به بمفرده، حتى لو كان في وقت أطول، فالتحديات الجديدة الصغيرة هي التي ستشعره بالكفاءة والثقة مرة أخرى.
أعطِه أعمالاً مناسبة لعمره: فهذا سيزيد شعوره بالكفاءة ويعزز مهاراته في حل المشكلات.
علِّمه أن يبذل جهده فقط: أخبِره أنه لا يوجد شخص مثالي، وألا أحد يتوقع منه أن يكون مثالياً، وأعد النظر في طريقة تعاملك مع أخطائه.
أعطِ له خيارات: فهذا يشعره بالقيادة وسيساعده على تعلم مهارة اتخاذ القرارات منذ الصغر، ويحضره لاتخاذ قرارات أكثر صعوبة مع تقدمه في العمر.
كن معتدلاً في مدحه والثناء عليه: فالمدح غير الصادق والمجاملات تأتي بنتائج عكسية.
احترم مشاعر طفلك: ضع نفسك مكان طفلك وفكر بعقله، حتى عندما يغضبك استرح وابتعد عنه حتى لا تقول له كلاماً ثم تندم عليه، وتذكر دائماً أنك قد لا تعجبك تصرفات طفلك وليس طفلك نفسه ووضح له ذلك.
خصص له من وقتك: اجلسا معاً على الأقل مرة في الأسبوع بشكل منتظم، فهذه فرصة عظيمة للحديث عن كل ما يدور في باله.
ختاماً.. أطفالنا أغلى ما نملك، ولهم توهب حياتنا، فما قيمة الحياة إذا ولينا لهم ظهورنا وتركناهم فريسة للمجتمع ولجشعنا وأنانيتنا وقبل ذلك جلدهم وفقدهم لذواتهم؟ فلتكن راعياً مسؤولاً عن رعيتك ولتدرك أبناءك قبل فوات الأوان.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.