الأجهزة الإلكترونية وأطفالنا.. كيف نجد الإيجابيات في زمن التحديات؟

تم النشر: 2024/08/18 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/08/20 الساعة 06:30 بتوقيت غرينتش
تأثير الأجهزة الرقمية على الأطفال - المصدر: Shutterstock

هل فكرنا بإهداء الأبناء حَبْل قفز؟ هذا السؤال ليس عبثيًا، إنما يحمل عمقًا في داخله، لو عاد بنا الزمن أيّ الطفولتين سنعيش؟ طفولتنا الماضية، أم ما عليه الأبناء اليوم؟، هناك إيجابيات كثيرة في عالم طفل اليوم، ولكننا سنقتصر هنا على المشاكل لإيجاد الحلول وتقديم النصائح. روى لي أحد الأصدقاء أنّ ابنه كان يحفظ العديد من الحكم والقصائد والأحاديث، وكان يفخر به في المجالس، وذات مرّة وصل هذا الطفل هدية عبارة عن جهاز إلكترونيّ، فما الذي حدث؟ يقول هذا الصّديق: لقد تبخرت من ابني جميع المحفوظات، حيث استبدل النافع بالمسليات، وأصيب بالتّشتت وعدم التّرْكيز.

كلنا مسؤول والطفولة أمانة، لذا نقول: أطلقوا سراح الأطفال، فهم سجناء هذه الأجهزة، إنْ لم يقع الترشيد. كلنا يعلم أنّ الإلكترونيات سلاح ذو حدّين، ولكن السؤال: أيّ الحدّين يستخدم هذا الطفل البريء؟، يتحدث بعض المعلمين عن داء التشتت لدى الأبناء، ونحتاج لإجراء تجربة اختبارية، لإدراك هل هذا الطفل يعاني من هذا الداء؟ أم هو في مأمن وتحت السّيْطرة؟ هناك بعض الصّغار يعيشون في الواقع بالأجساد فقط، أما العقول فمُخدّرة بالعالم الافتراضيّ، فهل وعى المسؤول عن هذا الضّرر؟

قد يسعد الطّفل بالملهيات الإلكترونيّة، ولكنه يخسر الجلوس مع الوالدين والأقارب، يخسر متعة القراءة، يخسر الاستمتاع بطفولته بالطريقة الصحيحة، فيخسر بذلك فرصة مراكمة ذكاء اجتماعي لا غنى عنه. لذلك، على الآباء ممارسة أدوارهم الحقيقيّة والخروج من عباءة الفزاعة التي لا تحرك ساكنًا، فالجيل الصاعد يستحق أن يعيش حياته المُثْلى، لذا ربما نحتاج نحن الآباء لفرض نظام أسريّ وفق منظور تربويّ، يسعى لتقوية نقاط ضعف الطفل، واستثمار نقاط قوته.

الأجهزة الإلكترونية وأطفالنا.. كيف نجد الإيجابيات في زمن التحديات؟
تناول الطعام دون حدود أمام الأجهزة الإكترونية| shutterstock

في عالم مليء بالتكنولوجيا والشاشات اللامعة، من المهم جدًا أن نتبع نظامًا صحيًا لضمان سلامة أطفالنا وحماية صحتهم. إليكم بعض النصائح البسيطة والفعّالة للحفاظ على توازن صحي للأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية:

ضبط الساعة: للأطفال دون مرحلة الدراسة، ساعة واحدة فقط من الوقت أمام الشاشة كافية، ويفضل أن يكون ذلك تحت إشراف بالغ. بينما الأطفال في مرحلة الدراسة ودون الـ18 عامًا، يمكنهم قضاء ما يصل إلى ساعتين يوميًا.

ضبط النشاط: يجب أن يحظى الأطفال بنوم كافٍ ليلًا وممارسة النشاط البدني لمدة 60 دقيقة على الأقل كل يوم، للحفاظ على نشاطهم وحيويتهم.

راحة العين:  يستحق نظر الصغير استراحة بعد كل 20 دقيقة من النظر إلى الشاشة، من الجيد أن ينظر الطفل بعيدًا لمسافة 20 قدمًا لمدة 20 ثانية. ولا تنسى تحريك الرموش بين الحين والآخر أو استخدام قطرات الترطيب إذا شعرت بالجفاف.

ضبط الأجهزة: أوقف الأجهزة قبل النوم بساعتين على الأقل لضمان نوم هانئ، وحافظ على نظافة الشاشة وضبط السطوع وحجم الخط لتجنب إجهاد العين.

ضبط الجسد: انتبه لوضعية جلوس الطفل، احرص على أن تكون الشاشة في مستوى العين لتجنب انحناء العمود الفقري والرقبة.

ضبط الغرفة: تأكد من تهوية المكان جيدًا وأن يكون خاليًا من الغبار، وحاول تقليل الوهج الناتج عن الإضاءة لتوفير بيئة مريحة وصحية.

وفي أوقات الفراغ، يوجد العديد من الخيارات التي تسمح للأطفال بتنمية مهاراتهم واستغلال وقتهم بطرق مفيدة وممتعة. إليك بعض الأنشطة البديلة التي يمكن تجربتها:

الألعاب النافعة: اجعل وقت أولادك ممتعاً ومفيداً مع ألعاب مثل الرمل، الصلصال، والمكعبات التي تفتح المجال للإبداع وتنمية التفكير.

الأنشطة والتمارين: حل الألغاز والمشاركة في مسابقات متنوعة يحفز العقل ويعزز قدرات التفكير النقدي.

زيارة المكتبات: اختيار كتب قيمة وقضاء وقت في قراءة القصص والحكايات يعمق حب المطالعة ويغرس العادات الجيدة في القراءة.

تنمية المواهب: من تحسين الخط إلى الرسم وكتابة القصص، تنمية المواهب تعطي الطفل فرصة لاكتشاف شغفه وتعزيز ثقته بنفسه و خطوة راسخة في بناء شخصيته.

الألعاب الرياضية: القفز بالحبل، المطاردة، والتمارين الجماعية تعزز اللياقة البدنية وتساعد في بناء روح الفريق.

البرامج والتعليم: تعلم دروس جديدة واكتساب لغات يفتح أبواب المعرفة ويوسع الآفاق.

برامج الأسرة: جلسات الحوار والمناقشة الجماعية تعزز الروابط الأسرية وتنمي مهارات التواصل لدى الأطفال.

ويجب أن يتم كل ذلك خلال بيئة آمنة وصحية تساهم في نمو الأطفال بشكل سليم ومتوازن، والتي يمكن أن توفر من خلال النقاط التالية:  

الرعاية الأبوية: يمكن استخدام الكاميرات لضمان الأمان والسلامة المستمرة لأطفالكم في كل الأوقات.

التحكم في الألعاب: إذ يجب الحرص على إزالة أي ألعاب قد تكون مضرة أو تشجع على العنف، وتأكدوا من أن الألعاب مناسبة للمرحلة العمرية للطفل.

تنظيم النزهات العائلية: خصصوا وقتاً لنزهات عائلية تشتمل على أنشطة بدنية مثل المشي وركوب الدراجات لتعزيز اللياقة البدنية للطفل.

إدارة الوزن: تابعوا وزن الطفل بانتظام وطبقوا نظامًا غذائيًا متوازنًا يشمل الرياضة والأنشطة المنزلية المتنوعة للحفاظ على صحة الطفل.

وضع قواعد أسرية بشكل عادل: وضع قواعد عادلة ومتزنة بخصوص استخدام الأجهزة الإلكترونية، منع الأكل أثناء مشاهدة التلفزيون، والالتزام بمواعيد النوم المحددة لتنظيم الروتين اليومي للطفل.

في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه، لا يمكننا إنكار الدور الهام الذي تلعبه في حياتنا اليومية. ورغم تأثيراتها المتعددة على الأطفال، فإن الاستغناء عنها ليس خيارًا واقعيًا. لكن، بتطبيق استراتيجيات مدروسة وضوابط فعّالة، يمكننا تقليل الآثار السلبية للتكنولوجيا واستثمارها بشكل يعزز من تنمية الأطفال بطريقة صحية ومفيدة. من خلال إشراك الأطفال في أنشطة بنّاءة وتعليمية، ومراقبة وتنظيم استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، نستطيع أن نوجه طاقاتهم و نحد من سلبيات التكنولوجيا و نزيد من فوائدها في حياتهم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالعزيز آل زايد
كاتب وروائي سعودي
كاتب وروائي سعودي
تحميل المزيد