لقد اتسعت دائرة السقوط في براثن الموت، لتمتد من القصف إلى المرض إلى الموت جوعًا في قطاع غزة.
"واقع مرعب" يربض على أنفاس سكان القطاع منذ ما يقارب 10 شهور بلا ماء وكهرباء وأي وسيلة أخرى للحياة. تقول الناس: "لقد عدنا للعصور الحجرية، بدلاً من الحليب نعطي الأطفال الماء والسكر."
إضافة إلى انتشار أمراض عديدة بين الأطفال، مثل التهاب الكبد الوبائي والأمراض الصدرية والمعوية وغيرها، بسبب نقص المناعة في ظل "سوء تغذية غير مسبوق."
وسط ضجيج انفجارات الحرب الإسرائيلية المستمرة لأكثر من 10 شهور، يتسلل الجوع لينهش أجساد الفلسطينيين في كافة أنحاء القطاع، خاصة في محافظتي غزة والشمال.
غالبية سكان القطاع فقدوا عددًا من الكيلوجرامات من أوزان أجسادهم جراء تفشي الجوع ونقص الأغذية السليمة والنظيفة.
تجد الناس هناك يشقون طرق الموت والمعارك بأجسادهم الهزيلة وعيونهم الغائرة، بحثًا عن سبل لتوفير طعام يعينهم على البقاء أحياء.
ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي، تَمنَعُ إسرائيل دخول المساعدات الإغاثية.
اضطر الفلسطينيون لاستعمال النباتات البرية وأعلاف الحيوانات كطعام لهم.
في حين أن الآلاف منهم يقضون أيامًا دون أن يتناولوا لقمة واحدة من الطعام بسبب انعدام توفرها.
من جهة أخرى، تلجأ الكلاب وغيرها من الحيوانات التي أصابها الجوع أيضًا إلى نهش جثث القتلى الملقاة على الطرقات لعدم القدرة على دفنها نظرًا لكثافة القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر.
وفي محاولة لسد رمق بعض العائلات، يفتتح مواطنون بمبادرات تطوعية تكايا خيرية لتوزيع الطعام الساخن على النازحين والجائعين.
نقص الطعام أصاب هؤلاء السكان، خاصة الأطفال منهم، بأعراض سوء التغذية وأبرزها ضعف المناعة، التي تساهم بشكل كبير في انتشار وتفشي الأمراض المعدية.
في رحلتهم للحصول على الأغذية، يتعرض الفلسطينيون للموت بالرصاص والقذائف من قبل آلة الحرب الإسرائيلية.
منذ بداية الحرب، عمد الجيش الإسرائيلي لاستهداف مخابز قطاع غزة التي اصطف الفلسطينيون على أبوابها في طوابير للحصول على بضعة أرغفة لإطعام عائلاتهم.
ومع طول أمد الحرب وتدهور الأوضاع واشتداد الجوع على الغزيين، وبالتزامن مع السماح لعدد شحيح من شاحنات المساعدات الإغاثية للوصول إلى القطاع خاصة محافظتي غزة والشمال، بدأ الجيش باستهداف تجمعات المواطنين الذين يأملون بالحصول على كميات قليلة من الطعام للبقاء أحياء.
وفي ظل هذا الوضع المزري، في ظل استمرار القصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين من نساء وأطفال، لا نرى إلا الصمت الدولي على هذه حرب الإبادة.
لا نعرف متى يتوقف عداد الموت هذا، وهل يوجد حد لهذا النزيف الدموي بينما يستلقي العالم على أسرَّته؟.
لا زالت غزة تستنجد بالإنسانية والضمائر الحية إن وجدت، فيما ترجو أن تلتفت إليها أعين الرحمة قبل أن تغرق كلها في بحر من الدماء والدمار ولا يبقى فيها بشر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.