حتى لا يؤثر عليك ويهز ثقتك بنفسك.. كيف تواجهين الانتقاد وتتعافين منه؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/10/19 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/19 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش

"السلام عليكم أستاذة خلود.. أنا أعاني من وجود أشخاص يقضون مضجعي وينغصون عليّ حياتي بانتقادهم لي، وحرفياً أكون جالسة معاهم وعقلي في حالة صراع بين الرد وعدمه وتضيع فرصة الرد بسبب التردد هذا، وحينما أرجع البيت ألوم نفسي لأني ترددت في الرد ولم أتمكّن من الدفاع عن نفسي واسترداد حقي. قبل ٣ سنوات لم يكن انتقاد أحدهم لي يؤثر فيّ بالشكل الحالي، لكن مؤخراً مررت بظروف كثيرة أدت لتغير شخصيتي، حتى بات انتقاد الآخرين يعلق في مخي ويؤلم قلبي حرفياً وبدون مبالغة.. فهل من نصيحة؟".

الكثير من الاستشارات تصلني تتحدث عن الانتقاد، انتقاد الزوج، انتقاد الأم، انتقاد الصديقة، انتقاد الزميلة وحتى انتقاد الأبناء.

مشكلة نعيشها يومياً ومع كل من حولنا تقريباً، ولأختصر عليكِ الوقت، سأضع لكِ في هذا المقال خطوات عملية وسريعة لمواجهة الانتقاد من خلال ٣ محاور:

ما قبل الانتقاد

وأثناء الانتقاد

وما بعد الانتقاد

أولاً: ما قبل الانتقاد

تأثير الانتقاد

يقول الله سبحانه وتعالى في أثر الكلمة في سورة يس: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12)).

أي أن لكل عمل ولكل قول ولكل حركة هناك أثر، وهذا الأثر مسجل في إمام مبين. والكلمة التي ننطقها لها تأثير قد يستمر لساعات وربما لأيام، وقد يدمي القلب ويذبل الجوارح للأسف.

التأثير الإيجابي سيكتب، والتأثير السلبي سيكتب كذلك

لهذا عليكِ الحرص كل الحرص على الكلمة قبل أن تخرج من فمك لأنك تملكينها فإن خرجت فقد ملكتك!

قواعد لابد منها
الانتقاد أمر حتمي، حتماً ستواجهينه في جميع مراحل حياتك ولا يمكنك تجنبه أبداً.

(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود-١١٨).

اعرفي جيداً أنه من المستحيل أن يُعجب بك كل الناس، وليس شرطاً أن يهمك إعجابهم بك أصلاً، لن توقفي انتقاد الناس لكِ، لكنك تستطيعين "تعلم" كيفية مواجهته.

ابني نفسك أولاً

في قوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (المائدة-٤٨).

يوضح أن من أهم أساليب مواجهة الاختلاف أو الانتقاد، أن يكون لديكِ شرعة ومنهاج تعملين لأجلها، وشرعة المقصود منها هي الرسالة، والمنهاج مفهومه الأهداف التي تحقق هذه الرسالة.

تعلمي من سيرة الرسول
في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكثير من مواقف الانتقاد والاعتداء اللفظي التي تعرض لها شخصياً وهو الصادق الأمين، وما نجا من الانتقاد والتنمر من أقرب الناس إليه. ففيه سيرته تسلية لك وعزاء لقلبك أن تتماسكي وأن تتمسكي بالحق وكريم الخصال.

ضعي قائمة بالردود وتعلمي

تعلمي من قصص النساء في المنتديات ومواقع السوشيال ميديا كيفية رد الناس على بعضهم البعض.

سجلي في دفتر خاص بك كل الانتقادات التي يمكن أن تواجهك وضعي لها الردود المناسبة، احفظيها عن ظهر قلب وكرريها.

ثانياً: أثناء الانتقاد

من المهم أن تفهمي أولاً أسباب ودوافع المنتقد في انتقاده

فقد يكون:

– مريض نفسياً ينتقد الجميع بلا استثناء، فلا جدوى من الرد عليه أو الدخول في نقاشات معه أصلا.

– يتعمد انتقادك أنتِ فقط دوناً عن الجميع وليس لديه فكرة عن شخصيتك، ولا يعرف أبعاد اهتماماتك أو مبادئك أو طراز حياتك.
– شخص تثقين به وبآرائه ويريد نصحك لكن ربما تكون طريقته في النصح مزعجة.
فهم الدوافع ضروري لتتخذي ردة الفعل المناسب تجاه الشخص المنتقد.

أما بالنسبة لردة فعلك فهي لن تخرج عن حالات ثلاث:

1- الأسلوب الدفاعي أو الهجومي/العصبية/الغضب

2- الهدوء والريلاكسيشن، لتأخذي وقتك في اختيار ردة فعلك المناسبة للموقف

3- التجاهل والتطنيش الكامل

ردة فعلك الأولى هي التي يريدها المنتقد (أو المتنمر) بالضبط، استفزازك والاستمتاع بعصبيتك وغضبك، ليظهر أنه المسيطر والهادئ وأنتِ من تنفعلين بلا سبب.

تعلمي من قصة طيور الحمام، والشخص الذي كان يطعمها أمام بيته أملاً في التخلص منها ومن إزعاجها اليومي، لكنها تعود صباح كل يوم طلباً للطعام من جديد، وهو يعتقد أنه بإطعامه لها يتخلص منها ولو مؤقتاً.

هنا عليكِ أن تفهمي أن عليكِ قطع الإمدادات عن المنتقد ليتوقف عن العودة إليكِ.

فلا تعطيه ردة فعلك الأولى: العصبية أو الغضب أو الهروب حتى، لأنها هي كل ما يريده بالضبط ليعود ويستمتع بمشاهدة ردة فعلك هذه المرة تلو المرة تلو المرة.

الخطوط الحمراء لكِ

لا تسمحي أبداً لأي كان بانتقاد ما يلي (بالطبع لا تستخدمي ردة الفعل الأولى):

شكلك

أولادك أو ممتلكاتك

خصوصياتك

طراز حياتك

كيفية الرد على المنتقد

خذي وقتك لاختيار ردة الفعل والكلام المناسب حسب حالته وقربه ومدى معرفتك له.

انفصلي عن الموقف تماماً ولا تأخذي الأمور بشكل شخصي وتذكري رسالتك وأهدافك، ضعيها نصب عينيكِ دائماً، ولا تعطي ردة فعل متوقعة للمنتقد (الصدمة).

وجهي الطاقة الكلامية للمنتقد باتجاه آخر مختلف عنكِ (تشتيت أو إعادة توجيه)

استخدمي من قائمة الردود الجاهزة والتي أعددتها مسبقاً لمواجهة الانتقاد.

وأحياناً عدم الجواب يكون جواياً ذكياً أيضاً.

ثالثاً: ما بعد الانتقاد

صحبة القرآن

تعلمي من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كان القرآن الكريم يرفع من معنوياته، ويسرد له قصص الأنبياء الذين كذّبوا من قبله. اقرئي القرآن وتدبريه، وستجدينه يمسح على قلبك ويطبطب على روحك باستمرار.

صحبة الصالحات

تعلمي من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف أحاط نفسه بمن يحبونه ويشدون من أزره.

فقد كانت لديه زوجته خديجة -رضي الله عنها- وصديقه أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- وعمه أبوطالب. وعندما توقف الدعم الأرضي: مات عنه عمه ورحلت خديجة، كانت رحلة الإسراء والمعراج مدداً سماوياً مباشراً، لينتقل بعدها المدد الأرضي إلى مدينة بكاملها، مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- المنورة.

لذلك من المهم أن تحيطي نفسك بمن تثقين بهم، وبمن يحبونك، وألزميهم وشدي من أزرك بهم.

راجعي نفسك

راجعي رسالتك وأهدافك بالحياة. حسّنيها وطوّريها باستمرار واحرصي على تحليل المواقف ومشاعرك تجاهها في دفتر يومياتك، وقومي بتحديث ورقة الردود الجاهزة باستمرار وتعلمي منها كيف تردين بشكل أفضل وتتجنبين ردة الفعل الأولى (العصبية أو الغضب)

أحبي نفسك XL

استعيني بدفتر لتسويق الذات وسجلي كل إيجابياتك لتردي على كل نقاط الضعف التي يضربها خصومك.

اجمعي كل الأدلة والإثباتات التي تؤكد نقاط قوتك أو تحول نقاط ضعفك إلى قوة.

اكتبي إنجازاتك باستمرار لتستعيدي ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
خلود الغفري
مدربة الأنوثة القيادية ومستشارة علاقات زوجية وتطوير الذات
خلود الغفوري، حاصلة على دبلومات معتمدة في علم النفس والإرشاد الزواجي والأسري، وهي المدربة الأولى في الأنوثة القيادية، معدّة ومقدمة دورات تدريبية تفاعلية مباشرة وأونلاين منذ عام ٢٠٠٨. كاتبة لمئات المقالات والاستشارات التي غيّرت حياة الآلاف من النساء، ومؤسِّسة موقع "إستروجينات"، المرجع الأول لكل زوجة وأم وفتاة لأسرار وفنون الأنوثة القيادية، بباقة فريدة من المقالات والدورات، تأخذها خطوة خطوة نحو التفاؤل والإيجابية والتغيير 180 درجة، بأسلوب مرح لا يخلو من البساطة والعفوية. متزوجة وأم لأربعة أبناء، ومقيمة في أنقرة بتركيا. تواصلوا معي وتابعوني على موقع إستروجينات https://www.estrogenat.com/
تحميل المزيد