صدر حديثاً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، 2020، كتابٌ للباحثين يوسف كرباج وحلا نوفل بعنوان: الفلسطينيون في العالم: دراسة ديموغرافية. يقع الكتاب في (296) صفحة، ويقسم إلى 12 فصلاً، يبحثان فيه الجوانب الديموغرافية للفلسطينيين في العالم.
فصول من الكتاب
في الفصل السابع، "الفلسطينيون في العراق: أرض استضافة متواضعة للفلسطينيين"، يستهل الباحث بملاحظة استنكارية مفادها: أن العراق بالرغم من أنه بلد كبير السكان وكثير الموارد إلا أنه استضاف عدداً قليلاً من الفلسطينيين اللاجئين!
في عام 1949، وقعّت الهدنة العربية – الإسرائيلية، وأتى مع الجيش العراقي (العائد من الحرب) عدد قليل من الفلسطينيين (اللاجئين). وبنفس العام (1949) بلغ عددهم، وفق بعثة الأمم المتحدة، حوالي 4 آلاف شخص. وتعود أصولهم إلى قرى المثلث: إجزم، جبع، وعين غزال. ويرجع الباحث سبب قلة أعداد اللاجئين لعدم وجود حدود مشتركة بين العراق وفلسطين، لكن، يٌفنّد الباحث هذا السبب الافتراضي بوجود أعداد أكثر من اللاجئين في دول الخليج العربية مقارنة بالعراق، بالرغم من عدم وجود حدود لها مع فلسطين.
بين عامي 1948 و1958، استقبل العراق لاجئين آخرين من الفلسطينيين، بشرط أن يأتوا من فلسطين المحتلة، وأن يدخلوا العراق قبل سبتمبر/أيلول عام 1958 (ثورة عبدالكريم قاسم ضد الملكية).
عزّزت الهجرة الفردية العٌمالية الفلسطينية المجتمع الفلسطيني في العراق، فصار عددهم عام 1969، حوالي 14 ألفاً، وعام 1977، حوالي 18 ألفاً، وعام 1998، حوالي 30 ألفاً، وفي عام 2003 (عام الغزو الأمريكي على العراق) حوالي 34 ألفاً. لكن العدد انخفض لـ10 آلاف عام 2010 (حسب تقديرات منظمة هيومن رايتس ووتش)، بعد عقود من الحروب العراقية مع إيران والتحالف الغربي والولايات المتحدة (المعطيات الواردة غير دقيقة بحسب الباحث). في المقابل، توقّع مكتب الإحصاء الأمريكي عام 1991 أعدادهم بحلول عام 2010 بـ58 ألفاً.
لماذا شبه الاختفاء؟
1. الاضطرابات التي حلّت بالعراق منذ عام 1980 وحتى تاريخه.
2. العداء السافِر من النظام العراقي الجديد بعد عام 2003 إزاء الفلسطينيين.
3. لم يتمكن اللاجئون بعد حرب عام 1948 من الحصول على صفة "لاجئ"، ولم تتولّ الأونروا شؤونهم.
مع وصول صدام حسين لرئاسة الدولة عام 1979، تمكن الفلسطيني من الحصول على تصاريح إقامة، ووثائق سفر للتحرك داخل الدولة، دون مغادرتها، الإعفاء من الخدمة العسكرية، منح جامعية، تعويضات سكن؛ ما أثار حفيظة معارضي النظام! (مع خضوع العراق لعقوبات الأمم المتحدة في الفترة من 1990 – 2003، تفاقمت أوضاع الفلسطينيين).
رجوعاً لمعارضي النظام الذين حكموا البلاد بمساندة الاحتلال الأمريكي بعد سقوط بغداد في أبريل/نيسان عام 2003، عانى الفلسطينيون جراء المعاملة الجائرة، خاصةً أن أغلبيتهم الساحقة من الطائفة السٌنية. على خلاف المنظومة الحاكمة الجديدة ذات النزعة الشيعية المهيمنة.
بعد عام 2006 (عام تفجير مرقدي العسكري والهادي)، يمكن القول: إن الفلسطينيين دفعوا ثمناً باهظاً، وبات طردهم يلوح بالأفق، في ظل إغلاق الدول العربية المجاورة أبوابها أمامهم؟ ومن المفارقات الأليمة: ترحيب دول غربية كإيطاليا وبريطانيا والسويد بهم.
يستعرض الباحث شهادة حية لصحافية فلسطينية من مدينة غزة، تدعى أسماء الغول، تروي المعاناة التي لاقتها في وجودها في دولة الإمارات، من نبذٍ ممنهج لأسباب اللهجة والملابس… إلخ.
أما إسرائيل فقد منعت دخولهم إلى الضفة الغربية، فبقي معظمهم عالقاً على الحدود العراقية – الأردنية.
ينهي الباحث فصله باستشراف مفاده: انقراض المجتمع الفلسطيني في العراق بحلول عام 2050.
الفصل الثامن، "الفلسطينيون في دول الخليج العربية: نخبة مثقفة ومختارة". يعود الوجود الفلسطيني في دول الخليج العربية إلى مئة عام مضت، وكان لهذا الوجود أهمية فائقة في بناء الدولة الخليجية. تقديرات عدد السكان الفلسطينيين في الخليج العربي غير دقيقة بالرغم من تطور أجهزة الإحصاء المركزي الخليجي؟ لأسباب، قد تكون منطقية:-
1. صعوبة تقدير أعدادهم، حيث وجود فلسطينيين يحملون الجنسية الأردنية، وجوازات سفر أردنية.
2. فلسطينيون يحملون وثائق سفر مصرية، وبالتالي فهم تابعون للقنصلية المصرية في البلد المعني.
3. فلسطينيون يحملون وثائق سفر سورية.
4. فلسطينيون يحملون وثائق سفر لبنانية.
5. فلسطينيون يحملون جواز سفر أمريكياً، أو كندياً، أو أوروبياً.
يقدر عدد الفلسطينيين في الخليج العربي بمليون نسمة. في السعودية، 300 ألف عام 2000، الكويت بـ40 ألفاً بُعيد كارثة حرب الخليج الثانية (1991). مع وجود تقديرات أخرى في البلدين المذكورين. ويستأثران بـ90% من الهجرة العمالية (الفلسطينية) بالنسبة لدول الخليج العربي (قبل عام 1991؛ وبعد هذا العام أصبحت الإمارات وقطر الوجهتين لجاذبية العمل والهجرة).
تدنى عدد الفلسطينيين في الكويت بعيد عام 1991 من 400 ألف إلى 40 ألفاً لأسباب/تداعيات الاحتلال العراقي للكويت والموقف الرسمي الفلسطيني المؤيد للنظام العراقي. أما في السعودية فتمكن الفلسطينيون من الحفاظ على وجودهم.
يستعرض الباحث شهادة حية لصحافية فلسطينية من مدينة غزة، تدعى أسماء الغول، تروي المعاناة التي لاقتها في وجودها في دولة الإمارات، من نبذٍ ممنهج لأسباب اللهجة والملابس… إلخ.
كما وذكر الـ"أفضلية الوطنية" في تمييز المواطنين الخليجيين (الأصليين) وغير المواطنين، وما في ذلك من صعوبات؛ كإقامة العامل وربطه بكفيل وطني. كما أن للمنافسة الآسيوية العمالية تحدياً كبيراً للفلسطيني، في عُمان، والبحرين، والإمارات. ويكون لتذبذب سعر برميل النفط والسياسة الخارجية "الخليجية" تأثير مباشر على الوجود الفلسطيني في دول الخليج العربية.
يضم الفصل التاسع، "الفلسطينيون في أوروبا الغربية (فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا)"، دراسة لثلاث دول فقط من أوروبا الغربية، لصعوبة المهمة المستحيلة في التعامل مع جميع الدول الأوروبية؛ لذا، ارتأت الدراسة الحديث عن فرنسا، لأهميتها الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، وفي حل القضية الفلسطينية. واختار المملكة المتحدة لجهود فلسطينييها في تأسيس جمعيات تهدف لحماية وجوده وعقد أول مؤتمر فلسطيني في لندن عام 2003. وأخيراً، ألمانيا، كونها تمثل أنموذجاً لفهم الحقائق الديموغرافية للفلسطينيين؛ خاصة، مع وجود العدد الأكبر من الفلسطينيين فيها (مقارنةً بدول أوروبا).
بعد حرب عام 1967، قام شارل ديغول بافتتاح سياسة أكثر توازناً في منطقة الشرق الأوسط، وتالياً أخذ فرانسوا ميتران (1981 – 1995) زمام المبادرة في أن يأذن بتحويل مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا إلى الوفد العام لفلسطين (مع تمتع بوضع شبه دبلوماسي). وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2014 صوتت الجمعية الوطنية الفرنسية بأغلبية 339 صوتاً مقابل 151 ضد و16 ممتنعاً، على قرار ينص على أن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه ويدعو الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بدولة فلسطين، لكن لم يكن لهذا النص قوة ملزمة.
تعود الهجرة الفلسطينية إلى فرنسا إلى مطلع القرن العشرين، فقد غذت النكبة شبكة هجرة متواضعة، بسبب عوائق اللغة وأن فرنسا لم تكن مفتوحة للاجئين. يذكر الباحث دراسة لساندرين ميرين، منشورة عام 1991، وتتعلق بالفلسطينيين في فرنسا، فقبل عام 1948 جاء الفلسطيني من تلقاء نفسه، عكس من جاء بعد الحرب (النكبة) أو عام 1967. وقد فضّل بعضهم إخفاء أصلهم والاندماج في المجتمع المستقبل (فالسياق السياسي لم يكن مواتياً). لكن الذين وصلوا في عام 1967 أعلنوا عن فلسطينيتهم منذ البداية.
تتعدد التقديرات في عدد الفلسطينيين في فرنسا. فهناك أرقام تتحدث عن 500 و3000 نسمة. وأرقام تتعدى إلى 7000 نسمة! معظم الفلسطينيين في فرنسا هم من الطبقة المثقفة (المتعلمة) أو الطلاب. ويحملون الجنسية الفرنسية.
ثانياً: الفلسطينيون في المملكة المتحدة، فرص المشاركة والاندماج
لم تشكل القارة الأوروبية في مطلع القرن العشرين وجهة جاذبة للهجرة العربية، لسبب يتمثل في اندلاع حربين عالميتين أنهكتا أوروبا (1914 – 1945). وكانت القارتان الأميركيتان (الولايات المتحدة وكندا، أمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية)، هما الوجهة الغربية للهجرة. في المملكة المتحدة (من المهم هنا توضيح نقطة في غاية الأهمية وهي: أن الباحث يُشير مرةً للمملكة المتحدة ومرةً إلى بريطانيا، وبينهما فرقٌ هام لطلبة العلوم السياسية والعلاقات الدولية وللباحثين عموماً.
فالمملكة المتحدة تعني: بريطانيا، وإيرلندا الشمالية. في حين أن بريطانيا تضم إنجلترا، أسكتلندا، وويلز. ما يعني أن اسم المملكة المتحدة يراد به جميع المناطق الخمس المذكورة).
يعود الوجود الفلسطيني في المملكة المتحدة إلى ما قبل النكبة عام 1948، إذ كان بعض الفلسطينيين يعملون في هيئة الإذاعة البريطانية، وفي الخدمة المدنية مع سلطات الانتداب. بعد عام 1967، ارتفع العدد نتيجة قدوم طلاب فلسطينيين للعمل والدراسة. وتدفقت أعداد منهم نتيجة الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في الأعوام 1978 و1982، إضافة لحرب الخليج الثانية (1991)، التي هجّرت مئات الآلاف من الكويت إلى عدة بلدان، منها بريطانيا. وفي المجمل فإن الهجرة الفلسطينية إلى بريطانيا حديثة نسبياً، بمراحل ثلاث:
1. هجرة في أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية.
2. الهجرة بعيد الغزو الإسرائيلي للبنان.
3. الهجرة بعيد حرب الخليج الثانية.
في دراسة لـ"لينا محمود"، تعالج خلالها التحولات التي شهدها المجتمع الفلسطيني "البريطاني"، من أجل المحافظة على الهوية الفلسطينية، فأُسست الجمعيات والروابط الهادفة لدعمهم، في ظل قلة المصادر والإحصاءات التي تناولت واقعهم. فضلاً عن دعوة المُفكرة العربية، مضاوي الرشيد، لاعتماد مقاربة تتقصى أحوالهم الاجتماعية والأنثروبولوجية بمعزل عن الانهماك بالأرقام "المضللة". ولعل هذه الأرقام تصعب من تصنيف الفلسطينيين، المصنفين ضمن خانة المهاجرين "الشرق أوسطيين". وما لهذه القضية من استحالة حصرهم لعدم اعتراف القوانين البريطانية بهم كجنسية. عدا عن تعدد الإحصاءات التي تناولت أعدادهم؛ فهنالك من يقدّرهم بـ20 ألف نسمة، وأخرى بـ35 ألفاً، و60 ألفاً.
ثالثاً: ألمانيا، أكبر عدد من الفلسطينيين في أوروبا
البيانات التي تناولت فلسطينيي ألمانيا يشوبها عدم الدقة، بالرغم من أن العدد الأكبر من الفلسطينيين في أوروبا متواجدون في ألمانيا. قدرت صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية أعدادهم عام 2000 بـ30 ألفاً. فعوامل الطرد للفلسطينيين نتجت عن الحرب الأهلية اللبنانية وصراعات الشرق الأوسط. في حين أن عوامل الجذب تتمثل في: 1. سهولة دخول ألمانيا دون تأشيرة، ويطرح الباحث مثالاً تقريبياً: بأن يستقل الفلسطيني طائرةً من سوريا إلى ألمانيا الشرقية (الاشتراكية) ومن ثم إلى برلين الغربية، ويطلب اللجوء السياسي هناك. لكن مع توحيد ألمانيا (سقوط جدار برلين عام 1989) أصبحت البلاد أقل انفتاحاً، ما ارتد على الفلسطينيين (المهاجرين) وحدا بهم إلى الاتجاه إلى الدول الإسكندنافية، بطرق قانونية وغير قانونية.
حتى عام 2012، لم يكن الفلسطينيون حاضرين في الإحصاءات الألمانية، لكن مع عام 2013، أصبح الإحصاء أسهل مع وجود الأراضي الفلسطينية في التعدادات الألمانية. كما أن الجزء الأكبر من الفلسطينيين يحملون الجنسية الأردنية. أما الأقلية فهي ذات الجنسية الإسرائيلية (فلسطينيو 48). عدا عن حصول بعضهم على الجنسية الألمانية.
في الفصل العاشر، "الفلسطينيون في بلدان شمال أوروبا"، اشتمل البحث على 5 دول في شمال أوروبا، وهي: السويد، الدنمارك، النرويج، أيسلندا، وفنلندا.
1. السويد: مع أن عدد سكانها يناهز الـ10 ملايين نسمة، إلا أنها استقبلت العدد الأكبر من الفلسطينيين – مقارنة بالدول الإسكندنافية. تعود العلاقة بين السويد والفلسطينيين إلى عام 1940 عندما دفع الكونت "فولك برنادوت" حياته ثمناً لوساطته في فلسطين ومحاولة الحفاظ على الدولة الفلسطينية على مساحة 80% من أرض فلسطين الانتدابية. كما أن السويد من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت بدولة فلسطين عام 2011.
وتعود الهجرة الفلسطينية إليها إلى عام 1962، وكانت هجرة طلابية، وجاءت نتيجة حروب الشرق الأوسط (أيلول الأسود 1970، وتجريدهم من الجنسية الأردنية، الحرب الأهلية في لبنان والاجتياح الإسرائيلي، غزو العراق للكويت). في أواخر التسعينيات ذكرت "هيلينا شولتز" عددهم بـ13 ألف نسمة، لكن هذا العدد غير دقيق، لأنهم غير مسجلين وفقاً لهويتهم العرقية، إنما بحسب البلد الآتين منه.
2. الدنمارك: حصلت هجرة متواضعة في الستينيات والسبعينيات (مئات الوافدين) من الضفة الغربية والأردن (الغزو الإسرائيلي) وقدر عددهم عام 1987 بـ2694 شخصاً. وفي عام 2000 بـ189؛ ما يعني أنهم جاءوا من بلد ثالث (لبنان)، نتيجة السياسات الجائرة الحكومية إزاءهم، وللحصول على الجنسية الدنماركية. لكن إجراءات الدانمارك المقيدة للفلسطينيين، دفعتهم إلى إنشاء شبكات فلسطينية كمعهد فلسطين الدولي.
3. النرويج: لم تقبل إدخالهم لعدم امتلاكهم أوراقاً رسمية، ويقدر عددهم
بـ3825، مع صعوبة في إحصائهم.
4. أيسلندا: تمثل وزناً سياسياً ورمزياً للفلسطينيين أكثر من كونه ديمغرافياً، فقد اعترفت بدولة فلسطين عام 2011 كأول بلد أوروبي، وأقامت علاقات دبلوماسية معهم.
5. فنلندا: بعد النكبة توجه حوالي 100 فلسطيني إليها، وهي كحال البلدان الأخرى لا تتوفر فيها إحصاءات عن الفلسطينيين، ويندرجون ضمن فئة "بدون جنسية". في عام 2016 قُدر عددهم بـ3500 نسمة، 300 منهم يحملون الجنسية الفلسطينية أو الأردنية.
في الفصل الحادي عشر، "الفلسطينيون في الولايات المتحدة الأمريكية: بين الاندماج والشعور بالانتماء"، لا توجد معطيات دقيقة عن عدد الفلسطينيين في الولايات المتحدة، إذ لا يوجد إدراج لفلسطين كدولة في السجلات والتعددات الأمريكية.
فحتى عام 1920 كان العرب الآتون إليها مسجلين على أنهم من تركيا. وحتى وقت قريب لم يكن يُعترف بالفلسطيني كجنسية. في عام 1980 قدر عددهم
بـ282 ألفاً. وفي عام 2000 بـ72 ألفاً فقط. أما الجهاز المركزي الفلسطيني فقدر عددهم عام 2005 بـ236 ألفاً. تدرج هجرة الفلسطينيين الأوائل في إطار هجرة العرب قبل النكبة. وكان أغلبهم تجاراً. وفيما بعد سيطروا على متاجر التجزئة في شيكاغو.
الموجة الأولى أتت من بلاد الشام وكانوا في الأغلب مسيحيين لا يحملون شهادات علمية، ولا يتقنون اللغة الإنجليزية، إلا قليل منهم. كما أنهم عملوا بالوظائف التي لا تحتاج إلى مهارات، وبأجور منخفضة. إلا أنها شكلت وسيلة للاندماج في النسيج الاجتماعي، وكان سبب اللجوء؛ اقتصادياً. فضلاً عن تقديمهم للتضحيات للحصول على الثروة والعودة لبلد الأصل. وكانت السمة التي ميزتهم (المهاجرين الأوائل) عن التاليين هي: أسطورة العودة. إذ إن أغلبيتهم استقروا في نهاية المطاف وشرعوا في لم شمل أسرهم. فشكلوا فيما بعد الجالية العربية الأمريكية.
كانت أكبر موجة لهم بعد حرب 1967 وبلغت ذروتها في الثمانينيات نتيجة لارتفاع وتيرة الضغط الإسرائيلي والضغط الاقتصادي. فتوجه عدد لا بأس به من الشباب للتعلم في الجامعات الأمريكية. وكانوا أفضل تعليماً؛ نتيجة لمدارس الأونروا وزيادة الجامعات في الشرق الأوسط. الهجرة الثالثة كانت هجرة أدمغة بعد استيفائهم لمتطلبات قانون الجنسية لعام 1965. (85% منهم من مدن وقرى الضفة الغربية، و15% من أراضي عام 1948). وقد واجهوا صعوبات ومعوقات في عملية الاندماج بسبب اللغة والعادات والتقاليد. فنشطوا في المساجد والكنائس والجمعيات للحفاظ على الهوية، وصاروا رؤساء جامعات وأصحاب شركات برؤوس أموال. يستشرف الباحث عددهم بحلول عام 2025 بـ344 ألفاً و441 ألفاً لعام 2050.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.