إن كانت الأرض تزهر بالماء فإن الأمم تحيا بالدماء، وأمة الإسلام على وجه الخصوص لطالما كانت أمة بذل وعطاء، تنافس القادة فيها والسادة عبر الأزمنة والأمكنة على بذل أرواحهم فداءً لعقيدتهم وإحياءً لحضارتهم التي لن يصلح حال البشرية اليوم إلا بعودتها سيّدة على هذه الحضارات المنحرفة المشوهة والمتناحرة في ظل غياب تام للقيم والإنسانية.
وفداءً للقيم المثلى وتخليصًا للبشرية من هذا التوحش العالمي الجديد، زفّت أمة الإسلام اليوم بكل فخر واعتزاز أحد قادتها الأبطال النبلاء، السياسي العظيم والمجاهد الكبير أبو العبد إسماعيل هنية شهيدًا مخضبًا بدمائه الزكية الطاهرة، التي عطّرت العالم الحر بطيبها الفواح، وجعلت كل صاحب ضمير حي يستنشق هواء الحرية الصافية من تلوث إشعاعات الإمبريالية الصهيو أمريكية السامة التي غزت العالم وشوّهت لون وطعم الحياة.
أما أمة الإسلام التي عانت على مدار عقود من حملات ضرب وتشويه لقادتها ورموزها وصفوتها حتى بقيت بلا طليعة ولا مرجعية تجمعها، فإنّا نراها تجتمع اليوم كما لم نرها اجتمعت من قبل، بعد أن ساهمت ذات اليد التي كانت تشوه وتحطم الرموز عبر حرب ناعمة خبيثة، بتشييدٍ وبناء رموز حقيقية جامعة للأمة الإسلامية قاطبة عبر حرب إبادة واستئصال غبية.
فبوصلة الأمة اليوم صارت مضبوطة نحو مكانها الصحيح حيث كانت أول قبلة للمسلمين. وقادة الأمة اليوم باتوا معروفين حيث تُدار الملاحم والمعارك وتُسطر البطولات في أرض الرباط بفلسطين الأبية.
وقد تمايزت الصفوف اليوم داخل الأمة إلى صفين لا ثالث لهما: بين صهيوني متشفي في رحيل المجاهد الرمز إسماعيل هنية، ومقاوم مبارك لهذه الشهادة ومبايع على مواصلة الطريق التي باتت واضحة جلية بعد أن عبّدها رجال المقاومة بدمائهم وتضحياتهم وبطولاتهم من القسام إلى هنية.
وإن رحيل القائد المجاهد إسماعيل هنية اليوم على ما فيه من ألم وغصة وحزن، غير أنه نذير شؤم على قاتليه الذين سيخرج لهم من تحت ركام بيوت غزة المهدمة وأنفاقها السحيقة، ومن أزقة الضفة الضيقة ومعتقلات الأسر المظلمة المُوحشة، جيل ثائر غاضب ناقم متعطش للثأر ومتطلع للحرية ومستعد للتضحية بعد أن خسر كل شيء قد يثنيه عن الإقدام أو يغريه إلى الإحجام.
وستصطف خلفهم جحافل من شعوب ما بعد الطوفان داخل المجتمعات المسلمة المقهورة المتربصة لساعة النصر.
وسيلعن كل إسرائيليّ نفسه، على أول لحظة همّ فيها قادته بتصفية جيل هنية ورفقته الحكيمة الحليمة.
فالويل كل الويل لكل من أجرم في حق أهل فلسطين، من جيل آت قد هيجتم أسوأ وحش بداخله، ولم تراعوا فيه إلًّا ولا ذمة.
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.