أصدرت قطر ومصر والولايات المتحدة بياناً مشتركاً بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد البيان أن الوقت حان لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين وشدد البيان الثلاثي على أنه يجب عدم إضاعة مزيد من الوقت وألا تكون هناك أعذار لمزيد من التأجيل. وأكدوا في البيان أنهم كوسطاء مستعدون إذا اقتضت الضرورة لطرح مقترح نهائي لتسوية الأمور المتعلقة بالتنفيذ، هذا وأنه تم دعوة الجانبين إلى استئناف المناقشات العاجلة يوم الأربعاء 14 أغسطس أو الخميس الموافق 15 أغسطس في الدوحة أو القاهرة لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون أي تأجيلات جديدة.
امتصاص الاحتقان
في رأيي إن الإعلان ليس منفصلاً عن حالة القلق والشلل التي تهيمن على المجتمع و"الدولة الإسرائيلية" انتظاراً لتنفيذ محور المقاومة تهديده بالرد على الاغتيال لقادته، وأن الهدف هو امتصاص حالة الاحتقان تحت أمل مساعدة إسرائيل على الاسترخاء من حالة التوتر العالية جداً والشلل الذي أصاب مطاراتها وموانئها ومصانعها ناهيك عن القلق المجتمعي السائد هناك.
مع أن كل الشواهد والتصريحات تؤكد أن رد محور المقاومة قادم لا محالة وأن مصداقية المقاومة محلياً وإقليمياً ودولياً رهن لهذا التنفيذ، وهو ما تقتنع به واشنطن وتل أبيب.
فكان لا بد من خطوة للجم وتبريد الرد، أو إلى دفع محور المقاومة لتأجيل رده، مما قد يفتح المجال أمام الولايات المتحدة وإسرائيل لخلق ظروف تجعل رد المحور على الاغتيال أكثر تعقيداً سياسياً وعسكرياً (من يريد وقف القتال- كما يزعم البيان- لا يرسل أساطيله الى المنطقة..).
وأن البيان يستهدف إدخال المقاومة للعودة إلى "نفق التفاوض" الذي لا طائل منه في ظل مراوغة نتنياهو ومناوراته لنسف أي اتفاق، فقد مضى على بيان بايدن وقرار مجلس الأمن أكثر من 77 يوماً، فمن الذي استغل الشهرين وقام بالقتل والاغتيالات مستغلاً الوهم.
إن البيان ليس إلا إسفنجة لامتصاص الاحتقان، وهو موقف أمريكي إسرائيلي يزاوج بين أداتين هما: حشد قوة عسكرية لردع المقاومة (الترهيب) من ناحية، وتوظيف دبلوماسية الإسفنجة (الترغيب) من ناحية ثانية. وهنا يؤكد البيان "عدم قبول الأعذار"، ومن هنا نطرح التساؤل التالي: لقد أعلنت المقاومة في أكثر من مناسبة قبولها بالمقترحات لوقف إطلاق النار، ولكن نتحدى بأن يدلنا على تصريح واحد (واحد فقط) من نتنياهو باستعداده لوقف القتل وارتكاب المجازر ونزع التوتر في المنطقة الذي يسعى إليه طوال الوقت.
إن البيان الثلاثي كما لو أنه موجه لنتنياهو، بينما هو في الحقيقة يستهدف المقاومة، فإذا ردت المقاومة على اغتيال قادتها سيخرج علينا الإعلام الأمريكي وإعلام سوق عكاظ ليقول: إذا ردت المقاومة ولم تنخدع بالبيان سيقولون إنكم أضعتم فرصة التسوية التي تضمنها البيان الثلاثي، أما إذا انتظرت المقاومة وتم تأجيل الرد سيتم منح فرصة لنتنياهو لتحقيق "النصر المطلق" وستفقد المقاومة مبرر الرد بفعل النشاطات الأمريكية والعربية تجاه الصراع، وتعمم حالة اليأس الشعبي وإدخال المقاومة في خانة فقدان المصداقية.
إن الأسرى الإسرائيليين هم "جوهر الموقف الإسرائيلي"، فالنص على الإفراج عنهم يتصدر كل مطلب ونص أمريكي، بينما الحقوق الفلسطينية هي حقوق "نتفاوض عليها".
وفي ذات السياق، نرى مقترح نتنياهو هو المقترح المطروح من قبل الوسطاء الأمريكيين والقطريين والمصريين على الطاولة، هو المقترح بتعديلاته وشروطه التعجيزية، ربما لا يشمل آخر إضافة، لكن أحداً لا يضمن إلا أن يكون الشيطان يختبئ في النصوص الغامضة، أو ما يسمى بالإطار.
إن الهدف هو استغلال الفرصة قبل الرد الإيراني أو رد حزب الله، والذي يضعف إسرائيل بعد أن كانت يدها هي العليا وهي صاحبة الضربة الأخيرة، فهل المفاوضات في الظروف الحالية في صالح إسرائيل أم لا؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.