المغرب وتجربته الفريدة

بعد مرور أكثر من 5 سنوات على أحدات الربيع العربي، تيقن المغاربة أن قرار التروي وعدم التسرع والمخاطرة بركوب موجة التغيير التي اجتاحت آنذاك الكثير من الدول العربية، واختيارهم الإصلاح بدل التغيير، كان صائباً، بحيث لو كانوا انجرفوا مع تلك الموجة، لكانت البلاد في زمن كان، كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا مع الأسف.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/08 الساعة 02:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/08 الساعة 02:31 بتوقيت غرينتش

أفضت ثاني انتخابات تشريعية يشهدها المغرب منذ تعديل دستوره سنة 2011 إلى فوز حزب العدالة والتنمية للمرة الثانية على التوالي، وترؤس الأمين العام للحزب السيد عبد الإله بنكيران للحكومة للولاية الثانية على التوالي، بعد تعيينه من طرف العاهل المغربي.

وفي ظل كل هذه الأوضاع المأساوية والأحداث المرعبة والمشحونة التي يمر بها العالم العربي من قتل ودمار وظهور تنظيمات إرهابية، التي من كثرة عددها وتفريعاتها لم نعد نستوعب أسماءها، ووسط كل هذا الزخم من الإرهاب، تمكنت المملكة المغربية من تحقيق إنجاز ديمقراطي، عن طريق القيام بالاستحقاقات التشريعية لسنة 2016.

تعتبر التجربة المغربية مختلفة تماماً عن باقي تجارب الدول العربية التي اختارت التغيير، بينما اختار المغرب الإصلاح والحفاظ على النظام الملكي، وهذا ما أدى بدوره إلى الحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي، وهذا يرجع لعدة أسباب وعوامل:

أولاً: هناك علاقة وطيدة وغريبة جداً بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي، بحيث يمكن أن نصف العلاقة بين الطرفين كعلاقة الأب والابن، حيث من الممكن أن تكون هناك خلافات، لكن لا يمكن للابن أن يخرج عن طوع أبيه، ولا يمكن للأب أن يتخلى عن ابنه.
من جهة أخرى يمكن القول إن في المغرب ليس هناك إجماع على حزب أو زعيم سياسي، ولكن في المقابل هناك إجماع بنسبة كبيرة جداً على الملك، فالملك يعتبر النقطة التي يلتف حولها الساسة والمواطنون العاديون.
ثانياً: تعاقب على حكم المغرب الكثير من الدول، بداية من الأدارسة المرابطين والموحدين، ونهاية بالعلويين الذين ينتمي إليهم الملك المغربي، ولا يزالون يحكمون المغرب مند القرن السابع عشر إلى اليوم، وهذا ما يؤكد أن هناك علاقة قوية ومتينة بين الطرفين.
• أما عن السبب الثالث، فهو عدم وضوح من يقف وراء حركة 20 فبراير/شباط التي كانت تنظم التظاهرات سنة 2011، وجهل المغاربة بمؤسسي هذه الحركة، إذ إنهم غير معروفين، لا على المستوى الشعبي، ولا على المستوى السياسي.
السبب الأخير يرجع إلى أن الشعب المغربي شعب تعود على الاستقرار الأمني، فمند سنة 2003 لم يشهد المغرب أي هجوم إرهابي قوي، وبهذا فإن المغاربة لم يكونوا مستعدين للمخاطرة بالاستقرار مقابل زيادة بسيطة في درجة الديمقراطية، التي كانت غير مضمونة ومؤكدة.

وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على أحدات الربيع العربي، تيقن المغاربة أن قرار التروي وعدم التسرع والمخاطرة بركوب موجة التغيير التي اجتاحت آنذاك الكثير من الدول العربية، واختيارهم الإصلاح بدل التغيير، كان صائباً، بحيث لو كانوا انجرفوا مع تلك الموجة، لكانت البلاد في زمن كان، كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا مع الأسف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد