300 مليون طفل محرومون منه لكنه البديل الوحيد المتاح.. عن التعليم الإلكتروني في زمن الوباء

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/04 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/04 الساعة 11:33 بتوقيت غرينتش

التعليم الإلكتروني غير المتزامن هو تعليم غير مباشر، لا يحتاج إلى وجود المعلمين والمتعلمين في نفس المكان. بينما يعيش العالم اليوم الخوف من انتشار فيروس كورونا وتوقف عجلة الحياة عند هذا الفيروس الذي أودى بحياة الكثيرين وبعد إصابات عالية في المنطقة، جاء قرار التحول للتعليم الإلكتروني كآخر ما توصل إليه العلم الحديث بعدما توقفت المدارس عن استقبال الطلبة.

أُغلقت المدارس والمؤسسات الثقافية في أنحاء متفرقة حول العالم، إضافة إلى إلغاء الأحداث الرياضية في محاولة من حكومات الدول للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، وعُلقت جميع الأنشطة الرياضية للبطولات الكبرى في الولايات المتحدة، كما تمّ إيقاف عروض برودواي لمدة شهر، وتعدّ فرنسا أحدث الدول الأوروبية التي أغلقت جميع المدارس والجامعات ودور الحضانة على أراضيها.

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تفشي المرض بأنه أخطر أزمة صحية تضرب فرنسا منذ قرن.

في المملكة المتحدة، قالت الحكومة إنه يتمّ النظر في مثل هذه الإجراءات ولكنّ النصيحة العلمية كانت بأنّ "ذلك قد يتسبب بأضرار أكثر من منافع" في هذه المرحلة.

إلا أنه تمّ حظر جميع الرحلات المدرسية إلى الخارج ونُصح أي شخص يعاني من السعال أو ارتفاع درجة الحرارة بالعزل الذاتي لمدة سبعة أيام.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنّ هذه "أسوأ أزمة صحية عامة".

البديل هو التعليم الإلكتروني

يعتمد التعليم الإلكتروني أساساً على الحاسوب والشبكات في نقل المعارف والمهارات. وتضم تطبيقاته التعلم عبر الويب والتعلم بالحاسوب وغرف التدريس الافتراضية والتعاون الرقمي. ويتم تقديم محتوى الدروس عبر الإنترنت والأشرطة السمعية والفيديو والأقراص المدمجة. وتكمن أهمية التعليم الإلكتروني في حل مشكلة الانفجار المعرفي والإقبال المتزايد على التعليم وتوسيع فرص القبول في التعليم، إضافة إلى التمكين من تدريب وتعليم العاملين دون ترك أعمالهم والمساهمة في كسر الحواجز النفسية بين المعلم والمتعلم وكذلك إشباع حاجات وخصائص المتعلم مع رفع العائد من الاستثمار بتقليل تكلفة التعليم.

يمكن اختصار خصائص التعليم الإلكتروني في كونه يقدم، عبر الحاسوب وشبكاته، محتوى رقمياً متعدد الوسائط (نصوص مكتوبة أو منطوقة، مؤثرات صوتية، رسومات، صور ثابتة أو متحركة، لقطات فيديو) بحيث تتكامل هذه الوسائط مع بعضها البعض لتحقيق أهداف تعليمية محددة.

يدار هذا التعلم إلكترونياً، حيث يوفر عدداً من الخدمات أو المهام ذات العلاقة بعملية إدارة التعليم والتعلم، فهو قليل التكلفة مقارنة بالتعليم التقليدي. كما يساعد المتعلم على اكتساب معارفه بنفسه فيحقق بذلك التفاعلية في عملية التعليم (تفاعل المتعلم مع المعلم، مع المحتوى، مع الزملاء، مع المؤسسة التعليمية، مع البرامج والتطبيقات) كونه يوفر إمكانية الوصول إليه في أي وقت ومن أي مكان.

أنواع التعليم الإلكتروني

ــ   التعليم الإلكتروني المتزامن: وهو التعليم على الهواء أو البث المباشر، والذي يحتاج إلى وجود المتعلمين في نفس الوقت أمام أجهزة الحاسوب، لإجراء النقاش والمحادثة بين المتعلمين أنفسهم، وبينهم وبين المعلم، ويتم هذا النقاش بواسطة مختلف أدوات التعليم الإلكتروني وهي لوح الأبيض – الفصول الافتراضية – المؤتمرات عبر (الفيديو، الصوت) – غرف الدردشة وإيجابيات هذا التعليم  حصول المتعلم على تغذية راجعة فورية، تقليل التكلفة، الاستغناء عن الذهاب إلى مقر الدراسة.

سلبياته: حاجته إلى أجهزة حديثة وشبكة اتصال جيدة، الالتزام والتقيّد بالوقت المحدّد للدروس لوجود المُتَعَلِّم والمُعَلِّم بنفس الوقت.

ــ  التعليم الإلكتروني غير المتزامن: التعليم الإلكتروني غير المتزامن هو تعليم غير مباشر، لا يحتاج إلى وجود المتعلمين في نفس الوقت؛ حيث يتمكن المتعلم من الحصول على الدراسة حسب الأوقات المناسبة له، وبالجهد الذي يرغب في تقديمه. يستعمل أدوات مثل البريد الإلكتروني والويب والقوائم البريدية ومجموعات النقاش وبروتوكول نقل الملفات والأقراص المدمجة، إيجابيات حصول المتعلم على الدراسة حسب الأوقات المناسبة له، تلقي التعليم حسب المجهود الذي يرغب المتعلم في تقديمه، التمكن من إعادة دراسة المادة والرجوع إليها إلكترونياً حسب الحاجة.

شروط نجاح التعليم الإلكتروني

من أجل إنجاح هذا النوع من التعليم هناك عدة شروط لذلك، منها تحديد الأهداف التعليمية الواجب تحقيقها، وكذلك قبول إجابات وأفكار ونتائج متنوعة، وتقديم المعرفة بدلاً من توصيلها ونقلها، بالإضافة إلى تقويم المهمة التعليمية بدلاً من تقويم مستوى المعرفة، هو يمثل أهم شرط مع تشجيع المجموعات المتباعدة بدلاً من المحلية.

معايير جودة البرامج: لإعطاء برامج التعليم الإلكتروني ذات جودة أكبر يجب مراعاة وتحقيق العناصر الآتية:

الأهداف التعليمية؛ يتم تحديد الأهداف التعليمية في بداية العمل، وصياغتها في أسلوب واضح وقابلة للقياس، اختيار استراتيجية التعليم التي تساعد في تحقيق الأهداف التعليمية. 

واجهة الدرس؛ تتميز واجهة التفاعل بسهولة الاستخدام، ومساعدة المعلم على تشخيص وإلغاء الأخطاء، اتسام محتوى الصفحة بالبساطة والدقة وعدم التكلف، تنظيم المادة العلمية بعناصرها المختلفة في تنسيق مناسب، وضع الأفكار الرئيسية في أعلى الصفحة، تضمين نشاطات فردية وجماعية يقوم بها المتعلمون.

الشكل والمظهر؛ أدوات التنقل واضحة ويتعرف عليها بسهولة، وتمييز الوصلات أو الارتباطات (مثلاً بلون موحد أزرق)، الكتابات لا تغطي أكثر من ثلث الشاشة، يستحسن استخدام خلفية ذات ألوان متناسقة دون كتابات مع نوع واحد أو اثنين فقط من خطوط الكتابة، عدم استخدام أكثر من سبعة ألوان في كل شاشة، استخدام الفيديو عند الضرورة فقط.

معوقات التعليم الإلكتروني

– التطور السريع في المعايير القياسية العالمية، مما يتطلب تعديلات كثيرة في المقررات الإلكترونية. 

– عدم وجود وعي كافٍ لأفراد المجتمع بهذا النوع من التعليم.

– الشهادات المتحصل عليها من خلال التعليم الإلكتروني غير معترف بها من طرف بعض الجهات الرسمية.

– الخصوصية والسرية حيث يوجد اختراق للمحتويات والامتحانات.

اليابان

بدأت تجربة اليابان في مجال التعليم الإلكتروني عام 1994 بمشروع شبكة تلفزيونية تبث المواد الدراسية التعليمية بواسطة أشرطة فيديو للمدارس حسب الطلب من خلال (الكيبل) كخطوة أولى للتعليم عن بُعد، وفي عام 1995 بدأ مشروع اليابان المعروف باسم "مشروع المئة مدرسة"، وقد تم تزويد المدارس بالإنترنت بغرض تجريب وتطوير الأنشطة الدراسية والبرمجيات التعليمية من خلال تلك الشبكة.

وفي عام 1995 أعدت لجنة العمل الخاص بالسياسة التربوية في اليابان تقريراً لوزارة التربية والتعليم تقترح فيه أن تقوم الوزارة بتوفير نظام معلومات إقليمي لخدمة التعليم مدى الحياة في كل مقاطعة يابانية.

الولايات المتحدة

في دراسة علمية أجريت عام 1993 تبين أن 98% من مدارس التعليم الابتدائي والثانوي في الولايات المتحدة لديها جهاز حاسب آلي لكل 9 طلاب، وفي الوقت الحاضر فإن الحاسوب متوفر في جميع المدارس الأمريكية بنسبة 100%. وتعتبر تقنية المعلومات لدى صانعي القرار في الإدارة الأمريكية من أهم ست قضايا في التعليم الأمريكي، وفي عام 1995 أكملت جميع الولايات الأمريكية خططها لتطبيقات الحاسب في مجال التعليم.

وبدأت الولايات في سباق مع الزمن من أجل تطبيق منهجية التعليم عن بُعد وتوظيفها في مدارسها، واهتمت بعملية (تدريب المعلمين لمساعدة زملائهم 2020)، والطلاب أيضاً، وتوفير البنية التحتية الخاصة بالعملية من أجهزة حاسب آلي وشبكات تربط المدارس مع بعضها إضافة إلى برمجيات تعليمية فعالة، كي تصبح جزءاً من المنهج الدراسي، ويمكننا القول: إن إدخال الحاسب في التعليم وتطبيقاته لم يعد خطة وطنية بل هو أساس في المناهج التعليمية كافة.

 ماليزيا

عام 1996م وضعت لجنة التطوير الشامل الماليزية للدولة خطة تقنية شاملة تجعل البلاد في مصاف الدول المتقدمة، وقد رمز إلى هذه الخطة (Vision 2020)، بينما رمز إلى التعليم في هذه الخطة (The Education Act 1996). ومن أهم أهداف هذه الخطة إدخال الحاسب الآلي والارتباط بشبكة الإنترنت في كل فصل بنسبة 90%، من فصول المدارس.

وكان يتوقع أن تكتمل هذه الخطة (المتعلقة بالتعليم) قبل حلول عام 2000م لولا الهزة الاقتصادية التي حلت بالبلاد عام 1997م. ومع ذلك فقد بلغت نسبة المدارس المرتبطة بشبكة الإنترنت في ديسمبر/كانون الأول 1999م أكثر من 90%، وفي الفصول الدراسية 45%. وتسمى المدارس الماليزية التي تطبق التقنية في الفصول الدراسية "المدارس الذكية".

أستراليا

يوجد في أستراليا عدد من وزارات التربية والتعليم، ففي كل ولاية وزارة مستقلة، لذا فالانخراط في مجال التقنية متفاوت من ولاية إلى أخرى. والتجربة الفريدة في أستراليا هي في ولاية فكتوريا، إذ وضعت وزارة التربية والتعليم هناك خطة لتطوير التعليم وإدخال التقنية في عام 1996م على أن تنتهي هذه الخطة نهاية عام 1999م بعد أن يتم ربط جميع مدارس الولاية بشبكة الإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية.

وقد تم ذلك بالفعل، واتخذت ولاية فكتوريا إجراءً فريداً لم يسبقها أحد فيه، إذ عمدت إلى إجبار المعلمين الذين لا يرغبون في التعامل مع الحاسب الآلي على التقاعد المبكر وترك العمل. وبهذا تم فعلياً تقاعد 24% من المعلمين واستبدالهم بآخرين.

من ناحية أخرى، هناك العديد من المبتكرين الذين يعملون بالفعل في المدارس والفصول الدراسية والمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني. وتعمل اليونيسيف على التعرف عليهم ومساعدتهم على إظهار أثرهم، وصياغة الشراكات، وتحويل حياة الأطفال الأكثر تهميشاً.

وتقدّر منظمة "اليونيسكو" عدد الطلاب المتضررين من قرار الإغلاق الكلي بنحو 291 مليون طالب، وتوجد قرارات إغلاق جزئية لمدارس في تسع دول، هي: فرنسا، وألمانيا، وباكستان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وتايلاند، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفيتنام، ليبلغ مجموع طلاب المدارس المتأثرين بهذا القرار في الدول التسع نحو 180 مليون طالب.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مروة الجبوري
كاتبة ومحررة
كاتبة ومحررة وفائزة بعدة مسابقات عربية و عراقية في القصة القصيرة
تحميل المزيد