منذ أيام قليلة مرّت الذكرى الـ 55 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، وفي ذلك اليوم المشؤوم من شهر آب عام 1969، قالت المجرمة، غولدا مائير، عندما سُئِلت عن أسوأ يوم وأسعد يوم في حياتها فقالت: أسوأ يوم في حياتي يوم أن تمّ إحراق المسجد الأقصى، في تلك الليلة لم أنم، لأنّني خشيت من ردّة الفعل العربية والإسلامية، وأسعد يوم كان هو صبيحة اليوم التالي، لأنّهم لم يفعلوا شيئاً واكتشفت أنهم "أُمّة نائمة"، على حدّ تعبيرها!
وهنا تنهال الأسئلة على الأذهان، وتختلط الأمور بعضها مع بعض، ويتساءل الواحد منّا، ما الذي يجري؟
أين جامعة الدول العربية التي تضم 23 دولة؟
أين منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة عربية وإسلامية؟ وهل حقاً نحن أمة نائمة؟
وهل صدق القائل عندما قال: أننا نأكل بالأرطال ونشرب بالأسطال وننام الليل مهما طال ونطلب مقامات الرجال؟!
هل عجزت دول العالم ومجلس الأمن الدولي عن إجبار الاحتلال الإسرائيلي وفرض وقف إطلاق النار وإيقاف المجازر اليومية؟
وأين الشعوب العربية؟ هل عجز بعضهم عن إجبار حكوماتهم على طرد سفراء الاحتلال الإسرائيلي من دولهم ؟
وكيف أن الشعوب والحكومات العربية والإسلامية عاجزة عن إدخال قارورة ماء إلى قطاع غزة المحاصر؟ وهي تسمع وتشاهد حرب الإبادة، ويُستشهد كل يوم مئات الأطفال والنساء بالطائرات الإسرائيلية وبأطنان القنابل أمريكية الصنع والأسلحة المحرمة دولياً وتحويل غزة إلى ركام وإلى بركة من الدماء وساحة للجثث والأشلاء الممزقة، ولا شيء ينجو ويسلم من قصف الاحتلال الهمجي.
لعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع مع المحتل التي تصل فيها أخبار المجازر والمذابح بالصوت والصورة فور وقوعها، ولعلها المرة الأولى التي تتمايز فيها المواقف وتضّح حقيقتها في الشرق والغرب، ولعلها أيضاً المرة الأولى التي تقف فيها الشعوب العربية واعية بعجزها كجثة جامدة مخدّرة لا تقوى على الحركة!
أين ذهبت الشعوب العربية؟ وأين اختفى 2 مليار مسلم؟، ولماذا عجزت الشعوب عن الحراك والتظاهر والتضامن إلاّ "من رحم الله"؟
لماذا عجزت الحكومات والدول عن إيقاف العدوان والمجازر اليومية؟
أين العلماء ورجال الدين وأين فتاوى الجهاد التي كانت تصدر عنهم من قبل؟!
لم تكن حرب الإبادة هذه تحدث، لولا يقين العدو الإسرائيلي أن بعض الحكام متخاذلون والشعوب نائمة، ولا أحد من دول الجوار سيتحرك للدفاع عن أهل غزة وإيقاف المجازر، كان المحتل على يقين بأن الشعوب العربية تقع خارج معادلة الصراع بعد أن نجح النظام الدولي عبر وكلائه في ترويض وتدجين الشعوب وإخضاعها بأدوات القوة الصلبة والناعمة.
ولم يجرؤ الاحتلال الإسرائيلي وآلة القتل الوحشية على ارتكاب هذه المجازر، لولا الحماية والدعم غير المحدود من الغرب ووكلائه من العرب، ولإدراكه أن الأمة في سبات عميق، وكأن القضية لا تعنيها!
ومما لا شك فيه أن المجازر اليومية وحرب الإبادة الوحشية على غزة منذ ما يقارب 11 شهراً، قد أرخت بظلالها على دول العالم الغربي، وكشفت العالم على حقيقته، وأزالت مساحيق الكذب والخداع عن الحضارة وحقوق الإنسان التي تتغنى بها تلك الدول، وكشفت الدول الغربية والعربية الحليفة والحارسة للمحتل، ومحّصت الخبيث من الطيب، فإن لم تستيقظ الشعوب العربية، ستدفع ثمناً باهظاً وسيسجل التاريخ الذي لا يرحم الخائنين والمتآمرين في سجل العار، وإذا ما بقيت الأمة على هذه الحال، سوف يتمدّد هذا الاحتلال ويتوسع وسينتشر كالسرطان وسيجتاح البلاد ولن يرحم شعوبها.
تمر السنوات والأيام والمجازر تلو المجازر وتبقى اليد الملطخة بالدماء والعار شاهدة على خبث ودناءة الاحتلال وشركائه وحلفائه، في أحداث غزة.
أما آن للشعوب العربية والإسلامية، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقفة جادة، وكسر حالة الصمت والخنوع المُخزي لبعض الحكام والملوك العرب وتذكيرهم "بيقظة ضمير" قبل فوات الأوان، وتذكيرهم أن التاريخ سيسجل ولن يرحم الخيانة والتآمر على الشعب الفلسطيني.
فإلى متى تبقى أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.