منذ لحظة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت، يتصاعد التوتر الإقليمي إلى مستويات غير مسبوقة، مما يجعل الجميع في حالة تأهب ومراقبة للتطورات ساعة بساعة. فالردود الإيرانية وتهديدات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله قد أعلنت بوضوح عن احتمالات رد قوي وربما غير متوقع، مما قد يُلمح إلى تصعيد خطير قد يُعيد رسم خرائط التحالفات والنفوذ في المنطقة.
وتجاوبًا مع هذه التهديدات و برغبة واضحة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، سارع الاحتلال إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى، وبالمثل، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط بإرسال حاملات طائرات وسرب مقاتلات إضافي، مما يعكس التأهب الأمريكي من إنزلاق المنطقة نحو حرب شاملة.
في هذا السياق، تنتوع السيناريوهات المحتملة؛ من رد مشترك بين إيران وحزب الله، إلى ردود فعل منفصلة تحمل كل منها تداعياتها الخاصة على مسار الحرب. الطبيعة النهائية لهذه الردود وشدتها ستحدد بدورها مسار التصعيد المحتمل.
بينما يظل مستقبل حرب الإبادة في قطاع غزة، والدور الأمريكي في التهدئة أو التصعيد، عنصرين حاسمين في تحديد ما إذا كانت المنطقة مقبلة على صراع محدود أو حرب إقليمية شاملة. فالقرارات والردود التي سيتم اتخاذها في الأيام المقبلة ستكون بمثابة مؤشر على ما يمكن أن يحدث في المنطقة والعالم.
ويبدو أن المعادلة الجيوسياسية الحالية تظل معقدة ومتوترة؛ فمن ناحية، تسعى الولايات المتحدة لضمان عدم هزيمة الاحتلال، بينما يصر الاحتلال على دفع بأمريكا في ومواجهة مباشرة ضد إيران ومحور المقاومة. هذه التطورات تشير إلى إعادة تشكيل موازين القوى وفرض استحقاقات جديدة قد تؤدي إلى تداعيات جيوسياسية كبيرة.
بالنظر إلى السياقات الحالية، يبدو سيناريو توسع الحرب الأكثر احتمالاً، إذ تتجلى رؤية بنيامين نتنياهو وحلفائه المتطرفين بوضوح أكبر بعد تنفيذ الاغتيالات التي استهدفت قادة المقاومة. يمكن قراءة نوايا نتنياهو من خلال توقيت ومكان هذه العمليات، حيث يبدو أنه يستغل الفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية، وهي الفترة التي يبلغ فيها نفوذ اللوبي الصهيوني ذروته في المشهد السياسي الأمريكي، وقد شاهد العالم هذا النفوذ عندما استُقبل بنيامين نتنياهو المتهم بجريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، بتصفيق حار استمر لأكثر من 3 دقائق من قبل أعضاء الكونجرس الأمريكي المؤيدين للإبادة الجماعية، نتيجةً لذلك، يندفع نتنياهو بكل عنجهية مصمما على إشعال الحرب.
المؤكد أن الموقف الأمريكي، الذي يبدو مترددًا وغير حاسم تحت وطأة الاستحقاقات السياسية الداخلية، يوفر لبنيامين نتنياهو فرصة ذهبية لمواصلة سياسته دون خوف من الردود الدولية الجادة. هذه الديناميكية تضع المنطقة على حافة الهاوية، حيث يمكن لأي رد صغير أن يشعل فتيل حرب شاملة قد تتجاوز كل الحدود لتصبح صراعًا إقليميًا يؤثر على الأمن والاستقرار ليس فقط في المنطقة بل في العالم كله. ومع ذلك، لا يزال من الصعب التنبؤ بأي من السيناريوهات المستقبلية بشكل قاطع، لكن ما يمكن تأكيده هو رغبة بنيامين نتنياهو في إشعال المنطقة لفرض هيمنة الاحتلال على المنطقة بالقوة والترهيب.
إن الاحتلال الإسرائيلي بهذه الهمجية، لا يهدد أمن المنطقة فحسب، بل يهدد مستقبل النظام الدولي بأكمله، إذ يعجل ببدء حرب عالمية جديدة، وهذه ليست مبالغة، فقد قامت الحروب لأسباب ورغبات أقل من ذلك، فما بالك اليوم، والعالم كله من مشرقه إلى مغربه مهيأ للدخول في عملية فوضوية مرة أخرى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.