أكثر ما يرعب المرأة هو سماع مصطلح سرطان الثدي، وحسب منظمة الصحية العالمية يعتبر سرطان الثدي ثاني أنواع السرطان انتشاراً ورابع مرض مميت في العالم، وهناك واحدة من كل ثماني نساء معرّضة للإصابة بهذا المرض.
وسرطان الثدي هو تغيير مفاجئ يطرأ على خلايا الثدي ما يؤدي إلى انقسامها بشكل عشوائي وغير منتظم، ومن ثم تبدأ بالانتشار إلى مناطق أخرى بالجسم عن طريق الدم أو الجهاز الليمفاوي.
الأسباب والعوامل
أولاً: الوراثة
أغلب الناس يظن أن السرطان هو مرض وراثي بنسبة 100%، والحقيقة أن نسبة الوراثة في السرطان بشكل عام والثدي بشكل خاص هي 5 إلى 10%، وفيها ينتقل وراثياً من الآباء إلى الأبناء، وهناك دراسات أخرى أثبتت إمكانية انتقاله إلى الأحفاد كذلك، ولا يشترط أن تكون دائماً سبب الإصابة وراثية، خصوصاً أنه ممكن أن تتشارك عدة مسببات لحدوث الإصابة.
ثانياً: التغذية السيئة والبدانة
ومن المفاجئ أن أعظم أسباب الإصابة بسرطان الثدي هو سوء التغذية بنسبة تصل 31%، وهي تعد ضخمة مقارنة بالوراثة. وقد أثبتت العديد من الدراسات أن خطر الإصابة يزداد لدى السيدات اللاتي يعانين من البدانة أو زيادة في الوزن. وقد يتساءل أحدهم: ما علاقة البدانة بالسرطان بشكل عام؟ ببساطة زيادة الوزن المصاحبة لقلة الحركة تؤدي إلى اضطرابات في الإفرازات الهرمونية مثل الهرمونات الجنسية وهرمونات الغدة الدرقية وزيادة في تراكم الجذور الحرة في خلايا الثدي التي تؤدي إلى تحطم البنية الوراثية في الخلية.
ومن الجدير بالذكر أن سوء التغذية ليس مرتبطاً بزيادة الوزن فقط بل بالعادات الغذائية اليومية في حياتنا، حيث تُهمل العديد من النساء الغذاء الصحي بما يحتويه من فوائد مهمة للجسم وتدمن الوجبات السريعة والأطعمة الصناعية وكذلك الإسراف في تناول الحلويات. وأضف إلى ذلك ارتباط تناول الكحول بزيادة خطر الإصابة بسبعة أنواع من السرطانات، ومن ضمنها سرطان الثدي.
ثالثاً: التدخين
يعتبر التدخين العملاق التوأم لسوء التغذية بنسبة 31% والمسبب لسبعة عشر نوعاً مختلفاً من السرطان، من ضمنها سرطان الثدي، والتدخين ليس محصوراً في السجائر بل كذلك تدخين الشيشة أو الأرجيلة، حيث يحتوي تبلغ كليهما على قرابة 400 مادة مسرطنة، من بينها الفورمالين والبنزين والسيانيد والزرنيخ وغيرها الكثير، وسُمية هذه المواد تزداد بالتراكم، والعديد من المدخنات يتحدثن بسهولة عن أنهن يعرفن العديد من المدخنين ولم يصابوا بأي أذى، ولكن في الحقيقة الطفرات الجينية التي يحدثها التدخين تنتقل وراثياً إلى الجيل الثالث، أي إلى الابنة ثم إلى الحفيدة.
رابعاً: حبوب منع الحمل
في السنوات الأخيرة ظهرت العديد من الدراسات تثبت مخاطر الأصابة بسرطان الثدي والرحم بسبب العلاجات الهرمونية ومن ضمنها حبوب منع الحمل، ويزداد خطر الإصابة بزيادة العمر فوق الـ٤٠ عاماً، خصوصاً بعد انقطاع الدورة الشهرية، وكذلك إذا كان هناك تاريخ عائلي بالمرض، وهذا حسب إفادة دراسة في عام ٢٠١٢ على ١٠١٢ سيدة مصابة بسرطان الثدي كن قد تناولن حبوب منع الحمل في حياتهن.
خامساً: التعرض للأشعة
التعرض للأشعة على الصدر في عمر أقل من 30 يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
العلامات والأعراض
هناك علامات لا يمكن السكوت عليها ومراجعة الطبيب فوراً حال ظهورها:
1- تغير في شكل وسماكة الجلد، حيث يتحول إلى الشكل الحرشفي أو ما يسمى جلد البرتقالة
2- ألم شديد في الثدي أو تحت الإبط ولكن ليس الألم الذي يحدث خلال الدورة الشهرية أو خلال الحمل
3- تغير في حجم الثدي
4- نزول إفرازات من الحلمة مثل الدم
5- غوران الحلمة إلى الداخل
6- احمرار الجلد
7- حكة شديدة في منطقة الحلمة
8- انتفاخات في العقد الليمفاوية
9- ظهور كتل عند التشخيص
المعرفة هي نصف الوقاية، والوقاية خير من قنطار علاج، لذلك لا بد من الكشف المبكر والتشخيص الدائم لاكتشاف أي تغيرات غير طبيعية قد لا تكون واضحة، وبالتالي إمكانية الشفاء، لذلك لا بد من أن تأخذ المرأة بالأمور التالية في عملية التشخيص والكشف:
– الكشف الذاتي شهرياً وعادة بعد بداية الدورة الشهرية بـ١٠ أيام
– مراقبة أي تغيرات على الثدي
– فحوصات مخبرية
– مراجعة الطبيبة النسائية للفحوص السريرية
– المسح الإشعاعي السنوي بالماموغرام
لكن ما هو العمر المناسب لبداية المسح التشخيصي بالماموغرام؟
فرص الإصابة بسرطان الثدي ترتفع إذا كان لدى المرأة تاريخ عائلي، أي أحد أفراد العائلة أصيب سابقاً بسرطان الثدي، كذلك إذا كان يوجد طفرات جينية في العائلة أو عند المرأة نفسها مثل جين BRCA وبنسبة قليلة إذا تعرضت لأشعة على الصدر قبل عمر الثلاثين، بالتالي هنا العمر لا يلعب دوراً في عملية التشخيص ولكن إذا كان كل ما ذكر ليس موجوداً فالمرأة من عمر ٤٠ إلى ٤٤ لها الخيار في بداية التشخيص باستخدام الماسح الإشعاعي المعروف بالماموغرام، أما من عمر ٤٥ إلى ٥٤ فلا بد من المسح الإشعاعي كل سنة، ومن عمر ٥٥ فما فوق بإمكانها استخدام الماسح الإشعاعي مرة كل سنتين.
فائدة الماسح الإشعاعي الماموغرام هو قدرته على اكتشاف السرطان بحجمه الصغير والذي لم يبدأ بإحداث أعراض بعد، وأكدت الدراسات أن السيدات المواظبات على الكشف المبكر وتم اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة تماثلن للشفاء ولم يتعرضن لعلاجات قوية وقاسية مثل العلاج الكيماوي والاستئصال النهائي، ولكن هو ليس مثالياً أبداً فقد لا يكون قادراً على إعطاء نتيجة نهائية وبالتالي فلا بد من إجراء فحوص أخرى.
أما بالنسبة للفحوص المخبرية
ففي حالة الشك في وجود سرطان الثدي من قبل الطبيب جراء العلامات التي ذكرناها سابقاً أو من معلومات أخذها من المريضة لا بد من فحص مستقبلات الهرمونات Hormone receptor test ، وكذلك فحص HER2 وإذا كان متوافراً الفحص الجيني لـ BRCA وعادة في حالة اكتشاف سرطان فإن الفحوص المخبرية تعطي الطبيب المعالج توجهاً لنوع العلاج المناسب للمريضة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.