على نغمات فيروز ومواويل أهل الجبل يحتضن البحر الأبيض المتوسط عاصمة العروبة والتنوع بيروت الأبية؛ حيث الجمال والحضارة والتعايش في أبهى الصور، إحساس غريب ينتابك وأنت تضع رجلك بمطار رفيق الحريري الدولي، علاقة حب بالمكان والناس وترحيب من الجميع.
بلاد الأرز والجمال
الطبيعة الخلابة لبلاد الأرز تسحرك بجمالها، ومحيا الأهل وجمالهم يعطي للمرء انطباعاً بأنه بين أهله، تلمس هناك الحياة، وتحس بالأمان رغم كل ما يمكنك أن تسمعه أو تقرأه قبل الزيارة من أحكام واهية نتيجة تحليلات تاريخية، تشم رائحة البحر وترى الجبل وتعيش الفصول الأربعة في يوم واحد، وكمغربي تتأكد أنك تتقاسم مع ذاك المكان الشيء الكثير، بشارع الحمراء تجول وتجول، وكأنك بلندن البريطانية بطقوس عربية، شارع للمثقفين ورجالات اليسار فقد بريقه السياسي، لكنه ما زال يحتفظ بلمسة متنوعة، الجمال والجمال، ولا شيء يعلو على ذلك، مقاهٍ ذات طابع غربي، وأخرى عربية، وأصوات التنوع والتعايش تتناغم من خلال أغاني فيروز وأناشيد الشيعة وليونة أم كلثوم.
على كورنيش البحر تقف لترى صخرات الروشة وجمالها ومغاراتها، تلمس انتماءك للمتوسط، وتحاكي الطبيعة، وهي متلونة يظهر لك الجبل من هناك شامخ، شاهد على نخوة آل لبنان وتصديهم لكل المقترب من أراضيهم، علاقة حب تلمسها لقوات الجيش واحترام قل نظيره.
تسأل عن رفيق الحريري فتراه بالطرق والممرات، تتضارب الآراء عن حبه، ولكن الأكيد أن بزيتونة باي أو مارينا بيروت سترى تحفة معمارية وجمالية ستقودك إلى مطاعم تجمع بين اللمسة الغربية والانتماء العربي، منظر يبشر بأن لبنان بخير، وأنها تبتعد عن الفوضى التي تعرفها المنطقة من خلال شعب خبر جيداً أن الربح في الاستقرار وتقبل الآخر.
المطبخ اللبناني.. ثقافة الجبل
يعتبر المطبخ اللبناني من خيرة المطابخ بالعالم، نظراً لخصوصيته، ولأنه مطبخ متنوع يشجع على الأكل الصحي والمتوازن، وارتباطه الوثيق بمأكولات أهل الشام والعراق، مع اللمسة المتوسطية التي يتداخل فيها اليوناني على الإيطالي على التركي، على أكل دول شمال إفريقيا، اللبنانيون يفتخرون بمطبخهم كثيراً ويعتزون به، ستجد هناك ثقافة التسوق والتمتع بالحياة كثيراً، وتلمس خروج الأهالي للمطاعم بشكل كبير.
يستخدم اللبنانيون الليمون (الحامض) وزيت الزيتون كثيراً بالأطعمة، ومنتجات جبلية مثل الزعتر والثوم والفواكه والخضار، ويتميز مطبخهم بالبساطة، والجمع بين البادية والمدينة.
"بربر" هو أحد أهم أسماء المطاعم بلبنان ستجد عنده كل شيء تقريباً، فله فروع بكل المجالات من الفلافل إلى غاية المشاوي والفواكه، "ليلى" كذلك ستقدم لك أجمل الوصفات وألذها والفلامنكي والمطاعم المحيطة به سيمنحونك دفء لبنان واحتضانها للزوار.
التبولة، الفلافل، الشاورما، الفتوش، الكبة، شيش طاووق، باباغنوج، المناقيش، الفطائر والمشاوي والكثير من أسماء المأكولات اللبنانية ستجعل أيامك بلبنان مختلفة وممتعة.
كثير من الاختلاف.. كثير من الحب
ببيروت يلمس الفرد الاختلاف الكبير والتعايش بين الناس، ستسمع من سائق التاكسي أن هذه المنطقة مسيحية والأخرى سنية وجنوبية شيعية، سترى عمارات تركت على حالها شاهدة على الحرب الأهلية؛ لتذكر الناس بأن عدم قبول الآخر واحترامه لا يولد إلا مشهداً مشوهاً وخراباً.
مآذن شامخة، وكنائس عالية، ورايات لحزب الله، لافتات لرفيق الحريري بكل مكان، وأخرى للدروز، ولكل أطياف المشهد السياسي اللبناني تكون مجتمعة قوس قزح جميلاً في سماء بيروت؛ حيث رغم كل مشاهد الاختلاف تحس أن التلاحم بين الناس سيد المشهد، ويبرز أن الحب أقوى لغة للاتحاد، يحكي حسن وهو من سكان المنطقة بفخر أنه سني وزوجته شيعية، ويعتز بذلك، وبأن الوطن كفيل بلم شمل الجميع.
وسنختم ببعض أبيات الرائع والراحل محمود درويش في قصيدته بيروت:
"بيروت تُفَّاحَةْ
والقلبُ لا يضحكْ
وحصارنا واحةْ
في عالمٍ يهلكْ
سنرقِّصُ الساحةْ
ونزوِّجُ الليلكْ".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.