أمام جيش الاحتلال الذي يمتلك أحدث ترسانة الأسلحة والتكنولوجيا ووسائل التدمير، والدعم الأمريكي والغربي غير المحدود، ربما تعجز عن مواجهته دول مجتمعة في المنطقة، يقف أمامه مقاومون بقلبٍ حُر، نبيل وشديد الفداء، متحررون من شهوة الاسم والمنصب، أداروا ظهورهم للدنيا من أجل حرية شعبهم.
لا أسطرةً؛ لكن رغم مرور 9 أشهر، وفي ظل موارد محدودة وحصار خانق، لا تزال فصائل المقاومة، بقيادة كتائب القسام، تبدي صمودًا استثنائيًا في قطاع غزة. تدار المواجهات بدقة عالية وشجاعة لافتة، وتفانٍ في التنفيذ الميداني يعكس عمق التزام المقاومين بقضيتهم. تجلّت هذه المقاومة في عمليات متعددة، بعضها استثنائي في طبيعته، حيث استهدفت الفصائل الجنود والآليات العسكرية لجيش الاحتلال في محاور قتالية رئيسية بالقرب من الشجاعية ومدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة.
في أحد المشاهد يأتي مقاوم، وهو يبعث رسالة إلى رئيس وزراء الاحتلال، قال فيها: "والذي رفع السماء بلا عمد.. سنزلزل الكيان الصهيوني على رأسك يا نتنياهو"، مضيفاً: "رسالة من المجاهدين في قلب الميدان.. لكل من فقد أخًا عزيزًا له سنأخذ بثأره بإذن الله".
وكانت أولى العمليات التي وثقها المقطع تفجير دبابة ميركافا من مسافة صفر بعبوة العمل الفدائي، حيث وضعها اثنان من مقاتلي القسام على جسم الدبابة، ثم ابتعدا سريعًا قبل تفجيرها. وأظهر المقطع بصورة واضحة عملية تفجير الدبابة، في حين علت تكبيرات مقاتلي كتائب القسام خلال توثيق المشهد، كما تضمن المقطع مشهد استهداف دبابتين أخريين بقذيفة الياسين 105، وإطلاق قذائف مدافع الهاون من محاور متعددة وأماكن مختلفة.
لقد دأبت كتائب القسام في غزة على توثيق عملياتها ضد جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال، منذ بدء العملية البرية التي قام بها جيش الاحتلال يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وظهرت خلال المقاطع المصورة تفاصيل كثيرة عن العمليات التي نفذت ضد قوات الاحتلال، ومنها أيضًا، مشاهد رصد القناص القسامي جنديًا من جيش الاحتلال وهو يُخرج رأسه من برجه ويراقب جرافة تعمل إلى جانبه، بينما يصوب القناص القسامي بندقيته "الغول" تجاه الهدف وهي مثبتة على برميل كتب على جانبه عبارة: "وسنبقى على جبل الرماة وخلفنا صوت النبي يردد لا تبرحوا لا تبرحوا"، وأظهرت المشاهد سقوط الجندي بعد إصابته إصابة مباشرة برصاص القناص.
وهذه المشاهد ليست مشاهد دعائية ولا كلاماً لرفع الروح المعنوية، ففي هذه الحرب، يتألم الاحتلال أيضًا ويتكبد الخسائر على يد مقاومين، ذوي قلبٍ صادقِ العزم نبيلِ المقصد سماويِّ البصيرة.
في ميدان القتال الذي يمتزج فيه الألم بالشجاعة، يقف المقاومون يثخنون الاحتلال بالنار، فمنذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، أعلن جيش الاحتلال عن إصابة 4021 جنديًا، من بينهم 598 إصابة خطيرة، لتكون هذه الأرقام شاهداً على جسارة المقاومين وعزمهم الذي لا ينكسر.
وبحسب ما كشفته القناة ال12 أن زيارة هاليفي لرفح جاءت على خلفية تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حيث نقلت عن مسؤولين وصفتهم بالرفيعين أن كبار جنرالات الاحتلال يريدون بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة حتى لو أدى ذلك إلى إبقاء حركة حماس في السلطة في الوقت الحالي.
لم يحقق الاحتلال أيًا من أهدافه المعلنة في حروبه السابقة على قطاع غزة، وفي العدوان الحالي أيضاً، إذ ما زال يتخبط دون تحقيق أهدافه المعلنة، فما استطاع تحقيقه هو الدمار المروع والمجازر البشعة التي خلفها في أوساط الأبرياء من الفلسطينيين، في حين يتكرس فشله في ميدان القتال.
فما صرح به اللواء إسحاق بريك، المفوض السابق لشكاوى الجنود في جيش الاحتلال، ينفى صحة ادعاءات جيش الاحتلال بقتل المئات من المقاتلين في كل معركة، واتهم جيش الاحتلال بالكذب وقال: إن القول إننا نقتل العشرات أو المئات من المقاتلين في كل معركة هي كذبة كاملة، ولا يوجد قتال وجهًا لوجه مع مقاتلي حركة حماس. وقد قال بلسانه أيضًا، أن جيش الاحتلال يدمر الأبنية لكنه لا يصيب المقاومين، بل يقع ضحية العبوات والفخاخ والصواريخ المضادة للدبابات.
وقد حذر قادة الفرق العسكرية الإسرائيلية الأربع بغزة، اليوم، الأربعاء 3 يوليو/تموز 2024، من أن الإرهاق بدأ يظهر على الجنود مع استمرار الحرب منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
إن البيانات تعكس فشل الاحتلال الذريع أمام الإرادة الصلبة والمقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني، التي تصدت له بكل بسالة في قطاع غزة، على الرغم من حرب الإبادة والاستهداف الممنهج للنساء والأطفال والجرائم التي تستهدف الحياة بكل أشكالها. ورغم كل تلك الآلام، ما زالت المقاومة ترد وتعطي دروسًا قاسية إلى جيش الاحتلال الهمجي وحكومته الفاشية، موجهة ضربات قاصمة لفكرة المشروع الصهيوني بأسره.
يا أيها المقاومون، أبناء شعبنا الأبي، أنتم الساهرون على جمر الحرية، تمدون أياديكم الكريمة بالعطف والمواساة لتخففوا من وطأة الدم والدمار. بينما تعضون على جراحكم دون أن تشكو، لنواصل جميعًا السير خلفكم في هذه الطريق نحو العدالة والحرية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.