لسنا قوالب

عزيزي لا أروّج لك إحباطاً أو تحفيزاً على الاستمرار في عمل لا تنجح فيه، كل ما أعرفه أو أريد قوله إن الطريق صعب يحتاج منك لإصرار وإدراك وصبر.. ليس مفروشاً بالورود، ولتكن قراراتك من خلفيتك أنت وليست عن قصص نجاح مبتورة.. ولتكتب قصتك أنت وحدك، ولا تجعل من نفسك مستنسخاً من آخر لديه مقاييسه المختلفة لتعريف السعادة والنجاح.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/18 الساعة 06:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/18 الساعة 06:17 بتوقيت غرينتش

بالتأكيد صادفت أذناك حديثاً لأحد محاضري التنمية البشرية، عن ملامح الشخصيات، أنواعها، كيفية التعامل معها.

إليك الشخصية الودودة : تتسم بعدد خمسة نقاط تكونها. بعد معرفة النوع تبدأ في تسلم كتالوج التعامل، هنيئاً لك الفوز بالمفتاح، عليك الآن استخدام الكتالوج والالتزام به.

إن كنتِ زوجة فقد فزتِ بمفتاح النجاح مع زوجك، كما أنها مفاتيح النجاح لكَ كزوج، كطالب، كموظف، كمدير.

أيًّا كان موقعك.. الآن أنت الفائز.. طالما حصلت على الكتالوج فهنيئاً لك النجاح.. صديقة تواجهها مشكلة تسرد جانب من تفاصيلها تستشير كل من يمكن أن يفيدها برأي ليتكون لديها في نهاية الأمر عشرة آراء..

مرة أخرى تعيد السرد بتفاصيل اكثر.. لتختلف العشرة نصائح.. في نهاية الأمر تحل المشكلة عن طريق الرأي الحادي والثلاثين.. فيما بعد تسرد الحكاية وتزيد التفاصيل لتختلف الآراء الثلاثون..

لتعلم يا عزيزي أننا خلقنا متفردين لسنا كتالوجات أو قوالب مصنفة في داخلنا مزج عجيب من المتناقضات والأفكار والطباع التي قد تتغير مع المواقف والاحتكاك والزمن والتعلم والسفر.. كل موقف يضع بصمته.. ليخرج في النهاية مزيجاً عجيباً يستحيل معه وضع كتالوج.. هناك أشخاص شديدو الدقة والنظام الفكري تجدهم أكثر الناس عشوائية من حيث الترتيب المادي كونهم لديهم ترتيب فكري عجيب.. ومع ذلك يكرهون ترتيب كل ما هو مبعثر بأيديهم، فهم يرتبون أشياءهم من خلال تلك البعثرة..

أتذكر إحدي صديقاتي تعشق التنظيم والترتيب ووضع الجداول الزمنية لإنجاز الأعمال.. إحداهن عندما تفعل ذلك تكتفي بفعل هذا وتتكاسل عن العمل والإنجاز.. فهي تكره كل ما هو مرتب.. حينها تشعر بإحساس قيود.. ومعه لا تستطيع الإبداع أو الإنجاز.. في إحدى الجلسات تحكي إحداهن عن اقتراح عظيم لحل أزمات الأزواج.. يتلخص في أن ترتدي الزوجة ملابسها وكأنها ذاهبة إلى مقابلة رسمية.. ثم تطرق باب مكتب زوجها أو حجرة المعيشة متقمصة شخصية عميلة أو مريضة على حسب مجال عمل الزوج..

ثم تتحدث إليه كشخص غريب عن رئيه في أمر ما يؤرقها لتبدأ في سرد مشكلتها معه.. ليحكم حكماً خارجيًّا.. إليك كم التعليقات الكوميدية التي أصابت الجالسات.. منهن من تخيلت نفسها في الموقف.. لتقول إنه في هذا الموقف بالتأكيد سيظن زوجها أنه قد أصابها الجنون.. أو أصابها لبس أو مسٌّ ما.. منهن من أجزمت أن زوجها سيترك لها المنزل في الحال.. ومنهن من أعجبت بالطرح والفكرة.. في سرد آخر اقترحت إحداهن طريقة جديدة، وهي طريقة الجوابات، أن تقوم الزوجات بكتابة رسالة بكل ما يضايقها ثم تجعلها في مرمي عيني زوجها: لتبتسم من تعدد ردود الأفعال، سواء الكوميدية أو المشجعة أو العنيفة المتوقعة من الأزواج.. في نهاية الأمر عليك أن تعلم أن الله خلقنا متفردين حصيلة عجيبة من الخبرات والأفكار والأشخاص تساهم جميعها في تصنيع مزيج خارق متفرد ليضع بصمة مختلفة يتكامل العالم بها يستحيل معها وضع كتالوج أو قالب يصلح لخمسة أشخاص مجتمعين..

بالتأكيد صادفك أحدهم يحكي عن سبل النجاح، وكيف أنه ينبغي عليك أن تحب ما تعمل.. بالطبع سوف تبدع.. يقولون إنه عليك إنْ وجدت مديراً سيئاً أن تترك عملك فإليك تجربة أحدهم الناجحة الذي غيّر عمله فأصبح أكثر الناجحين في مجاله.. إذا كنت لا تحب عملك، فعليك بتركه على الفور والتخلص من كل القيود لتصبح حرًّا مبدعاً فيما تحب.. نعم نظريًّا هذه النصائح رائعة.. دعنا نتفق أن ما يُحكى حقيقة وإحدى سبل النجاح، لكن لكل تجربة هناك عوامل مساعدة كثيرة وضوابط.. لا توجد في الحياة تجارب ناجحة بلا حسابات في المطلق.. القاعدة حقًّا هي الإصرار على النجاح.. عندما تقرأ تجربة أحدهم.. قد تجد خلاصة التجربة نجاحاً.. لكن ماذا عن الخسائر؟ ماذا عن الطريق نفسه؟ كيف كان؟ كيف كانت العوامل المساعدة؟ كيف وكيف وكيف؟..

عزيزي لا أروّج لك إحباطاً أو تحفيزاً على الاستمرار في عمل لا تنجح فيه، كل ما أعرفه أو أريد قوله إن الطريق صعب يحتاج منك لإصرار وإدراك وصبر.. ليس مفروشاً بالورود، ولتكن قراراتك من خلفيتك أنت وليست عن قصص نجاح مبتورة.. ولتكتب قصتك أنت وحدك، ولا تجعل من نفسك مستنسخاً من آخر لديه مقاييسه المختلفة لتعريف السعادة والنجاح.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد