قد تعتبر الانتخابات الأمريكية القادمة هي أكثر انتخابات يترقبها الشعب الأمريكي، فهي تأتي في أكثر الأوقات انقسامًا في المجتمع الأمريكي، حيث اختفى الوسط وأصبح الشعب الأمريكي بين اليمين واليسار.
بايدن الذي يمثل (داخليًا) وجه أمريكا المتقبل لكل الأطياف والمجتمعات الأمريكية كمجتمع الأفارقة الأمريكيين والمجتمع اللاتيني ومجتمع الأمريكيين من أصل آسيوي وكذلك باقي الأقليات، أما في الجهة المقابلة نرى دونالد ترامب الذي يمثل وجهة نظر الرجل الأمريكي الأبيض المسيحي المحافظ الذي يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية مختطفة وفي هاوية الانحدار على حد قوله بسبب هجوم المهاجرين وضياع المجتمع الأمريكي الأصيل وهذا ما نستخلصه من شعار حملته (make America great again) (اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) وهو شعار انتخابي لا يعتبر جديدًا على المجتمع الأمريكي فقد ظهر الشعار لأول مرة أثناء حملة الرئيس السابق رونالد ريغان في عام 1980م وذلك بسبب الركود والتدهور الاقتصادي الذي عانت منه الولايات المتحدة الأمريكية قبلها بعام في 1979م واستخدمها كذلك الرئيس السابق بيل كلينتون.
لكن المختلف في استخدام دونالد ترامب لهذا الشعار هو أن الشعار سابقًا كان مرتبطًا بركود اقتصادي أو كان بسبب أزمات داخلية أو خارجية، لكن حملة ترامب استغلت هذا الشعار لتثير المجتمع الأبيض الأمريكي الذي قد يطلق على بعض أعضائه بالعنصريين قليلاً خاصة مع الفئات الأخرى في المجتمع الأمريكي، نشير أيضًا أن ترامب استغل هذا الشعار تجارياً وقام ببيع منتجات تحمل شعار (make America great again)!
ترامب في نظر الكثيرين بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016م هدم القيم الديمقراطية التي بنيت عليها الولايات المتحدة الأمريكية منذ استقلالها في الرابع من يوليو 1776م وخلق عداوات للولايات المتحدة الأمريكية مع دول صديقة وحليفة بالإضافة إلى قيام مناصريه في يوم 6 يناير 2021م باقتحام مبنى الكابيتول وذلك بسبب عدم اعترافه هو أولاً بهزيمته بانتخابات 2020م أمام بايدن، ومناصريه ثانيًا الذين قاموا باقتحام الكابيتول مقر السلطة التشريعية الاتحادية في أمريكا وهو ما عطل الجلسة المشتركة في الكونغرس التي عقدت لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن الانتخابي.
جو بايدن وبعد فوزه في الانتخابات وإلى وقتنا الحالي ونحن في منتصف عام 2024م وقبل 3 شهور من الانتخابات الرئاسية القادمة في يوم الثلاثاء في الخامس من نوفمبر 2024م، لم يكن الرئيس الذي يتمناه الأمريكيون بعد فترة ترامب فهو يعاني من تدهور المستوى البدني والعقلي وبدأ البعض من غير الجمهوريين وهو الحزب المضاد لحزب الديمقراطيين المنتمي له بايدن يشككون بقدرة بايدن على قيادة أقوى دولة في العالم!
جو بايدن يتلعثم في الخطابات، وينسى أسماء الشخصيات، ويفقد تركيزه في الكثير من الأحيان ولا يرتبط في المكان والزمان! يتعثر في صعوده للطائرة ونزوله منها! بايدن في المناظرة الرئاسية التي كانت بينه وبين ترامب قبل أسابيع لم يكن على قدر المناظرة وترامب اكتسب العديد من النقاط عليه وهذا ما جعل بعض الكبار في الحزب الديمقراطي المنتمي له بايدن يشككون في قدرته على مواجهة ترامب في السباق الرئاسي، وقد وصل الحال في البعض أن يطالبه بالانسحاب من السباق وترشيح شخصية أخرى لمواجهة ترامب!
جو بايدن قاد عملية فاشلة وهي عملية انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان حيث انتقده الكثيرون بسبب اختيار تاريخ الانسحاب وهو في الحادي عشر من سبتمبر والذي يمثل تاريخًا حزينًا للأمريكيين حيث يصادف سقوط برجي التجارة العالمي بالإضافة إلى مقتل 13 جندي أمريكي أثناء عملية الانسحاب.
ويرى الكثيرون من الأمريكيين أن بايدن فشل في مواجهة حرب روسيا/أوكرانيا، ويرى البعض أن موقف بايدن مخزٍ تجاه جرائم إسرائيل بحق غزة خاصة بين صفوف الطلبة الجامعيين الأمريكيين ويرى البعض أن بايدن فشل أو لم يفعل الكثير في ملفات داخلية حساسة كالتأمين الصحي والقروض الطلابية وأزمة المهاجرين والضرائب وحماية الأقليات، بايدن لديه إنجازات لكنها لم تكن على المستوى المتوقع من رئيس يأتي بعد ولاية ترامب الضبابية!
الكثيرون ينتظرون نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في نوفمبر 2024م من مواطني الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأكمله فهذه الانتخابات يعتبرها بعض الأمريكيين آخر انتخابات حقيقية والبعض الآخر يعتبرها وذلك في حال فوز ترامب أنها ستكون بداية، لا نقول بداية حرب، بل نقول بداية مناوشات أهلية بين مختلف المجتمعات في أمريكا والأمريكيون ينتظرون رئيسًا يواجه تفوق الصين الذي يعتبر أسوأ الكوابيس الأمريكية!
أما المجتمع الدولي فإنه ينتظر إما رئيس لا يقوم بالكثير كبايدن أو رئيس كترامب يتعامل مع المواضيع الدولية كصفقات تجارية خاصة والعالم يعيش في ظل الكثير من الأزمات الدولية مثل حرب إسرائيل على غزة، والأزمة الروسية/الأوكرانية والملف النووي الإيراني.
في حين أن المجتمع الإسلامي والعربي لا ينتظر شيئًا من هذه الانتخابات فمهما كان اسم الرئيس الذي يجلس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض سوف تظل القضية الفلسطينية معلقة وقطار التطبيع لن يتوقف وسوف نظل في نظر كل رئاسة جديدة مجتمعات دول العالم الثالث هذا المصطلح العنصري غير الواقعي!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.