هل يمكن أن تتحول حرب غزة إلى حرب عالمية؟!

عربي بوست
تم النشر: 2024/06/30 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/06/30 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
عناصر من حزب الله اللبناني/رويترز

طوفان من الأخبار والتوقعات والتحليلات التي قد تتلاقى أو تختلف تغمر العالم بشأن ما ينتظر منطقة الشرق الأوسط وربما العالم كله من تطورات وإسقاطات، وذلك جراء ما يحدث في غزة التي تقترب من دخول شهرها العاشر، بالتوزاي مع جبهات أخرى مشتعلة.

ما يدفع هذه التحليلات والتكهنات لتوقع حرب عالمية ثالثة، كون حرب غزة تتحول مع مرور الأيام إلى صراع بين معسكرين شرقي وغربي، ويلتقي جزء من حلقاتها مع حلقات مواجهات مسلحة وسياسية تدور في مناطق مختلفة قي العالم.

يقدر غالبية الخبراء والمحللين العسكريين أنه بعد تسعة أشهر من عملية طوفان الأقصى والهجوم الإسرائيلي الجوي والبحري والبري الذي حشدت له تل أبيب أكثر من 320 ألفاً من قواتها لم تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها الأساسي؛ أي تدمير حماس والإفراج عن عشرات الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس وبقية فصائل المقاومة التي تخوض المواجهة معها في قطاع غزة. ومع اقتراب الشهر السادس من سنة 2024 من نهايته تروج الحكومة الإسرائيلية القول إنها نجحت في هزيمة حماس، وبالتالي ستكون قادرة على شن عملية عسكرية كبرى ضد لبنان سواء لإبعاد قوات حزب الله عن منطقة الحدود الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني أو إلحاق ضرر كبير بكل لبنان وإعادته، كما يقول بعض ساستها إلى العصر الحجري والتخلص نهائياً من كل تهديد يأتيها من الشمال.

 مرة أخرى يقدر غالبية الخبراء بأن الحرب الإسرائيلية الواسعة ضد حزب الله أخطر على الاحتلال مرات عديدة من الحرب على غزة بسبب ضخامة ترسانة حزب الله من الصواريخ الدقيقة والتي تذهب بعض مصادر إلى تقديرها بما يفوق 150 ألف صاروخ، وكذلك حجم قواته التي تصل إلى 100 الف مسلح، أي أكثر من ضعف الوحدات الفلسطينية في قطاع غزة. ويضيف هؤلاء أن ترسانة حزب الله توفر له القدرة على الوصول إلى أي منطقة تحت سيطرة تل أبيب من الشمال المحاذي للبنان حتى الحدود المصرية في سيناء. ويقول أعضاء متقاعدون من المخابرات الأمريكية إن روسيا تزود حزب الله تباعاً وبوتيرة متصاعدة بمعدات عسكرية ومعلومات بعضها بالأقمار الصناعية، وذلك في رد على الدعم الغربي الإسرائيلي المتصاعد لحكومة كييف. وكان الرئيس الروسي بوتين قد أكد خلال شهري مايو ويونيو أن موسكو ستمد بالأسلحة كل من يواجهون تهديدات غربية. 

الإصرار الظاهر من جانب ساسة تل أبيب على شن حرب واسعة ضد لبنان يواجه مواقف متباينة في واشنطن التي يعترف الجميع أنه لولا دعمها بالسلاح والمال والدعم اللوجستي والاستخباري لما تمكنت إسرائيل من مواصلة الحرب على غزة. 

إذ إن هناك داخل دوائر صنع القرار بالعاصمة الأمريكية اتجاهين؛ واحداً لا يرغب في توسيع الحرب الدائرة حالياً، لأن ذلك يحمل في طياته خطر فشل إسرائيل في كسب الحرب على لبنان دون تكبد خسائر قاتلة، وكذلك خطر توسع الحرب، إذ يضيف هؤلاء أنه إذا تورطت طهران في الحرب فإنه سيكون لزاماً على الولايات المتحدة التدخل عسكرياً، وعلى نطاق واسع لدعم إسرائيل وفي هذه الحالة يرقد خطر الانتقال من حرب إقليمية محدودة أو موسعة إلى مواجهة عالمية؛ لأنه وحسب تقديرات لعدد من أجهزة المخابرات والمؤسسات العسكرية في الغرب، لن تسمح موسكو لتل أبيب وواشنطن بإلحاق هزيمة عسكرية بإيران، وبالتالي إسقاط حكومتها واستبدالها بنظام متحالف مع الغرب والنجاح في إعادة جزء من طوق الحصار على الجناح الجنوبي الغربي لروسيا. 

 ويدعم أنصار هذا التقدير وقف حرب غزة وتجميد المواجهة من لبنان والبحث عن تسوية تسمح بإعادة نحو 120 ألف مستوطن إلى مناطق إقامتهم في مناطق الجليل والجولان وعقد صفقة ما عبر طرف ثالث أو مباشرة مع طهران وتجنب مواجهة عسكرية إقليمية.

 التوجه الثاني في البيت الأبيض وهو الذي يحظى بدعم من يوصفون بالمحافظين الجدد يقدر أنه على إسرائيل وبدعم عسكري أمريكي كامل تصفية حزب الله ومنعه بفضل التفوق الجوي العسكري الأمريكي، خاصة بواسطة القواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ومجموعتي القتال البحرية الجوية للقوات الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، من إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل، خاصة على مستوى المدن والمستوطنات، وأنه في حالة تدخل طهران عسكرياً، وهو ما يراه داعمو هذا التوجه غير مرجح، فستكون هناك فرصة لإلحاق ضرر كبير عسكرياً واقتصادياً بإيران، والتخلص من إمكانية حصولها على السلاح النووي. (هناك أوساط غربية تذهب إلى القول إن طهران تمكنت فعلاً من صنع قنبلة نووية) في نفس الوقت، وحسب المحافظين الجدد، فإن موسكو التي لا تزال لم تحسم المعركة في وسط شرق أوروبا مع أوكرانيا المدعومة عسكرية ومادياً بشكل غير مسبوق من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبقية أعضاء حلف الناتو، لن تكون قادرة على التدخل بكثافة لدعم طهران ومنع تكبدها هزيمة كبيرة، وسيترتب على كل ذلك وحسب المحافظين الجدد إعادة رسم خريطة التوازنات في كل منطقة الشرق الأوسط الكبير وإعطاء درس لكل الأطراف التي تجرب أو تفكر في التمرد أو مجرد معارضة التوجيهات الغربية، وبناء على ذلك ستستعيد واشنطن ومعها حلفاء الناتو نفوذهم في المنطقة المركز في العالم، وتوجيه ضربة للصين وروسيا في نفس الوقت، وحرمان بكين من تدفق سلس للنفط من الخليج العربي وسحب الثقة منها بالنسبة لدول المنطقة ودق مسمار في تابوت المشروع الصيني طريق الحرير الجديد، ويعرف المشروع رسمياً باسم "الحزام والطريق"، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مئات مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية. ربح المحافطين الجدد لرهانهم سيكبد الكرملين -حسب تقديراتهم- خسارة واسعة في الشرق الأوسط قد تمتد آثارها إلى أفريقيا ومناطق أخرى يتنافس فيها مع الغرب.

رغم كل تلك التحليلات المنطقية والمعطيات الكثيرة، لا يمكن أن جزم بمعاد الحرب أو مداها، إذ تشكل المعطيات الناقصة أو غير المكتملة أحد محاور الفصل والحسم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر نجيب
كاتب ومحلل سياسي مغربي
تحميل المزيد