يعكف طلاب الثانوية العامة (أو بالأحرى خريجوها) وذووهم على اختيار كلية أو معهد مناسب، وقد يفاجئون بأن التنسيق لا يضمن لهذا الخريج أو تلك مكاناً بإحدى الجامعات الحكومية فيبدأ التفكير في إرسال الطالب للدراسة خارج مصر لأن الدراسة بالجامعات الخاصة والأهلية في مصر باتت تكلفتها تساوي أو تقل قليلاً عن تكلفة الدراسة ببعض الجامعات خارج مصر. وأرى أن هذه خطوة كبيرة تجب دراستها بتمعن، وإليك بعض الأفكار التي تعينك على اتخاذ القرار السليم في هذا الشأن.
ولكن قبل سرد أي أفكار، أنوه بأن أعمار أغلب خريجي الثانوية العامة هي ما بين 18 و19 عاماً على الأكثر، وهذه سن قليلة للغاية في يومنا حتى يستطيع الطالب تحمل مسؤولية الدراسة والغربة ومشاقها بمفرده. فللأسف، لا يُرَبَّى الشباب في مصر الآن على تحمل المسؤولية؛ وبالتالي، فخريجو الثانوية العامة ما يزالون في أغلبهم "أطفال". وحتى وإن كان الطالب واعياً بما يكفي لتحمل المسؤولية والغربة بمفرده، فيجب أن يراعى الآتي:
1- جميع الجامعات المصرية الحكومية والخاصة معتمدة من وزارة التعليم العالي في مصر وشهاداتها تؤهلك لسوق العمل في مصر دون مشقة في توثيق أو تصديق الشهادات وقبولها لدى الهيئات والنقابات المهنية في مصر، وهذه ميزة لا يعرفها إلا من ذاق مرارة اعتماد شهادته التي حصل عليها من خارج مصر من قبل وزارة التعليم العالي المصرية.
2- ليست كل الجامعات خارج مصر – حتى في أوروبا وأمريكا – جامعات محترمة ومعتبرة كما تظن. فهناك مئات الجامعات الأوروبية والأمريكية أسماء على ورق حرفياً، وحتى الجامعات الموجودة بالفعل كثير منها ليس جيداً ولا يوجد بها تدريس أو تدريب معتبر كما تظن. فإذا أردت أن تدرس في جامعة أجنبية، فتأكد من وجودها على أرض الواقع ومن تصنيفها العلمي ولا توهمك المواقع الإلكترونية البراقة. حاول أن تتعرف على طلاب مصريين أو عرب في هذه الجامعة الأجنبية قبل التسجيل فيها، وهذا ميسور من خلال وسائل التواصل، لتعرف حقيقة الدراسة بالجامعة وجديتها.
3- فإن تأكدت من النقطة السابقة وقررت الدراسة بجامعة خارج مصر، تأكد من أن المدينة الموجودة بها الجامعة مدينة يمكن العيش بها من حيث درجات الحرارة ومعدلات الجريمة والأمان ومعدلات الكراهية والعنصرية ووسائل الترفيه وسهولة المواصلات ومعدل الإنفاق، وكل هذا ميسور هذه الأيام من خلال مواقع إلكترونية متخصصة توفر لك معلومات تقريبية. ويمكنك بعد ذلك التواصل مع أحد الطلاب أو المهاجرين العرب (من خلال وسائل التواصل كما قلت) لتتأكد أن إمكاناتك المادية وصحتك تتحملان العيش في هذه المدينة.
4- إذا كنت تجيد لغة الدولة التي تود الدراسة بها، فأنت محظوظ. أما إذا لم يكن لك علم بهذه اللغة وتنوي دراستها هناك، فمارس اللغة الإنجليزية جيداً قبل السفر، فغالباً ما ستكون وسيلة التواصل في الأيام وربما الأشهر الأولى هناك.
5- لا تفكر في الدراسة في دولة بينها وبين مصر عداوة أو أزمات دبلوماسية وسياسية، فربما يعرضك هذا لمشاكل كبيرة لا تقوى على التعامل معها بمفردك.
6- لا تفكر في الدراسة بجامعة يقل ترتيبها العالمي عن ترتيب أي جامعة مصرية حكومية أو أهلية أو خاصة. حتى لو تساوى الترتيب والمصروفات، فبلدك أولى بك. هذه حقيقة والله، لا مبالغة.
7- اعلم أن الدراسة بالخارج ليست مكلفة مادياً فقط وأن لها تكلفة عاطفية كبيرة يدفعها الأبوان غالباً. فكر فيمن حولك كما تفكر في نفسك، ولا تكن أنانياً.
8- رغم كل مشاكل التعليم الجامعي في مصر، إلا إنه ما زال فيه "الرمق". مجدداً، لا تلتحق بالدراسة في جامعة أجنبية إلا إذا تأكدت أن مستواها أعلى من الجامعات في مصر.
9- قد تندهش لو قلت لك إن كثيراً من الجامعات العربية مصروفاتها أقل من جامعات أوروبية وأمريكية والتعليم بها (أي بهذه الجامعات العربية) أفضل، علاوة على قرب الثقافة والجغرافيا وسهولة اعتماد الشهادات التي تصدرها هذه الجامعات.
10- اسأل واستشر وادرس وافحص وقارن وفاضل واعتبر قبل اتخاذ قرار الدراسة خارج مصر.
بالتوفيق للجميع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.