بعد نتائج الثانوية العامة يبدأ الطلاب وذووهم يبحثون عن الكلية المناسبة، وهذا وحده هم جديد على كل أسرة لديها طالب إذ إن الاختيارات متعددة والأفكار مشوشة والإحباط من ضعف الاقتصاد والبطالة بين خريجي الجامعات على أشده. فكيف يختار الطالب الكلية المناسبة؟ هذه إجابة مختصرة لا تلزم أحداً أن يأخذ بها؛ إذ إن الموضوع جد شائك، وقد تكون نصائحي أدناه غير سديدة، فيجب التفكير فيها وفي غيرها قبل اتخاذ القرار.
1- الدراسة في الجامعة هدفها الأول الحصول على وظيفة وبناء شخصية متوازنة، لا التفاخر باسم الكلية.
2- تصنيف الكليات لقمة وقاع تصنيفٌ ظالم وأكل عليه الزمان وشرب ولا ينطبق على الواقع الآن. وعلى سبيل المثال، ما زالت كلية الصيدلة تُصَنَّف على أنها إحدى كليات القمة مع أن خريجيها يفوق عددهم حاجة السوق بعشرات المرات، فما مستقبلها الذي يجعلها تُصَنَّف هكذا؟
3- أَعلم أنه لا توجد لدينا قواعد بيانات تحدد التخصصات المطلوبة للسوق مستقبلاً ولا عدد العاطلين من خريجي كليات بعينها، وهذه مشكلة حلها في سؤال من تعرف وتثق في آرائهم والاطلاع (قراءة واستماعاً ومشاهدة) على كل معلومة قد تفيدك عن التخصصات المطلوبة في سوق العمل.
4- ركز على التخصصات التي لا يستغني عنها الناس، مع الحرص على معرفة مجالات عمل هذه التخصصات وهل هناك بطالة في هذه المجالات من عدمه. فتخصصات الطب والهندسة والتمريض والتجارة والحقوق تخصصات لا يستغني عنها المجتمع، لكن ألم تسمع عن أو تشاهد عدد المهندسين العاطلين جراء الانكماش الاقتصادي وإغلاق المصانع؟ بإحصاء بسيط، قد تعرف أن التخصص في الهندسة يلزمه اقتصاد صناعي قوي وهو ما لا يتوافر لدينا الآن، للأسف. وبالتالي، فإن برامج الهندسة قد لا تكون الأمثل خلال السنوات العشر القادمة على الأقل.
5- إذا كان لديك أحد الأقارب في تخصص ما وكان تخصصاً مطلوبًا في المجتمع وتتوقع أن يمد هذا القريب يد العون لك، فأعط الأولوية لهذا التخصص.
6- إذا لم يكن مجموعك يؤهلك للالتحاق بكلية تراها مناسبة لك، فابحث عن معهد يمنح الدرجة العلمية نفسها، وتأكد أن المعهد حاصل على ترخيص من وزارة التعليم العالي. وبالمناسبة، فالتفريق بين "كلية" و"معهد" على أساس أن المعهد أقل اجتماعياً تفريقٌ فارغ المضمون. والحقيقة، هناك بعض المعاهد بها تخصصات أفضل بكثير من الكليات. قارن – مثلاً – تخصصات علوم الكمبيوتر في بعض المعاهد بتخصصات نظرية مثل الفلسفة في كليات الآداب. أَعْلَمُ بالطبع أن الفلسفة مهمة لكن أَعْلَمُ كذلك أن الطالب يبحث عن تخصص يؤهله للعمل، وتخصص الكمبيوتر هذه الأيام أسرع في التوظيف.
7- وإذا لم تستطع الالتحاق بكلية ترغب في الالتحاق بها لتدرس بقسم معين بها (مثل قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن) فحاول الالتحاق بقسم مشابه في كلية تقبل مجموعك (مثل قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب)، فالفرق بينهما بسيط.
8- كلما كانت الكلية أو المعهد الذي تلتحق به أقرب لسكنك، كان هذا أفضل، فالتكلفة العالية وإرهاق السفر قد يعطلك عن دراستك تماماً. ادرس كل الخيارات المتاحة، ولتكن عينك على الكليات الأقرب.
9- الأهل يفكرون بطريقة أفضل منك ليس لأنهم أذكى ولكن لأن خبراتهم أكبر، فراع هذا الأمر. أما الأهل فيجب أن يعلموا أن أولادهم خُلِقُوا لزمان غير زمانهم. والتوفيق بين هاتين النقطتين مهم للغاية وهو مدار الاختيار السليم.
10- حتى لو اخترت الكلية أو المعهد المناسب، ستكون لديك مشكلات كبيرة في بداية الدراسة الجامعية، لأنها تختلف عن الدراسة في الثانوية العامة. فاعلمْ من الآن أن العام الجامعي الأول هو عام تجربة. فإن نجحت التجربة، فبها ونعمت.
أما إذا فشلت التجربة، فَغَيِّرْ مجال تخصصك فوراً لمجال آخر. اتبع مهاراتك وإحساسك ولا تضيع عمرك في مجال لا تتقبله ولا يُرْجَى منك فيه خير. وبالمناسبة، لا يتعلق هذا الأمر بذكاء أو غباء، والذكاء هو دراسة تخصص مفيد تجد فيه نفسك وتتوقع منه وظيفة تعينك على الحياة.، أما الغباء فهو أن تكمل في دراسة لا تناسب مهاراتك.
بالتوفيق للجميع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.