القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد التي تسعى للحد من آثار النزاعات المسلحة وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية مثل المدنيين والجرحى وأسرى الحرب. من أبرز اتفاقيات هذا القانون اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية في سياق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويعد تطبيق القانون الدولي الإنساني موضوعاً معقداً وحساساً بسبب النزاع المستمر بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، فتطبيق القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو موضوع معقد وحساس يتداخل مع العديد من القضايا السياسية والقانونية والإنسانية. يمكن النظر إلى تطبيق هذا القانون من خلال عدة نقاط رئيسية:
الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة: تعتبر الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة مناطق محتلة بموجب القانون الدولي، احتلت إسرائيل هذه الأراضي بعد حرب عام 1967، ومنذ ذلك الحين تواجه انتقادات دولية واسعة بشأن كيفية تعاملها مع السكان الفلسطينيين والإجراءات التي تتخذها على الأرض.
اتفاقية جنيف الرابعة
تنص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية على حماية المدنيين في أوقات الحرب وفي الأراضي المحتلة، وتفرض على القوة المحتلة واجبات معينة، مثل ضمان سلامة السكان المدنيين وتوفير الحماية والرعاية الطبية لهم. تُعَدُّ هذه الاتفاقيات الأساس القانوني الذي ينطبق على النزاعات المسلحة، بما في ذلك الاحتلال، حيث تلزم الاتفاقيات الاحتلال بحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وضمان حقوق الأسرى، في هذا الإطار، رغم ذلك، يضرب الاحتلال الإسرائيلي كل تلك الاتفاقيات والقوانين الدولية عرض الحائط، إذ لا يلتزم بأدنى معاييرها، بل يتحداها ويتجاوزها بشكل فج، وتبرز العديد من القضايا الرئيسية على هذه التجاوزات التي تجعل من القانون دولي حبراً على ورق:
الاستيطان : يستمر الاحتلال الإسرائيلي في بناء المستوطنات الإسرائيلية، رغم أن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غير قانوني بموجب القانون الدولي، إذ تعتبر الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة احتلالاً عسكرياً وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة، لكن الاحتلال الذي يروج لنفسه ككيان متحضر في النظام العالمي لا يأبه بأي قوانين الدولية.
الحصار والقيود على الحركة: تفرض إسرائيل قيوداً صارمة على حركة الأفراد والبضائع داخل وخارج قطاع غزة؛ مما يؤثر سلباً على الحياة اليومية للسكان هناك.
الهجمات على المدنيين: منذ احتلال غزة لم يتوانَ الاحتلال في شن حروب متكررة والمدمرة التي في غزة يستهدف فيها المدنيين والبنية التحتية في القطاع لتضييق على الفلسطينيين.
ينص البروتوكول الإضافي الأول على ضرورة حماية للأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة الدولية، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في الأراضي المحتلة.
قرارات الأمم المتحدة: وقد أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات التي تدعو إسرائيل للامتثال للقانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. القانون الدولي الإنساني يشمل مجموعة من القواعد التي تهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية (مثل المدنيين) والذين توقفوا عن المشاركة فيها (مثل الجرحى وأسرى الحرب). يشمل هذا القانون اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، رغم ذلك ترفض الحكومات التي تتحمل مسؤولية ولديها من القوة والنفوذ ما يتيح لها التحرك بشكل ما واتخاذ أي إجراءات مجدية لمعاقبة الاحتلال أو حتى محاسبته.
التحديات في تطبيق القانون الدولي الإنساني
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات إجرامية في قطاع غزة، تتسم بطابع إبادة ومجازر مستمرة. ورغم مرور نحو تسعة أشهر، لا يزال النظام الدولي والمؤسسات الدولية عاجزة عن إيقاف هذه الإبادة في غزة. لم يجتمع الفاعلون الدوليون والداعمون للنظام العالمي القائم بقوانينه لفرض عقوبات فعالة قادرة على وقف هذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يستهدف الأبرياء في غزة.
يتسارع الموت كل ساعة، ويخطف حياة آلاف الأطفال والنساء، بينما يظهر عجز العالم ومؤسساته عن إنفاذ القانون واتخاذ إجراءات فعّالة لمنع هذه الجرائم الجماعية. يبرز هذا التقاعس فشل الأمم المتحدة في تحقيق أهدافها، مثل "منع الحروب وتهديدات السلام" وإعادة إرساء "السلام" المأمول، مما يكشف عن هشاشة النظام العالمي الحالي ومؤسساته. بينما يزداد إيمان الناس بعدم جدوى المؤسسات الدولية والأنظمة التي تدعي أنها تدير العالم بشكل أفضل منذ قرون. يشهد الجميع اليوم عجزاً كاملاً للأمم المتحدة عن فرض إجراءات حازمة لوقف العنف وحماية حياة آلاف الأبرياء في غزة.
إن الحفاظ على سيادة القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمثل تحدياً بالغ الأهمية يستوجب تضافر الجهود الدولية المستمرة لحماية حقوق السكان المدنيين وتوفير المساعدات الضرورية لهم. يعتمد تحقيق السلام والعدالة في المنطقة بشكل كبير على التزام جميع الأطراف المعنية باحترام وتطبيق القوانين الدولية. يعكس عدم التزام إسرائيل بهذه القوانين تحدياً جسيماً ليس فقط للفلسطينيين بل للنظام الدولي بأسره، حيث يُظهر احتلالها كأحد أبرز العوائق التي تعيق فعالية هذا النظام وتعرضه للخطر. إن استمرار هذا الوضع لا يؤدي فقط إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، بل يمثل أيضاً خطراً ينذر بالانحدار نحو الفوضى العالمية، إذ ظل الاحتلال الإسرائيلي واحداً من الاستثناءات في النظام الدولي التي تنخر قواعد النظام الدولي القائم وتفككه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.