وأخيراً سقطت الشيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنغلاديش بعد سنوات من البطش والاستبداد والجرائم التي ارتكبتها في حق شعبها.
حيث هربت على متن طائرة مروحية إلى الهند بعد استقالتها تحت وطأة احتجاجات شعبية منذ أسابيع، أدت لارتقاء مئات المتظاهرين.
لمحة مختصرة عن بنغلاديش وتطور الأحداث:
بنغلاديش هي ثالث أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان (175 مليون نسمة) وكانت جزءًا من الهند تحت حكم دولة المغول الإسلامية ثم الاستعمار البريطاني، وبعد الاستقلال عام 1947 أصبحت جزءًا من باكستان (أي الجزء ذو الأغلبية المسلمة من الهند).
حسينة واجد هي ابنة مجيب الرحمن الذي قاد عام 1971 تمردًا على باكستان وانفصل عنها بدعم عسكري من الهند، مؤسسًا دولة بنغلاديش وكان أول رئيس لها، وقتل في انقلاب عسكري عام 1975.
تعاقبت على بنغلاديش حكومات منتخبة وأخرى عسكرية إلى أن وصلت حسينة للحكم أول مرة بين 1996 و2001 ثم عادت للحكم عام 2008 إلى يومنا هذا.
بعد عودتها للحكم بدأت مسارًا من الإرهاب المنظم والاستبداد وقمع المعارضين، فبدأت عام 2010 محاكمات لعدد من قيادات المعارضة بتهمة الوقوف إلى جانب باكستان في حرب الانفصال عام 1971، وأعدمت العديد منهم بالأخص قادة الجماعة الإسلامية الذين عارضوا الانفصال.
تخيلوا أن تتم محاكمة الناس بعد أربعين عامًا حيث مات أغلب "الشهود" فكان اللجوء إلى قصاصات الجرائد وأناس سمعوا قصصًا من آبائهم من أجل إدانة المعارضين، فمن بين المهازل أن أحد قادة الجماعة الإسلامية أعدموه بتهمة أنه كان يعطي التعليمات للضباط الباكستانيين لارتكاب المجازر المزعومة رغم أن عمره كان 19 عامًا فقط عندما حصل الانفصال.
وخلال سنوات حكمها تدرجت في الاستبداد ورعت الفساد والإفساد، وكان السبب المباشر للاحتجاجات التي أطاحت بها هو قانون يمنح 30% من الوظائف الحكومية للمقربين من حزبها حصرًا، ورغم أنها تراجعت عن القانون إلا أن المظاهرات استمرت حتى إسقاطها (تمامًا كما حصل مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي).
إن رحلتها في طريق الاستبداد تشبه رحلة قيس سعيد وكل الحكام العرب المستبدين الذين وصلوا عن طريق الانتخابات ثم بدأوا بإقصاء كل من لا يدين لهم بالولاء، لكنها رحلة انتهت مثل كل الطغاة.
وأخيرًا، البعض يعاير الشعوب العربية بأنها ساكتة ولا تثور على حكامها المستبدين، وفي هذا ظلم كبير فمنذ سنوات انطلقت الثورات العربية وضحى الآلاف بأرواحهم وكلنا رأينا كيف تآمرت أمريكا وإسرائيل للإطاحة بهذه الثورات وخصوصًا في مصر، فالثورات لا تحصل "بكبسة زر" إنما لها ظروفها التي تتراكم وتنفجر في وقت غير متوقع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.