مع تزايد وحشية الهجوم على غزة وتعقيد الوضع الحربي، بات من الواضح أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية الحالية تسعى بسرعة لتنفيذ أجندتها السياسية الاستعمارية اليمينية لابتلاع الضفة الغربية وفقاً لرؤية اليمين المتطرف لـ "دولة يهودا"، مما يعني ضم باقي الأراضي الفلسطينية.
من أبرز الأهداف الاستراتيجية لهذه الخطة، إعلان السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين منها بشكل ممنهج، بالإضافة إلى إغراق الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين، وتفكيك السلطة الفلسطينية، وفرض القانون الإسرائيلي على كل مناطق الضفة الغربية، ومضاعفة الاستيطان ثلاث مرات، وشطب نموذج الدولة الفلسطينية من الوعي والأرض.
خلال الأسبوع الماضي، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" صادق على خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والتي تشمل "شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية ونشر عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات"، وفقاً لبيان صادر عن مكتب سموتريتش.
هذا القرار دفع الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، للتصريح بأن قرار الحكومة الإسرائيلية بشرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية بعد "إعلان ضم وتهويد"، واعتبره "أخطر ما يواجه الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948".
تسعى خطة الاحتلال الإسرائيلي إلى تحويل منطقة غرب نهر الأردن إلى منطقة قومية يهودية خالصة. بموجب هذه الخطة، سيعيش غير اليهود فيها كأفراد وليس كجماعة قومية مستقلة، مما يعني إجبارهم على التنازل عن حقوقهم القومية والاكتفاء بالحقوق الفردية. ومن يرفض هذه الشروط سيواجه إما التهجير أو الحسم العسكري.
يعترف بتسلئيل سموتريتش في خطته بأن الاحتلال يهدف إلى هزيمة الوعي والحلم والأمل لدى الفلسطينيين، وذلك من خلال فرض واقع جديد بالقوة، وفرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين، مما يجبرهم على قبول أحد الخيارين: إما الرضوخ للحل النهائي الذي تفرضه "إسرائيل" أو مواجهة الطرد والتهجير بناءً على رؤية الاحتلال.
من خلال رؤية اليمين المتطرف، تعمل "إسرائيل" على توطيد "هلاوسها" ببناء كيانها على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية، واستبدال سكانها الأصليين بمستوطنين يهود لتنفيذ مخطط الأبارتهايد. هذا التحرك ينبع من إدراك "إسرائيل" أن الخطر الديموغرافي للفلسطينيين يشكل هاجساً كبيراً لها، مما دفعها إلى اتباع سياسة العزل أو التهجير لمواجهة هذا الخطر.
تكشف رؤية المتطرفين الإسرائيليين مدى عنصرية ووحشية الفاشية الإسرائيلية ومشاريعها أمام العالم دون خجل، إذ تصر على استمرار قتل الفلسطينيين وتهجيرهم دون أي اعتبار لردود فعل العالم تجاه تنفيذ خططها. فببساطة بينما يتم إبادة الفلسطينيين دون أي خيارات في غزة، يضع الاحتلال، الفلسطينيين أمام ثلاثة خيارات: إما أن يعيشوا في دولة يهودية مضطهدين، أو أن يدفعهم ليهاجروا خارج فلسطين، أو أن يواجهوا الموت بالقتل.
المقاومة هي الحل
إن الإجراءات والسياسات التي يتبناها بتسلئيل سموتريتش و الائتلاف اليميني المتطرف في إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني لا تنبع من الغرور السياسي فحسب، بل تمثل تصميمًا واضحًا ومؤشرًا على بدء تنفيذ هذه السياسات الفاشية. في مواجهة ذلك، لا يبقى أمام الفلسطينيين سوى خيار المقاومة بكافة الوسائل الممكنة، بهدف إفشال هذا المخطط الرامي إلى تركيعهم وإخماد طموحاتهم نحو التحرير والاستقلال.
بالإضافة لذلك، يصبح من الضروري عربيًا وضع خطة عاجلة وفعالة للتصدي بقوة لهذه الفاشية التي تهدف إلى فرض حل يخضع الشعب الفلسطيني ويجعله يعاني القتل والقهر من أجل استمرار المشروع الصهيوني. فهذا الوضع لا يهدد فلسطين فحسب، بل الأمن القومي لبعض الدول العربية، خاصة إذا استمر تنفيذ هذه الخطة.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، بات ضرورة المقاومة بقوة ضد مخططات سموتريتش، إيتمار بن غفير، وداعميهم من الائتلاف الإسرائيلي المتطرف، بدلاً من الاستمرار في الرهان على مسار التسوية في ظل استمرار الجرائم ضد الفلسطينيين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.