ليست مؤامرة داخلية أو عربية.. كيف حرم خطأ ساذج الجزائري خير الدين زطشي من دخول الفيفا؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/02 الساعة 08:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/02 الساعة 11:11 بتوقيت غرينتش
رئيس اتحاد كرة القدم الجزائري، خير الدين زطشي - FAF

تفاجأ الجمهور الرياضي الجزائري بخبر رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لملف ترشح ابن البلد، خير الدين زطشي، لانتخابات عضوية المجلس التنفيذي للهيئة المسيرة لكرة القدم العالمية، ما فتح الباب واسعاً أمام جدل جديد ومتجدد بين جناحين متصارعين، منذ سنوات عدة، في الساحة الكروية الجزائرية، ونعني بهما مؤيدي زطشي، الرئيس الحالي لاتحاد الكرة الجزائري، و أتباع سابقه في الرئاسة، محمد روراوة.

ومما لاشك فيه  أنّ الخبر المعلن يوم الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2021، حول رفض ملف الترشح، قد نزل كالصاعقة على زطشي الذي كان يُمني النفس لكسب عضوية تنفيذية الفيفا خلال الانتخابات عن قارة إفريقيا المقررة يوم 12 مارس/آذار القادم، بمدينة الرباط المغربية على هامش الانتخابات الرئاسية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم.

وما يؤكد صدمة زطشي هو تأخره يوماً كاملاً في التعليق على الحدث، حيث جاء الرد من خلال  فيديو نشره، الأربعاء 27 يناير/كانون الثاني، على الموقع الرسمي للاتحاد الجزائري لكرة القدم، وقال فيه إنه سيستعمل حقه في الطعن على قرار رفض ملف الترشح.

لجوء زطشي للطعن على قرار الفيفا يؤكد، إذاً، احتفاظه ببصيص من الأمل في منافسة المصري هاني أبوريدة والمغربي فوزي لقجع على المقعدين المخصصين لمنطقة شمال إفريقيا لدخول المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وهما المقعدان اللذان يشغلهما حالياً، المنتهية ولايتهما، أبوريدة والتونسي طارق بوشماوي.

لكن هذا الأمل لا يعدو أن يكون مجرد تمسك غريق بقشة،  بالنظر إلى وضوح السبب الذي بررت به "لجنة الحوكمة" للفيفا رفض ملف خير الدين زطشي، وهو عدم الإشارة لعقوبة تعرض لها سابقاً عند ملء  استمارة الترشح.

وتتمثل العقوبة أو بالأصح العقوبتان، في واحدة محلية، في عام 2016، من طرف الرابطة الجزائرية المحترفة لكرة القدم، بسبب تصريح للصحافة، لم يحترم فيه  زطشي واجب التحفظ، لما كان رئيساً لنادي بارادو الجزائري، والثانية قارية، في سنة 2018، لما انسحب من لجنة تنظيم بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين التي جرت في نفس العام بالمغرب.

من المسؤول عن استبعاد خير الدين زطشي؟

ولم يجد مناصرو خير الدين زطشي من يحملونه مسؤولية رفض ملف الترشح سوى الرئيس السابق للاتحاد الكرة الجزائري كرة القدم، محمد روراوة، أو الجناح الموالي له واتهموه  بـ"الوشاية" وتبليغ الفيفا بهاتين العقوبتين.

ورد "أصدقاء" الحاج روراوة وحتى "خصومه" بسخرية من تلك التهمة بحكم أنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم، في عصر الإنترنت، ليس بحاجة لجهد كبير لمعرفة العقوبتين اللتين سُلطتا على زطشي، كما أنّ اتحاديي الكرة الجزائري والإفريقي هما مؤسستان منخرطتان في الفيفا، وبالتالي كل ما يصدر منهما من قرارات تصل إلى الهيئة الكروية الدولية وتبقى بأرشيفها مهما بلغت أقدميتها.

والمهم في كل هذا وبدون أن أميل لطرف على آخر، فإني أعتقد أنّ خير الدين زطشي، قد ارتكب خطأ ساذجاً ولا أقول جسيماً، لعدم ملئه استمارة  طلب الترشح بالشكل الصحيح، فهو يقول في الفيديو السالف الذكر أنّ عدم إشارته للعقوبتين قد تم عن "حسن نية"، بمعنى لم يقصد من ذلك عدم التصريح بالعقوبة.. وهنا يمكن القول إنّه كان حقاً ساذجاً،  إذ لم يُطلب منه سوى وضع علامة على خانة "نعم"  أو "لا" في الإجابة على سؤال: هل سبق لك التعرض لعقوبة داخلية (أي محلية).. وهل سبق لك التعرض لعقوبة قارية (أي إفريقية)؟ ثم الإشارة لنوع العقوبة في حال الإجابة بـ"نعم".

لا شك في المستوى الدراسي والثقافي للسيد خير الدين زطشي، فهو حاصل على شهادات جامعية بالجزائر وبالخارج، ولا شك أيضاً في قدراته وأفكاره التي مكنته أن يكون أحد رجال الأعمال البارزين في الجزائر، و لا شك أيضاً في إمكانياته التسييرية ونظرته الاستشرافية في المجال الرياضي، التي سمحت له بالنجاح الباهر مع نادي بارادو، إحدى أفضل المدارس الكروية في إفريقيا والمصدرة للاعبين إلى أوروبا، في السنوات الخمس الماضية.

خطأ زطشي الساذج

لا أشك في كل ذلك طبعاً، لكن خطأ في ملء استمارة طلب ترشح يطرح أكثر من سؤال، وما إذا كان زطشي قد ذهب ضحية الثقة العمياء في مساعديه الذين تركهم يملؤون الاستمارة ثم قام هو بالتوقيع عليها دون استشارة رجال القانون.

وليس هذا هو الخطأ القانوني الأول لزطشي ومكتبه التنفيذي في التعامل مع الهيئات الكروية الإقليمية والدولية، ونخص بالذكر رفض الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) ملف ترشح النائب الأول لرئيس اتحاد الكرة الجزائري، بشير ولد زميرلي، للجنة التنفيذية للكاف، خلال الانتخابات التي جرت بالمغرب في عام 2018، بسبب تجاوز المهلة في إيداع الملف.

ومهما كانت نتيجة الطعن الذي تقدم به زطشي في ملف ترشحه للمجلس التنفيذي للفيفا، فإنه منح لمعارضيه الفرصة لانتقاده ويكون أيضاً قد حرق إحدى آخر أوراقه في إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية للاتحاد الجزائري لكرة القدم، المقررة في الربيع القادم، والتي ترشح لها محفوظ قرباج ووليد صادي، المحسوبان على "جناح روراوة".. ولكن  ذلك موضوع آخر.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد