اتَّهم إسرائيل بسرقة أفلامه وأخفى حياته الزوجية وفسخ عقده مع عادل إمام.. حياة محمود ياسين التي لا يعلم عنها أحد شيئاً

عدد القراءات
7,503
عربي بوست
تم النشر: 2020/10/15 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/15 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
الفنان الراحل محمود ياسين وزوجته شهيرة

رغم شهرته الواسعة فإن المعلومات المتاحة عنه عبر الإنترنت شحيحة جداً، ولقاءاته أيضاً، خاصة في السنوات الأخيرة، ربما تكون منعدمة، إلا بعض الندوات التي تم تصويرها قبل سنوات عدة.

لطالما كان محمود ياسين بالنسبة لي لغزاً، كيف استطاع هذا الرجل أن يبقى على الساحة حاضراً ومؤثراً حتى مع تقدمه في السن، كيف استطاع الحفاظ على زواجه كل هذه السنوات، والأهم كيف رسم حياته وحده وتحول من مجرد طالب حقوق بانتظار التعيين الحكومي إلى واحد من الأهرامات الفنية في مصر، ومناضل من طراز خاص تبنى قضية لم يتخلَّ عنها حتى لحظة وفاته.

 صدفة غيَّرت حياته

في بورسعيد بدت الحياة واعدة للطفل الصغير محمود، الذي يعمل والده بهيئة قناة السويس، ويقيم في فيلا تُمنح للعاملين في القناة، لكنه اجتهد وأراد الدراسة بجامعة القاهرة، حيث التحق بكلية الحقوق التي تخرج فيها ليحصل على فرصة عمل نادرة جداً، حيث جاء تعيينه في الحكومة في بلده الأم "بورسعيد"!

فرصة ذهبية تحدث مرة في المليون تركها محمود ياسين بنفس راضية حين حدثت معجزة مختلفة وقام المسرح القومي بفتح أبوابه لأول مرة وبصورة استثنائية لخريجي الكليات، وليس معاهد السينما والمسرح فقط، فالتحق به وتمسك بفرصته هناك.

كان محمود ياسين يفتخر بخلفيته في دراسة الحقوق، يقول "الحقوق بالأساس دراسات إنسانية واجتماعية، مفيدة جداً في مسألة الخلق الفني للشخصية، بحيث يكون لها بُعد ثقافي وفكري واجتماعي".

لم يكن ياسين يرى نفسه أكثر من ممثل مسرح، لم يطمح إلى التمثيل بالسينما، ولم ينتظر منها الكثير، لكن اختياره لأداء دور البطولة أمام شادية في "نحن لا نزرع الشوك"، دفعه إلى مرحلة مختلفة وجديدة تماماً من حياته: "بدأت في المسرح واتشهرت أكتر كممثل سينما نظراً لظروف المسرح، لأن ممثل المسرح لا يصادف ما يصادفه الممثل السينمائي من الشهرة والكتابة والعناية من الصحافة، كمان المسرح بيعرض لأقلية في مكان معين ومحدود".

"إنت هايجيلك شغل سينما كتير الفترة الجاية"، كان هذا هو توقع المنتج الكبير رمسيس نجيب لمحمود ياسين، وقد صدق بالفعل، فاستسلم محمود أخيراً لقدره، لينجز أربعة أفلام في أقل من أربع سنوات منها "أختي" و"الخيط الرفيع" و"أنف وثلاث عيون".

المنتجون حرقوني!

"محمود ياسين وصل للقمة، وأتمنى ألا يحرقه المنتجون بأداور أقل منه"، قالتها الفنانة أمينة رزق كشهادة بحقه في مقدمة برنامج الحكم بعد المداولة للمذيع طارق حبيب.

المضحك أنه اتُّهم باعتباره "ممثلاً تجارياً يحرق نفسه"، لكنه ردَّ على الاتهام مؤكداً "هذا اتهام شديد القسوة لا أحتمله، السينما عندنا لا منطق لها، المنطق الوحيد هو المنطق التجاري، هذا هو نظام السينما لدينا، وهذا هو تاريخها، والفنان له فترة زمنية محددة يعمل بها".

وعلى الرغم من جودة الأعمال التي قام بتقديمها في بداياته فإنه وقع في مأزق مخيف "الكم أم الكيف؟" يقول: "كنت محتار، ممثل جديد وجايله سيناريوهات كتير، بقيت محتار أشتغل مع مين من المخرجين وإيه نوعية السيناريو اللي اعمله، أنتشر ولا أركز؟ ماحبتش أشتغل باجتهادي الشخصي في المرحلة دي، ولجأت للحاج وحيد فريد -شيخ المصورين- فقال لي: "الكل انتشر في البداية بأفلام كتير عشان ينتشروا، وأخدت بنصيحته".

مع ذلك لا أشعر لحظة أن الفنان الجميل الراحل احترق، فقد ترك علامة مميزة عن كل مرحلة، هو بنظري الفتى الوسيم الذي ظهر في الستينات، وهو الرجل الشرقي بكل أزماته وعيوبه ومميزاته كما حرص أن يظهر في فترة السبعينات، وهو الأب والزوج في التسعينات، والجد والرجل الناضج الحكيم كما رأيته منذ الألفينات وحتى وفاته، تتردد كلماته في فيلم الجزيرة في أذني "لا يا ولدي الكبير كبير لوحده.. أنا خلاص بموت يا منصور.. بموت زي ما الناس بتموت.. لازم تكون زي الجزيرة دي.. أقرب حد ليك يكون على البر التاني.. الأقوى دايماً قانونه هو اللي صح الكل يعمله حساب وهيبه، لازم تكون الأقوى عشان تفضل على طول صح".

علاقته بإسرائيل

لم أصدق عيني حين رأيت النعي الذي نشرته وزارة الخارجية الإسرائيلية للفنان محمود ياسين، فيما راحت صفحة "إسرائيل تتحدث العربية" تُعدد في محاسنه!

صاحب "الرصاصة لا تزال في جيبي" و"حائط البطولات" و"فتاة من إسرائيل" انفعل بشدة حين لمح له صحفي بإمكانية عرض أعماله في إسرائيل خلال إحدى الندوات عام 2018، مؤكداً "موقفي من القدس لن يتغير"، مشيراً أن عرض أفلامه على التلفزيون الإسرائيلي عن طريق السرقة: "بيسرقوا أفلامي وبيعرضوها عندهم.. مالهمش أصل"، منطق غير مفهوم، خاصة ما يحمله من تناقض شديد سبق كشفه بالصوت والصورة من صاحب الشأن الراحل بنفسه.

محمود ياسين وشهيرة

لن تجد معلومات وافية عن العلاقة التي جمعت محمود بشهيرة، حتى صفحته بموقع ويكيبديا لا تحمل معلومات تذكر عنهما.

في الواقع لطالما ثارت المقارنات بين محمود ياسين وشهيرة، ولطالما ارتبط بهما سؤال استنكاري "إزاي"؟ حيث تبدو طريقة شهيرة منذ الوهلة الأولى بسيطة جداً، لا تملك الكثير من الثقافة أو الموهبة، يبدو الأمر واضحاً جداً بداية من طريقة نطقها للجمل، حيث لا فارق بين القاف والكاف، والتاء والطاء، كيف ارتبط بها الرجل الذي حاز لقب "صوت النيل" لرصانة صوته وسلامة لغته، حتى في ذلك الفيديو الذي انتشر قبيل وفاته بفترة قصيرة يخاطب فيه محبيه.

كانت شهيرة لا تزال تدرس بعامها الأخير بعد، بينما كانت تحمل طفلتها الأولى "رانيا" من محمود ياسين "بذاكر للامتحان ويمكن أولد دلوقتي وفاضل أيام على الامتحان"، قالتها في لقاء تمثيلي جمعها وزوجها ببرنامج "سينما القاهرة" من تقديم ناهد جبر، والذي تم تصويره داخل منزلهما، وكان تحت التأسيس. 

بيت كانت "المكتبة" فيه جزءاً أساسياً، يذاكر فيه الزوج للزوجة دورها في الامتحان الذي من المنتظر أن تؤديه بمعهد التمثيل، بينما تستطلع المذيعة رأيه هل سيدع زوجته تواصل التمثيل بعد الإنجاب، فجاء رده حاسماً: "الإحساس إن الواحد عاوز يمثل مفيش قوة في الدنيا تقدر تقف قدامه، إحساسها ورغبتها في التمثيل جارفة، والإحساس قوي، أنا عرفتها قبل ما نتخطب كانت بتمثل قدامي في فيلم قصير اسمه "صورة" مع المخرج الشاب مدكور سالم، عرفتها ممثلة وقدام الكاميرا، وبتدرس في معهد تمثيل، إزاي ممكن أقول لأ!"

لم يتوقف دور شهيرة عند حدود الزوجة الجميلة وأم الأولاد فقط، ولكنها كانت شريكة بالمعنى الحرفي، تقول "بعتبر نفسي مشتركة في اختيار كل أدواره، مجرد ما ييجي سيناريو يقولي شوشو إقري السيناريو وقوليلي رأيك، لذلك أنا متحملة مسؤولية اختياره معاه".

حب حقيقي لن يفهمه سوى طرفيه فقط، صمد لأكثر من 50 عاماً رغم "محاولات" التفريق بينهما بطرق مختلفة، لكن عشقه لها -بحسبها- كان السبب في كل مرة لاستمرار العلاقة.

 حياة أسرية سرية وبيانات نارية

لم تكن الحياة الشخصية لمحمود ياسين موضوعاً دسماً لدى الصحافة أو البرامج الحوارية، فلا يكاد يطفو موضوع بشأنها حتى تخرسه الأسرة بحزم وبصورة جماعية، في صورة "بيان رسمي" تارة، و"بلاغ رسمي" تارة أخرى، ما فرص سياجاً حولهم.

لن تجد أية تفاصيل

في فبراير/شباط عام 2019، ظهرت الأسرة على السطح عقب ظهور الفنانة شهيرة بدون حجاب، أعقب ذلك شائعة حول إيداع محمود ياسين مصحة، الأمر الذي أثار استياءهم بشدة، فأصدروا بياناً جماعياً باسم الأب والزوجة والأبناء.

كان بيان سابق قد أصدرته الأسرة من قبل رداً على شائعة سبقت وفاته بأيام، مؤكدين أنهم سوف يلاحقون أصحابها قضائياً، لتقع الوفاة فعلاً بعدها بفترة قصيرة.

يعجبني التماسك والقوة التي أحاطت بأسرة الرجل ومازالت، أسرة تبدو متماسكة قوية، وأبناء غير مفروضين على الواقع الفني كغيرهم، حيث لمع نجم الابن الأصغر عمرو ليس كممثل ولكن ككاتب له وزنه في أعمال مثل "ليالي الحلمية"، "نصيبي وقسمتك"، و"نحب تاني ليه".

مرض غريب ووفاة لغز 

عام 2014 كان كان محمود ياسين على وشك المشاركة في مسلسل "صاحب السعادة" مع عادل إمام، لكنه انسحب فجأة، وتراوحت الأقاويل بين كون الأمر خلافاً كما أوضحت أسرته لاحقاً، وبين إصابته بأعراض أولى للزهايمر كما تناولت تقارير صحفية.

الخيار الثاني هو الأقرب للحقيقة، خاصة مع ما روته شهيرة بنفسها في تصريحات بأن الإصابة بالزهايمر حدثت بالفعل عام 2014، واستمرت المتاعب الصحية تارة بكسر في الحوض، وتارة بانسداد في شرايين المخ وعدة أمراض أخرى.

الكثير من الشائعات أحاطت بوفاته، التي جرى تفسيرها بأنها من جراء "كورونا"، لكن السبب الذي ذُكر في الأوراق الرسمية بحسب ابنه هو "ميكروب انتقل من الرئة في الدم" جراء إصابته بالتهاب رئوي لمرتين متتاليتين: "بقاله شهر بيتردد على المستشفى بيتعالج من التهاب رئوي، اتحسن أول مرة، لكن التانية كانت أشد، ورغم التحسن الظاهري إلا إن فجأة حصل تأخر في الحالة، وابتدا الميكروب يتحرك من الرئة إلى الدم وحدثت الوفاة"، مؤكداً "السبب المذكور في تقرير الوفاة التهاب رئوي، لو كانت كورونا لن أخجل من ذكر السبب".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد