نعم.. الرعب فكرة لا تموت، فلا يُمكنك أن تتخيل حجم الأشياء والأفكار التي قد تجعل المرء منّا يخاف، في الواقع إنّها ملايين الأشياء التي لا يُمكن حصرها أبداً، والتي يُستحدث الجديد منها في كل يوم.
نحن البشر ضعاف الجسد، وروحنا هشّة، لدرجة أنّ أصغر الأشياء وأكثرها اعتيادية قد تُخيفنا، وعلى العكس، قد نفزع من شيءٍ، هو في الأساس جالب للبهجة، كبالونة حمراء بلا صاحب، وابتسامة طفل في غير موضعها، أو دُمية ملوّنة الوجه، جالسة على مقعدٍ خشبي في براءة.
وفي هذا الشهر خصيصاً من العام، شهر أكتوبر/تشرين الأول المُلقب بشهر الرعب، نُحب أن نُذكّركم بمجموعة من أفضل أفلام الرعب التي قُدمت حديثاً، وبالتحديد في السنين الـ10 الأخيرة.
A Quiet Place
"لو سمعوك، لاصطادوك" هذا هو مُلخص فيلم مكان هادئ، والذي ينتمي لفئة الرعب الخاصة بأفلام نهاية العالم، Post Apocalyptic movies، وهي الأفلام التي نرى فيها شكلاً آخر للحياة التي انتهت كما نعرفها، وبداية لعصرٍ جديد، تسود فيه الهمجية والتوحش، والتي غالباً ما يظهر فيها خطر لم يكن معروفاً من قبل، كهجوم الفضائيين على الأرض، أو ظهور كائنات مجهولة تقوم بقتل الكائنات الحية.
يدور الفيلم الصادر عام 2018 في المستقبل القريب، وذلك بعد أن تظهر كائنات مفترسة قادمة من الفضاء، هذه الكائنات عمياء لا ترى، ولكنّها شديدة الحساسية لجميع الأصوات فيما حولها، مما يفرض على الجميع التزام الصمت التام، وإلا فالثمن هو الموت. قامت الممثلة Emily Blunt
بدور الأم لطفلة صمّاء، والتي تحاول الدفاع بكل شراسة عن سلامة أطفالها، من هذه المخلوقات الشرسة.
Get Out
فيلم أشبه بلعبة مثيرة، فاجأ جميع من شاهدوه، وذلك بعد أن أمدّهم بجرعة كبيرة من التوتر، وبلحظاتٍ طويلة من حبس الأنفاس. في الواقع أنّ الفيلم عبارة عن خليط غريب من المشاعر، تبدأ بالكوميديا، وتتوسطها الإثارة، حتى يصل الأمر إلى الرعب الصريح الذي يحوي مطاردات دموية.
كان للفيلم أثر واضح، وغير مألوف ضمن سباق أفلام الأوسكار، حينما ترّشح الفيلم لأربع جوائز أوسكار عن أهم فئاته، وهي أحسن ممثل في دور رئيسي، للشاب البريطاني الأسمر Daniel Kaluuya، وأفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأخيراً جائزة أفضل نص أصلي، وهي الجائزة الوحيدة التي نالها الفيلم، وذلك لأنّ أفلام الرعب لا يتم ترشيحها لهذه الفئة من جوائز الأوسكار إلا نادراً.
Black Swan
قد تجد أنّه من الغريب أن يكون فيلم البجعة السوداء مُصنّفاً ضمن فئة أفلام الرعب، وأنّه أقرب إلى الدراما أكثر، ولكنّه في الواقع ينتمي إلى فئة الرعب النّفسي، التي ربما تُثير اضطراباً في بعض المشاهدين، أكثر مما تُثيره أفلام الرعب التقليدية.
فمن جديد، يُدخلنا المخرج العبقري Darren Aronofsky في متاهة نفسية قاسية أخرى، بعد فيلمه Requiem for a Dream، الذي وصفه البعض بأنّه من أكثر الأفلام المؤذية للنفس، والتي لا يستطيع المشاهد أن يراها أكثر من مرة، وهو الشيء الذي يراه الكثيرون بالمناسبة في فيلم Black Swan، الصادر عام 2010.
تظهر البارعة Natalie Portman في الفيلم بدور نينا، وهي راقصة الباليه المهووسة بالكمال، والمليئة بالطيبة التي تصل لحد السذاجة، وهي تظهر في صورة البجعة البيضاء، ولكن تنافسها مع ليلى، التي تُمثّل البجعة السوداء التي تحاول الاستيلاء على حياتها يجعلها تدخل في هوّة نفسية عميقة، يتصارع فيها الخيال مع الواقع، والخير مع الشر.
It
"الشيء" هو الفيلم الذي ظلّ في وجدان من شاهدوه وقتها، منذ عام 1980، وحتى يومنا هذا، أي منذ ثلاثين عاماً بالضبط، وذلك لأنّ فكرته لم تكن تقليدية في ذلك الوقت، فمن ذا الذي يتخيل أنّ المهرّج الضاحك الذي يرتدي زيّاً ملوناً ويقوم بإلقاء الدعابات على الأطفال، لهو مخلوق شرير، يستدرجهم للفتك بهم، مُستخدماً بالونة حمراء؟
أغلبنا عرف بعدها أنّ كاتب الرعب الأشهر Stephen King، استوحى روايته السوداوية هذه من قصة حقيقية بشعة فعلاً، لرجل اعتاد أن يرتدي زي مهرج للإيقاع بالأطفال الصغار وقتلهم.
نال الفيلم الجديد الصادر عام 2017 نجاحاً كبيراً، واعتُبر واحداً من أكثر الأفلام رُعباً في ذلك العام.
Mother
يعود المخرج الفريد من نوعه Darren Aronofsky ليضرب من جديد، ففي عام 2017، تم إصدار فيلمه الذي قام بكتابة قصته وإخراجه، Mother! والذي أثار ضجة حين عرضه، استمرت لفترة طويلة بعض الشيء. فالفيلم كان يحمل دلائل رمزية كثيرة، لم يفهمها أغلب من شاهدوا الفيلم، كما أنّه كان يتضمن عدداً من المشاهد الصعبة، التي بدأت في التصاعد تدريجياً حتى وصلت إلى ذروتها بطريقة لم يستطع بعض الناس تقبلها لدرجة أنّهم غادروا السينما أثناء المشاهدة.
لعب الإسباني Javier Bardem والأمريكية الشابة بطلة سلسلة أفلام The Hunger Games الشهيرة Jennifer Lawrence، دور زوجين، يضطران لاستضافة رجل وزوجته مؤقتاً في منزلهما لفترة قصيرة، إلا أنّهما يفقدان السيطرة تماماً على تصرفات الضيفين، التي تبدو غريبة بشكل غير مفهوم.
أراد Aronofsky طرح فكرة فلسفية عميقة للفيلم، وأن تعطي أكثر من معنى أو تفسير واحد، وهو ما نجح فيه بالفعل.
Gerald's Game
يبدو أنّ عام 2017 كان عام أفضل أفلام الرعب في السنوات الأخيرة، ففيه أيضاً صدر فيلم "لعبة جيرالد"، وهو المأخوذ أيضاً عن قصة لكاتب الرعب المحبوب Stephen King، والذي قدّم في هذه المرة صورة مختلفة من الرعب، يجعل المشاهد يتوحد مع البطلة التي صارت عاجزة تماماً أمام العديد من المخاوف، والتي كان واحد منها، هو نفسها.
الفيلم ينتمي لفئة الرعب النفسي، والتي استطاع Mike Flanagan وهو كاتب سيناريو الفيلم، ومخرجه أيضاً، أن يًظهر هذا الرعب في صورته الأمثل، من خلال الزوجة التي قامت Carla Gugino بأداء دورها، والتي قيّدها زوجها من أجل عمل بعض التجديد فيما يخص علاقتهما العاطفية، إلا أنّ هذا الزوج يُصاب بأزمة قلبية ويتوفى على الفور، قبل أن يتمكن من فك قيودها، مما يجعلها فريسة سهلة لمسخٍ بشري، وكلب جائع، بالإضافة لبعض الهلاوس القادرة على أن تجعل المرء يفقد عقله بسهولة.
Us
أؤمن بشدة بأنّ "أسوأ عدو للإنسان، هو نفسه"، وهي الجملة التي استخدمها فيلم US كشعار دعائي، مثالي في الحقيقة لفكرة الفيلم التي تدور حول الأسرة التي سافرت لقضاء العطلة في بيتٍ على الشاطئ، ولكنها تتفاجأ بظهور مجموعة من الـ doppelgängers، وهم نسخ أخرى لهم، يُشبهونهم في كل شيء، كمفهوم القرين لدينا نحن العرب مثلاً.
تخيل معي أن ترى نفسك أمامك، تنظر لك في ثباتٍ. يا له من شعور، ويا لها من لحظة!
من شاهد الفيلم سيعرف أنّه صُنع بشكلٍ مختلفٍ، وفريدٍ من نوعه، أثار إعجاب الكثيرين، وذلك يعود إلى أنّ كاتب الفيلم، ومخرجه هو المُبدع Jordan Peele من جديد، صاحب فيلم Get out الذي ذكرناه سابقاً.
The Conjuring
لا يُمكننا أن نغفل عن ذكر واحد من أفضل أفلام الرعب منذ بداية الألفية الجديدة، وهو فيلم الشعوذة، والذي اعتبره البعض الفيلم الأفضل من بينها على الإطلاق. تناول الفيلم نوعين شهيرين من أنواع أفلام الرعب، وهما "البيت المسكون"، و"الاستحواذ"، وهو ما يعني أن تستحوذ قوى خارقة للطبيعة على جسد أحد البشر، فتتحكم به تماماً، وتقوم بإيذائه أو إيذاء من حوله، أو الاثنين معاً.
الفيلم الصادر عام 2013، والمأخوذ عن قصة حقيقية في الواقع، لأحداثٍ دارت بشكلٍ يُشبه ما حدث لعائلة "بيرون" من وقائع غامضة في السبعينات من القرن الماضي، لاقى نجاحاً كبيراً وقت عرضه، وتم صنع أجزاء عدة منه.
ويكفيك أن تعرف أنّ مخرج فيلم The Conjuring، هو
James Wan، كاتب ومخرج سلسلة أفلام الرعب الشهيرة Saw، التي أثارت هلع الملايين حول العالم في عام 2004.
Doctor Sleep
وهو الفيلم الذي صدر في عيد الهلع في عام 2019، عن قصة لـStephen King بنفس الاسم، للكاتب والمخرج Mike Flanagan من جديد. سيُعيدك الفيلم لأجواء رائعة Stanley Kubrick، وهو فيلم الرعب الشهير الذي صدر في عام 1980،The Shining، والذي كان الفيلم الثاني فحسب، المُقتبس عن روايات King بعد فيلمه الأول Carrie.
يُعتبر فيلم Doctor Sleep الذي يقوم ببطولته النجم الاسكتلندي Ewan McGregor، مُقتبساً عن فيلم The Shining كما أنّه في نفس الوقت يُعدّ تكملة له.
في الفيلم يعود "داني"، الذي يتمتع بقدرات خاصة، إلى المكان الذي تعرّض فيه لصدمة قوية في طفولته، وسرعان ما يكتشف أنّ هناك فتاة صغيرة لديها نفس هذه القدرات التي يملكها، ولكنّها مستهدفة من قبل جماعة دينية، تدعو لقتل الأطفال، مما يجعل داني يقوم بحمايتها.
The Lighthouse
الفنارة هو فيلم فريد من نوعه، إنتاج كندي أمريكي مشترك، صدر في عام 2019، وتم تصويره بالأبيض والأسود، حتى يترك لدى المشاهد التأثير المطلوب من الرعب، وهو ما نجح فيه بالفعل، حتى أنّه ترشّح لجائزة الأوسكار في عام 2019 عن أفضل تصوير سينمائي. الفيلم رعب نفسي بجدارة، ويحوي أفكاراً كئيبة، مثل العزلة، والجنون، وإدمان الكحوليات أيضاً.
يدور الفيلم حول رجلين يقومان بحراسة المنارة، واللذين احتجزا بفعل عاصفة قوية داخل جزيرة، والتي اكتشفا أنّهما على وشك أن يفقدا عقليهما لما يحدث بها من أشياء عجيبة جداً. بطلا الفيلم هما الممثل القدير Willem Dafoe والممثل الشاب Robert Pattinson.
أرجو أن تكون قائمتنا المختارة لأفضل أفلام رعب خلال العشر سنوات الأخيرة قد راقتك، وأتمنى أن تستمتع بشهر رعبٍ سعيد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.