قتلى مجدل شمس والأهمية الاستراتيجية لهضبة الجولان المحتلة

عربي بوست
تم النشر: 2024/07/30 الساعة 15:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/07/30 الساعة 15:12 بتوقيت غرينتش

رفض المئات من أهالي بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية المحتلة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتزامن مع تشييع آخر ضحايا الضربة الصاروخية التي طالت البلدة وأودت بحياة 12 شخصًا، في وقت يسعى فيه نتنياهو لاستغلال سقوط القتلى في مجدل شمس بغرض توسيع دائرة العدوان لتشمل لبنان وبنيته التحتية، ليستمر في حياته السياسية رغم المطالبات الإسرائيلية بتنحيته بعد عملية طوفان الأقصى التي كشفت هشاشة إسرائيل على كافة المستويات.

الأهمية المائية

احتلت إسرائيل القسم الأكبر من هضبة الجولان السورية في حزيران / يونيو 67، وأنشأت فيها 33 مستوطنة يتمركز فيها 17,500 مستوطن إسرائيلي خلال العام الحالي 2024، بعد طرد غالبية سكانها الأصليين. ولتثبيت خطواتها الاستيطانية على الأرض أصدرت إسرائيل قرارًا بضم الجولان في 14 كانون الأول / ديسمبر 1981، وقد أقر الكنيست الإسرائيلي ما يسمى بـ "قانون الجولان"، وهو القرار الذي تم بموجبه "فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الجولان".

لكن مجلس الأمن الدولي رد بسرعة على الخطوة الإسرائيلية الاحتلالية، بإصداره القرار رقم 497 بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 1981 والذي اعتبر فيه أن قرار إسرائيل بضم هضبة الجولان السورية لاغيًا وباطلاً وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي. من الناحية الاستراتيجية تعتبر إسرائيل أن هضبة الجولان المحتلة تشكل موقعًا هامًا واستراتيجيا لإسرائيل، بسبب تكوين التضاريس والمرتفعات التي تطل على أجزاء مهمة من فلسطين المحتلة، هذا فضلاً عن الأهمية المائية التي أشارت إليها بوضوح جلي دراسات إسرائيلية عديدة.

وقد أكدت عليها كافة المؤتمرات الإسرائيلية، ومع إنشاء إسرائيل في أيار / مايو من عام 1948 على الجزء الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، ومحاولة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جذب مزيد من يهود العالم إليها، بات التفكير الإسرائيلي ينصب على احتلال أجزاء من الأراضي العربية المحيطة بفلسطين الغنية بالمياه لدعم النشاط الاستيطاني في فلسطين وتحقيق خطوات متقدمة من المشروع الصهيوني برمته عبر التمدد مائيًا باتجاه الشمال، والشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، وكانت هضبة الجولان وجنوب لبنان وروافد نهر الأردن في إطار الهاجس المائي الإسرائيلي على الدوام مع استمرار زيادة الطلب على المياه في إسرائيل لاستخدامات الصناعة والزراعة والاستهلاك المنزلي.

مجدل شمس

الاستيطان والتهويد

في تسارع مع الزمن تسعى إسرائيل لتهويد هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث قامت المؤسسات الإسرائيلية بوضع خطط لتشجيع الاستيطان فيها، من خلال بناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية لاستيعاب ربع مليون مستوطن يهودي بحلول 2048، وتشمل الخطة التي صاغتها وأعدتها وزارة الإسكان مع جهات أخرى، بناء 30 ألف وحدة استيطانية في مستوطنة "كتسرين" وزيادة عدد سكانها بثلاثة أضعاف، وإنشاء مستوطنتين جديدتين في الجولان المحتل، كما تتضمن توفير عشرات الآلاف من فرص العمل، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية المتعلقة بالمواصلات والسياحة، وربط الجولان بشبكة المواصلات.

ومن نافلة القول أن هدف الاستيطان في هضبة الجولان لا ينحصر فقط في نهب مياهه الوفيرة، بل تعداه خلال العقدين الأخيرين إلى التنقيب عن البترول في منطقة وسط وجنوب الجولان، ويعد هذا خرقًا واضحًا للقانون الدولي. ونظرًا لسرعة الرياح في هذه المنطقة المرتفعة، أقيمت عشر طواحين هواء إسرائيلية لإنتاج الطاقة الكهربائية التي بمقدورها سد الحاجة البيتية لخمسة عشر ألف شخص، وأخيرًا مُنح ترخيص لشركة "جيني إنرجي" الأميركية -الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في باطن أرض الجولان. واللافت أن خطوات تهويد هضبة الجولان المحتلة وتنشيط الاستيطان الإسرائيلي فيها ونهب خيراتها، قد تسارعت بشكل ملحوظ ومتواتر خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من وجود قرارات دولية تعتبر هضبة الجولان أراضي سورية محتلة. وقد شهد عام 1981؛ ويصل عدد السكان العرب أصحاب الأرض في الجولان إلى 21 ألف عربي سوري رفض أكثر من 90 في المائة من سكان مرتفعات الجولان المحتلة الجنسية الإسرائيلية. ولهذا، أصبح أغلب السكان يحملون وثيقة سفر تُعرّف جنسيتهم بأنها "غير محددة"، أي أنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين أو سوريين، إلا أنهم في الحقيقة عرب سوريون.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نبيل السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
تحميل المزيد