“شورت وفانلة وكاب”.. عندما يحاول المؤلف الاستخفاف بعقول الجمهور

عدد القراءات
682
عربي بوست
تم النشر: 2022/01/01 الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/01 الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش
البوستر الرسمي لفيلم "شورت وفانلة وكاب"

بعد أن قدم مشهدين في فيلم "ليلة ساخنة" مع المخرج عاطف الطيب عام 1995، ها هو الفنان أحمد السقا، وبعد خمس سنوات فقط، يقدم أول بطولة له في فيلم "شورت وفانلة وكاب" عام 2000.

ولم تأتِ خطوة البطولة المطلقة لأحمد السقا بشكلٍ مفاجئ، فما بين عام 1995 وعام 2000 قدم السقا عدداً من الأدوار التي وضعته في مكانةٍ متميزة لدى الجمهور وصُناع الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية. وكانت أهم أدواره مشاركته لنجم الجيل الجديد، محمد هنيدي، في بطولة فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" عام 1998، وفيلم "همام في أمستردام" عام 1999، والفيلمان من تأليف مدحت العدل وإنتاج عائلة العدل التي تزعمت مرحلة السينما الجديدة التي أُطلق عليها "السينما الشبابية".

ويبدو أن عائلة العدل قررت أن تستمر في رفع شعار السينما الجديدة، فاتجهت بكامل طاقتها لدعم النجوم الجُدد الذين أُطلق عليهم "جيل الشباب"، فبعد أن تعاملت مع أحمد السقا مرتين كَسَنِّيد لمحمد هنيدي، قررت أن تُرَقيه وتقدمه في أول بطولة له بفيلم "شورت وفانلة وكاب".

ولم تكتفِ عائلة العدل بتجديد الوجوه فقط، فقد قرروا تجديد الأماكن التي تدور بها الأحداث أيضاً، فبعد رحلة هولندا وفيلم "همام في أمستردام" توجهت العائلة الفنية لشرم الشيخ بعد أن كتب السيناريست مدحت العدل فيلماً استوحى اسمه- بحسب ما أتذكر- من إعلان مشروب غازي شهير حمل شعار "فانلة كورة كاب".

تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة شباب (خالد ومنعم وعصفور) يعيشون في شرم الشيخ ويعملون في السياحة، ويتعرف خالد (أحمد السقا) على فتاة من جنسية عربية، تُدعى رباب (نور)، جاءت إلى شرم الشيخ مع والدها وزير الخارجية الذي جاء لحضور مؤتمر يناقش قضية "السوق العربية المشتركة".

وتمر رباب بعلاقة متوترة مع والدها بسبب شاب تحبه (نايف) ولكن والدها يراه غير جدير بها، وعندما تهرب من والدها تطلب مساعدة خالد لتوصيلها إلى حبيبها في مدينة "دهب"، لتكتشف، بمساعدة خالد، أن نايف أراد استغلالها وتصويرها في أوضاع مخلة لابتزازها، فتهرب مع خالد وتقضي معه بعض الوقت في الصحراء حتى تنشأ قصة حب بينهما في نفس الوقت الذي يكون والدها قد أبلغ الشرطة باختطاف ابنته قبل أن يدلى بتصريحات للإعلام يقول فيها إن الشرطة المصرية مقصرة في البحث عن الفتاة.

وحتى هذه الجزئية فالأحداث جيدة تصلح كفيلم خفيف يقضي أمامه المُشاهد ساعتين ويستمتع به وينساه بمجرد نزول كلمة النهاية على الشاشة. ولكن يبدو أن مؤلف الفيلم كان يرفض أن يُوصف فيلمه بأنه فيلم مُسلٍ، فحاول أن يجعله فيلماً هاماً يناقش قضية ما، فأقحم قضية "صراع الأجيال" وسط الأحداث دون داعٍ.

فنجد منعم (شريف منير) يقول لوالد رباب دون سبب منطقي: "أخرس إيه؟ سعادتك فاكر إن انتوا بس اللي صح واحنا غلط؟ فاكرينا جيل تافه؟ لأ يا أفندم، نيوتن اكتشف قانون الجاذبية الأرضية وهو عنده 19 سنة، وموتزارت أبهر العالم كله ومات وهو عنده 32 سنة".

كما أن رباب عندما أرسلت خطاباً لوالدها لتوضح له ولوسائل الإعلام أن خالد لم يختطفها، كتبت في خطابها تقول: "أليس من حق هذا الجيل أن يقرر ما يريد؟! أن يختار من يحب دون وصاية من أحد!".

وهو أمر شديد الغرابة يجعلنا نسأل: ما علاقة الجيل بفتاة مستهترة هربت من والدها وقضت وقتاً لطيفاً مع شاب بعد أن اتضح أن رأي والدها في حبيبها صحيح مائة بالمائة؟ أين قضية صراع الأجيال من هذا الموقف؟

إذا كان المؤلف أراد أن يتطرق إلى قضية صراع الأجيال وحق الجيل الجديد في الاختيار، ألم يكن من المفترض أن يقدم نماذج جيدة للشباب حتى يستطيع أن ينتصر لقضيته؟

الشباب الثلاثة، أحدهم عصفور ندل وخائن لصديقيه ومعروف بينهما بأنه ندل ووُصف أكثر من مرة بتلك الصفة، والثاني منعم يخدع سائحة أمريكية ويوهمها بأنه يحبها لكي يستطيع أن يسافر معها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أما الثالث خالد فهو شاب فهلوي متحرش، شاهدناه في أول الفيلم وهو يمزح مع السائحات الإيطاليات ويقرأ لهن "الكف" ويتحرش لفظياً برباب ويقول لها بصوتٍ مرتفع: حد تاني يحب يقرأ الكف؟ (تحرش لفظي).

كما شاهدناه يتحرش بها جسدياً أثناء تواجدهما بجانب الخيمة ليلاً وبعدما سمعا صوت ذئب بالقرب منهما، وهو المسؤول عن حمايتها وقد تقاضى مقابل ذلك 200 دولار.

مؤلف الفيلم يريد أن ينتصر للجيل الجديد (جمهور السينما) في معركة مفتعلة مع الجيل القديم من خلال "ندل" و"نطع" و"متحرش" و"فتاة مستهترة" كان أولى بها أن تعود إلى والدها وترتمي في أحضانه وتعتذر له بعد أن اكتشفت أن رأيه في حبيبها كان صحيحاً تماماً.

ولا يعيب السيناريو إقحامه لقضية صراع الأجيال فقط، فرسم الشخصيات كان سيئاً للغاية، فعن شخصية عصفور (أحمد عيد)، ذلك الشخص الجبان الذي اعترف بارتكاب جريمة لا يعلم عنها شيئاً، نجده في بعض المشاهد- وهو في قبضة رجال الشرطة- يمزح معهم لدرجة السخرية منهم، فكيف يكون جباناً ويعترف على نفسه وفي نفس الوقت يمزح بتلك الطريقة؟ تناقض كبير لجأ إليه المؤلف لزيادة جرعة الكوميديا في الفيلم.

وعن شخصية أحمد السقا، فقد تم تقديمها بشكل مبالغ فيه، فنجده يقول للضابط الذي ألقى القبض عليه: "أنا اسمي خالد المصري ومافيش واحد في شرم كلها مايعرفنيش". وهي جملة غير واقعية لا معنى لها، ربما كان ينقصها فقط أن يضيف عليها عبارة (ومافيش مرة- امرأة- مابتحبنيش)، تلك الجملة شديدة السذاجة التي قالها عادل إمام في فيلم "سلام يا صاحبي" عام 1987 وهو الممثل الذي لا يتمتع بأي درجة من الوسامة أو القبول ومع ذلك أصبح نموذج نجاح لهذا الجيل الذي يحب الكثيرون منه وصفه بكلمة "الزعيم".

ويضاف إلى سقطات مؤلف "شورت وفانلة وكاب"، آخر ربع ساعة من الفيلم، عندما يعود خالد ومعه رباب ويقتحم الفندق الذي يعقد به مؤتمر السوق العربية المشتركة ويضع مسدساً على رقبتها ويطلب من رجال الشرطة أن يحضروا له مأذوناً لكي يتزوج من رباب تحت تهديد السلاح!

لماذا فعل ذلك وقد تم حل المشكلة بالخطاب الذي أرسلته رباب لوالدها؟

وإذا كان خالد أراد أن يضع والد حبيبته أمام الأمر الواقع فلماذا لم يذهبا إلى المأذون ويتزوجا ثم يعودا إلى والد رباب بدلاً من الزواج تحت تهديد السلاح الذي يعتبر باطلاً؟!

أسئلة كثيرة كان يحتاج مؤلف الفيلم أن يسألها لنفسه ويجيب عليها قبل أن يقدم سيناريو الفيلم للمخرج سعيد حامد الذي أخرج الفيلم بطريقة جيدة ومناسبة لفيلم خفيف، فقد اعتمد بشكل كبير على اللقطة المتوسطة medium shots التي تعتبر أكثر لقطة مريحة للعين، كما أن حركة الكاميرا كانت سلسة هادئة استطاع من خلالها المخرج أن ينقل صورة مريحة للعين للمدينة السياحية الجميلة التي أصبحت بعد هذا الفيلم مقصداً لعدد كبير من صناع الأفلام "الشبابية".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد شريف
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
تحميل المزيد