في المركز الثالث متفوقاً على تشيلسي وليفربول.. ما سر تألق ليستر سيتي هذا الموسم؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/23 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/23 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
براندن رودجرز مدرب ليستر سيتي (رويترز)

محتلاً المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي حتى الآن، ليستر سيتي بقيادة المدرب الاسكتلندي، بريندان رودجرز، مدرب الطبقة الفقيرة التي تعمل في صمت مع، تحت يديه مجموعة من الشبان الناضجين، قليلي الكلام، كثيري الحركة، أعمالهم هي التي تتحدث عنهم لذلك لا تشاهد رودجرز أو أحداً من لاعبيه يُذكر كثيراً في وسائل الإعلام المرئية أو محتلاً لواجهات المجلات الرياضية.
وإن وددت أن أصف بريندان رودجرز، المدرب مبخوس الحق في عالم كرة القدم، فلن أجد أبلغ مما قاله عن نفسه ذات يوم "هذا أنا وهذه طريقة لعبي، لا أتغير أبداً" في إشارة إلى تمسكه بمبادئ كرة القدم الجميلة والفعالة.

لكن، وللأمانة الكروية، يبدو أن رودجرز غيّر قليلاً من طريقة لعبه هذا الموسم، وإن كنت تتساءل كيف ذلك؟ حسنا اربط حزام الأمان ولننطلق سوياً.


رودجرز في الأنفيلد

حين كان بريندان مدرباً لفريق ليفربول كان مدمناً على مشاهدة مباريات بيب غوارديولا عندما كان الأخير مدرباً لفريق بايرن ميونخ وحاول تطبيق كثير من أفكار غوارديولا مع الريدز وبالفعل نجح في الكثير وكان قريباً من تحقيق الحلم الذي طال انتظاره آنذاك لكنه واجه تشيلسي بقيادة مورينيو والأخير أجهض حلمه ومنح اللقب لفريق مانشستر سيتي.

بعد مغادرة الأنفيلد اتجه رودجرز نحو بلاده، وحط الرحال في نادي سلتيك حيث بيئة أكثر هدوء وبعيدة عن ضجيج الإعلام الإنجليزي، مقرراً عدم حرق بقية أوراقه في بلاد الضباب رغم تقديمه لأداء رائع رفقة ليفربول، فلم يرضى بقبول تدريب فريق آخر في إنجلترا وقد كان ذكيا في ذلك القرار.

رودجرز في ليستر سيتي

بعد 3 سنوات من التألق والتجارب التكتيكية في اسكتلندا، عاد بريندان رودجرز إلى إنجلترا من بوابة ليستر سيتي وهو يعلم أنه لن يستطيع لعب كرة القدم  على طريقة بيب غوارديولا رفقة ليستر سيتي، لكنه سيحاول محاكاتها ولو قليلاً، فأصبحت طريقة لعبه متوازنة أكثر، لا يستحوذ على الكرة كثيراً بينما يجعل الخصم يقع في الأخطاء ليستغلها هو كأحسن ما يكون.

من ليستر سيتي غادر محرز وكانتي ودرينكووتر وأحمد موسى وماغواير وأخيراً تشيلويل، وكلهم كانوا أعمدة أساسية في الفريق، لكن ذلك لم يجعل الفريق يتراجع لأن نظرة كشافي الفريق للمواهب مميزة ومن الأفضل في العالم. فحين تشاهد تشكيلة الفريق حالياً تلاحظ أن لديه كاسبر شمايكل، أحد أفضل حراس المرمى في إنجلترا، وفي الدفاع يمتلك لاعب مانشستر يونايتد السابق جوني إيفانز الذي أعاد اكتشاف نفسه رفقة الثعالب، رغم بلوغه سن الـ31 سنة.

وبجوار إيفانز، يمتلك الفريق اثنين من أفضل المواهب القادمة على الساحة الكروية وسيكون من بين أكثر المدافعين المطلوبين في الأندية الكبرى، وهو فوفانا القادم من سانت إتيان والأعين كلها عليه، وكذلك يمتلك المتألق التركي سويونجو الذي كان من بين أفضل ثلاثة مدافعين في إنجلترا السنة الماضية قبل أن تطاله الإصابة.

ويمتلك ليستر سيتي الظهيرين بيريرا وكاستان على اليمين، وكلاهما يقدم أداء مميزاً حتى لم يعد المركز الأساسي مضموناً لأحدهما لما يقدمه الثنائي من أداء راقٍ حتى لم نشعر بغياب تشيلويل على اليسار بوجود جايمس جاستن. 

في الوسط، لديهم كاسحة الألغام نديدي، لاعب قوي بدنياً وسريع وذكي تكتيكياً يقدم أداء مميزاً منذ مدة ليست بالقصيرة وبالفعل العديد من الأندية حاولت التعاقد معه، لكن ليستر لم يفرط فيه حتى اللحظة.

ويمتلك ليستر سيتي الجوهرة ماديسون، ولتتكلم عنه أنت؛ لأن الحروف ستعجز عن الوصف أمام موهبته وما يقدمه.

رودجرز محظوظ؛ لأنه يمتلك الثنائي ألبرايتون وبارنز، أجنحة عصرية تمتلك السرعة والمهارة وقادرة على المساندة الدفاعية واللعب في العمق والدخول للوسط كثيراً.

في الوسط، يمتلك تيليمانس وهو السر وراء كل التألق الأزرق هذا الموسم، وهو خيار مميز ومتاح دائماً لحامل الكرة، ودائماً ما يقدم تمريرة الهدف لحسن تمركزه ونظرته للملعب، لذلك لا يمكن تخيل ليستر رودجرز بدون هكذا لاعب، وكما قلت هو المفتاح لكل حالة هجومية. 

ولا يمكن عدم ذكر ماكينة الأهداف، فاردي هداف الدوري الموسم الماضي وصاحب الفضل الكبير على ليستر سيتي، واللاعب الذي يعرِّف نفسه بأهدافه دون الخوض في التفاصيل.

كل تلك الأسماء التي ذكرناها لا تتجاوز تكلفتها الـ200 مليون يورو!
هل هناك أحد منكم شاهد فريق ليستر سيتي هذا الموسم أو حتى الموسم الماضي وشاهد خللاً في منظومة الفريق مع خروج بعض اللاعبين وحتى ركائز الفريق؟

 مازال الأداء ثابتاً بل ويتحسن جولة بعد أخرى، والثقة تزداد أكثر وأكثر. ولا دليل على ذلك أكثر من تقدم الفريق على أندية مثل ليفربول وتشيلسي في جدول الترتيب.

بيب المغرم برودجرز

المراكز الستة الأولى في إنجلترا أصبحت صعبة على كل الفرق؛ لذلك سنشاهد كراً وفراً لآخر الجولات ولن نعرف من أصحاب تلك المراكز إلا في آخر جولة ربما.

رودجرز تعلم كثيراً وطور من نفسه، بيب قال عن هذا الفريق إنه معجب جداً بما يقدمه من عمل كبير للمدرب واللاعبين، هم منظمون ويلعبون بأداء كبير وبشكل مذهل، يعرفون جيداً ما يجب عليهم أن يقوموا به، من الجيد أن نرى العديد من الأندية تلعب بهذا الشكل وتقدم هذا المستوى المميز".

"إنه شيء مميز أن تملك كرة القدم الإنجليزية مدربين بحجم وجودة بريندان رودجرز، هو قادر على تقديم كرة مختلفة ورفع قيمة المنافسة".

لنختم بما قاله بينيتز في أحد حواراته ذات يوم، وهو بالمناسبة شخص أحترمه كفكر وكمدرب كثيراً، قال: بإمكان المرء اليوم تحليل نقاط الضعف والقوة في فريقه أو في الفريق الخصم بكل موضوعية، وعلى ضوء هذه المعطيات يمكنه إعداد الخطة الأولى والثانية والثالثة. سألني لاعب ذات يوم إذا كان هناك خطة رابعة بديلة، ولقد كان على حق فلا يضر في شيء أن نحضر لسيناريوهات كثيرة.

وهذا بالضبط مع يفعله الاسكتلندي مع ليستر هذا الموسم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

جاسر جاب الله
طالب ومدوّن رياضي
طالب ومدوّن رياضي
تحميل المزيد