أموال لا تستفيد منها بلداننا

تتعدد مشارب هذه الأموال بين التهرب الضريبي وتجارة المخدرات والتجارة مجملاً في المنتجات غير القانونية، وهذه الأموال ستفيد الدولة في دفع كثير من التزاماتها، خصوصاً إذا كانت مبالغ كبيرة جداً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/17 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/17 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش

لكل علم وتخصص على مستوى البلد الواحد فترات تكون الاهتمامات فيه متفاوتة من موضوع إلى آخر، هذه الاهتمامات تتبلور في المقالات التي تنشرها الصحافة في ذلك البلد، والتي في العادة تكون عن مشكلة يواجهها البلد وتؤثر على السكان بشكل عام، الاقتصاد كتخصص له عدة اهتمامات هذه الأيام ومواضيع متعددة، ومن هذه المواضيع قصة أن هناك أموالاً تدور في النظام المالي داخل البلد، ولكن البلد لا يستطيع تبويبها في نظام التحصيل الضريبي، وتتعدد مشارب هذه الأموال بين التهرب الضريبي وتجارة المخدرات والتجارة مجملاً في المنتجات غير القانونية، وهذه الأموال ستفيد الدولة في دفع كثير من التزاماتها، خصوصاً إذا كانت مبالغ كبيرة جداً.

في أبريل/نيسان من عام 2015 وكالة الإحصاء في كندا أطلقت تقريراً عن مجمل الأموال غير المحصلة تحت عنوان "اقتصاد مخفي أو اقتصاد الظل"، تقول فيه إن هناك ما يعادل 42 مليار دولار أموال غير معلنة تتحرك داخل كندا، وهذه الأموال تعادل 2.3 من مجموع الدخل الناتج المحلي، وتتكدس هذه النسبة بحجم أكبر في قطاعات العقار وخدمات الأطعمة، (المصدر: وكالة العوائد الكندية).

وليست كندا وحدها من يوجد فيها هذه النوعية من الأموال، فأميركا حسب البنك الدولي تحوي ما نسبته 8.4 في المئة، وسويسرا تكون النسبة ما يقارب ذلك، وتعتلي مجمل الدول المكسيك بما نسبته 29 في المائة، وتتفاوت في دولنا العربية من دولة إلى أخرى، ففي دول الخليج يقارب المتوسط ما يساوي 18في المئة، ومعنى وجود هذه النوعية من الأموال داخل النظام المالي أن هناك احتمالات حقيقية عن وجود تجارة في ممنوعات أو وجود بينات بطالة غير دقيقة، كما أن هناك احتمال تهرب ضريبي كبيراً، وليست هذه المشكلة فقط بل المشكلة في تعارض استخدام القياسات لتعقب هذه النوعية من الأموال، وإلى اللحظة الراهنة لا يوجد من يكاد يجزم أن هناك طريقة ثابته لقياس الأموال المخفية.

هذا يعبر عن مشكلة حقيقية ليست فقط في حجم الاقتصاد غير النظامي لبعض الدول، ولكن في عدم وجود بيانات دقيقة وطريقة متعارف عليها في قياس الاقتصاد المخفي، فالبعض من الباحثين يذهب للحديث عن قياسات لظواهر معينة قد تكون أدلة على حجم هذه الأموال كتحويلات العمالة الوافدة وعدد الشركات، وكذلك نسبة استهلاك الكهرباء أو حجم العملة وتداولها داخل البلد، والتي يستطيع الباحث من خلالها التماس حجم وجود أموال في اقتصاد الدولة لا تخضع لقوانين الضريبة.

في دولنا النامية، وخصوصاً الدول التي تعتمد على تحصيل الضرائب وتسعى لجذب استثمارات للحصول على ضرائب أكثر، تشكل هذه النوعية من الأموال صداعاً مزمناً لحكومات هذه الدول، فوجودها في الدائرة المالية وعدم قدرة حكومات الدول على تعقبها، يعني أن هناك بينات بطالة غير دقيقة وأعمالاً غير نظامية كالتجارة في المخدرات والبشر والأعضاء في جسم الإنسان وكثير من الأعمال التي يجرمها القانون.

والحلول لهذه المشكلة غير موصوفة بشكل جذري إلى الآن، بقدر ما هي مسكنات وربما تعتمد هذه الحلول على الخصوصية لكل بلد على حدة، ففي بعض دول الخليج لا يستطيع العامل الأجنبي أو المولود أن يفتتح عمله الخاص به دون الاستعانة بكفيل، وهذه النوعية من التجارة هي بوابة رئيسية لتعاملات الاقتصاد المخفي، وكان من الأفضل أن تحصل الدولة على المبلغ المدفوع للكفيل كضرائب، وبالتالي تتحول المبالغ من اقتصاد غير نظامي إلى اقتصاد نظامي حقيقي يدر على البلد المنفعة، ومن هذه الحلول أيضاً تحسين القوانين وتخفيض الضرائب، والسماح بتسهيلات لرأس المال الخارجي، كما أنه يجب مراجعة القوانين المتعلقة بالإفصاح والحوكمة من فترة إلى أخرى.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد