في الوقت الذي تتواصل فيه حملة الدمار والإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث يمارس الاحتلال غطرسته وفاشيته، ترتكب قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه جرائم مماثلة في الضفة الغربية. بالتوزاي مع الأعمال التي تصاحب الفظائع البربرية في غزة، يمارس الاحتلال أفعالاً لا تقل بشاعة في الضفة الغربية من اقتحامات للمنازل دون أي مبرر قانوني، واعتقالات إدارية، مصادرة أراضٍ، الاعتداء على الممتلكات، التهجير القسري، والقتل العشوائي للمئات بما في ذلك الشباب والأطفال.
إذ تقوم حكومة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو والتي تضم في صفوفها أشد المتطرفين، باتخاذ سلسلة من القرارات والمواقف الهادفة إلى زيادة الضغوط والقيود على الفلسطينيين في الضفة. تشمل هذه القرارات الهدم، القتل والاعتقال الذي يؤدي بدوره إلى الترحيل القسري للسكان الفلسطينيين.
إذ تنطلق حكومة الاحتلال بشكل عنيف للاستيلاء على الأراضي كما فعلت مع الأراضي الفلسطينية التاريخية في عام 1948. إذ تعهدت حكومة اليمين للمستوطنين بضم الضفة الغربية، فبدأت حملة غير مسبوقة للتوسع الاستيطاني، مستغلة الصراع الدائر في قطاع غزة. وقد أتاحت للمستوطنين حرية ارتكاب الجرائم والتوسع الاستيطاني، بعد أن أقدم وزير الأمن الداخلي بن غفير على تسليحهم، مما حولهم إلى ميليشيات مسلحة.
فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومع بداية شن العدوان على غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 547 فلسطينياً وإصابة حوالي 5200 في الضفة الغربية، بالإضافة إلى اعتقال نحو 9185 فلسطينياً. تشهد الضفة الغربية بشكل منتظم مداهمات وعمليات عسكرية عنيفة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي غالبا ما تنتهي بمزيد من الضحايا الفلسطينيين. في أحدث هذه العمليات منذ ساعات، استشهد طفل فلسطيني في بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية، حيث أصيب أيضاً رجلان.
تعتبر عمليات الاقتحام اليومية للمخيمات والمدن والبلدات الفلسطينية جزءاً أساسياً من السياسات العقابية التي تهدف إلى تضييق الخناق وتدمير مقومات الحياة. هذه الاقتحامات العسكرية تهدف لشل حياة الفلسطينيين اليومية، وتشمل اعتقال أحد أفراد الأسرة أو أكثر، مسح وتوثيق المباني وهوية سكانها، السيطرة على المنازل لأغراض التجسس والمراقبة، إضافة إلى استخدامها كمواقع لإطلاق النار وكمخابئ. وقد أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الثلاثاء 4 يونيو/حزيران 2024، العزم على إنشاء "قوات تدخل سريع" من المستوطنين، تهدف لمهاجمة قرى الضفة.
هذا العنف بجانب استمرار السياسات الاستعمارية للاحتلال وحكومته من خلال مواصلتهم خنق اقتصاد الضفة الغربية، حيث أوقفت الحكومة الإسرائيلية تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الضرائب التي تجمعها السلطة لصالحها. وهدد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية في يوليو/تموز القادم، رداً على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين في تجلٍّ واضح لاستمرار ممارسة كل طرق الإبادة الاستعمارية بحق الفلسطينيين، بالإضافة لذلك قرر سموتريتش اقتطاع مبلغ قدره 35 مليون دولار من الضرائب التي جُمعت لصالح السلطة الفلسطينية، وتوجيهه إلى عائلات إسرائيلية.
ليس بجديد ما يحدث من عنف وممارسات استعمارية وهمجية من قبل الاحتلال؛ فمنذ احتلال فلسطين، لم تتوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، وذلك في ظل تجاهل عالمي مستمر. اليوم، بينما تشهد غزة حرب إبادة مروعة، يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية لإبادة أقل صخباً، لكنها لا تقل قسوة. هذا التصاعد المستمر في العنف قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق، مما قد يعقّد الحرب أكثر ويؤثر عليها بشكل عام وينعكس على الساحة الإقليمية بأكملها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.