الحجُّ أحد أركان الإسلام الخمسة، فُرض في العام العاشر للهجرة النبوية، وإن الَّلائق بهديه صلى الله عليه وسلم هو عدم تأخير ما هو فرض، لأنَّ الله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]. لم يحجَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من المدينة غير حجَّته الَّتي كانت في العام العاشر، وعرفت هذه الحجَّة بحجَّة البلاغ، وحجَّة الإسلام، وحجَّة الوداع؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم ودَّع النَّاس فيها ولم يحجّ بعدها. وحجَّة البلاغ؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم بلَّغ النَّاس شرع الله في الحجِّ قولاً وعملاً، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيءٌ إلا وقد بيَّنه، فلمَّا بيَّن لهم شريعة الحجِّ، ووضَّحه، وشرحه، أنزل الله عليه، وهو بأعلى جبل عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3].
ولما نزلت هذه الآية، بكى بعض الصَّحابة، ومنهم عمر بن الخَّطاب رضي الله عنه، وكأنَّهم فهموا منها الإشـارة إلى قرب أجلِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم. ولما قيل لسيِّدنا عمر: ما يبكيك؟ قال: إنَّه ليس بعد الكمال إلا النُّقصان، وكان عدد الَّذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مئة ألفٍ.
كيف حجَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم؟
عـزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجِّ، وأعلم النَّاس: أنَّـه حاجٌّ، فتجهَّزوا ـوذلـك في شهر ذي القعدة سنة عشرـ للخروج معه، وسمع بذلك مَنْ حول المدينة، فقدموا يريدون الحجَّ مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ووافاه في الطَّريق خلائق لا يحصون، فكانوا مِنْ بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله مدَّ البصر، وخرج من المدينة نهاراً بعد الظُّهر لخمسٍ بَقِينَ من ذي القعدة يوم السَّبت، بعد أن صلَّى الظُّهر بها أربعاً.
وخطبهم قبل ذلك خطبةً علَّمهم فيها الإحرامَ، وواجباتِه، وسننه، ثمَّ سار وهو يلبِّي، ويقول: "لبيك اللَّهُمَّ لبيك، لبَّيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد، والنِّعمة لك، والملك، لا شريك لك" والنَّاس معه يزيدون، وينقصون، وهو يقرُّهم، ولا ينكر عليهم، ولزم تلبيته، ثمَّ مضى حتَّى نزل بـ(العرج) ثمَّ سار حتَّى أتى (الأبواء) فوادي (عسفان) في (سَرِف) ثمَّ نهض إلى أن نزل بـ(ذي طوى)، فبات بها ليلة الأحد، لأربع خلون من ذي الحجَّة، وصلَّى بها الصُّبح، ثمَّ اغتسل من يومه، ونهض إلى مكَّة فدخلها نهاراً من أعلاها، ثمَّ سار، حتَّى دخل المسجد، وذلك ضحىً، فاستلم الرُّكن صلى الله عليه وسلم، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثمَّ نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السَّلام. فقرأ: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 1255].
تأخَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أكمل رمي أيام التَّشريق الثَّلاثة، ثمَّ نهض إلى مكَّة، فطاف للوداع ليلاً سحراً، وأمر النَّاس بالرَّحيل، وتوجَّه إلى المدينة فجعل المقام بينه وبين البيت، وكان يقرأ في الرَّكعتين: ثمَّ رجع إلى الرُّكن {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*}، ثمَّ خرج من الباب إلى الصَّفا، فلمَّا دنا من الصَّفا، قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ*} [البقرة: 158].
وبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه، حتَّى إذا رأى البيت؛ استقبل القبلة، فوحَّد الله، وكبَّره، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، ثمَّ دعا بين ذلك، قال مثل هذه ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ نزل إلى المروة، حتَّى إذا انصبَّتْ قدماه في بطن الوادي؛ سعى، حتَّى إذا صَعِدَتَا؛ مشى، أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصَّفا، حتَّى إذا كان آخر طوافه على المروة؛ قال: "لو أنِّي استقبلتُ من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هَدْيٌ، فليحلَّ، وليجعلها عُمْرةً".
فقام سراقة بن مالك بن جُعْشُمٍ، فقال: يا رسول الله! أَلِعَامِنَا هذا أم للأبد؟ فشبَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدةً في الأخرى، وقال: "دخلتِ العمرةُ في الحجِّ" مرَّتين، "لا بل لأبدٍ أَبَدٍ". وأقام بمكَّة أربعة أيام: يوم الأحد، والإثنين، والثَّلاثاء، والأربعاء، فلمَّا كان يوم الخميس ضُحىً؛ توجَّه بمن معه من المسلمين إلى منىً، ونزل بها، وصلَّى بها الظُّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ومكث قليلاً حتَّى طلعت الشَّمس، وأمر بِقُبَّةٍ من شَعَرٍ تُضْرَبُ له بِنَمِرَةَ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تَشُكُّ قريشٌ إلا أنَّه واقفٌ عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهليَّة، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أتى عرفةَ، فوجد القُبَّةَ قد ضُرِبت له بنَمِرَة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشَّمسُ؛ أمَرَ بالقصواء، فرُحِلَتْ له، فأتى بطن الوادي، فخطب النَّاس.
وقال: "إنَّ دماءكم، وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمر الجاهليَّة تحت قدميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهليَّة موضوعةٌ، وإنَّ أوَّل دَمٍ أضع من دمائنا دمُ ابنِ ربيعةَ بن الحارثِ، كان مُسْتَـرْضَعاً في بني سعدٍ، فقتلتْه هذيلٌ، وربا الجاهليَّة موضوعٌ، وأوَّل رباً أضع ربانا، ربا العباس بن عبد المطَّلب، فإنَّه موضوع كلُّه. فاتَّقوا الله في النِّساء، فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، ولكن عليهنَّ ألاَّ يوطئن فرشَكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنَّ ضرباً غير مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهن، وكسوتُهنَّ بالمعروف؛ وقد تركت فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تُسْأَلُونَ عنِّي، فما أنتم قائلون؟". قالوا: نشهد أنَّك بلغت، وأدَّيت، ونصحت، فقال بإصبعه السَّبَّابة، يرفعها إلى السَّماء، وينكتها إلى النَّاس: "اللَّهمَّ اشهد! اللَّهُمَّ اشهد!" ثلاث مرَّات.
ثمَّ أذَّن، ثم أقام، فصلَّى الظُّهر، ثمَّ أقام، فصلَّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئاً، ثمَّ ركب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى أتى الموقف، فجعل بطنَ ناقتهِ القصواءِ إلى الصَّخَرَاتِ وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتَّى غربت الشمس، وذهبت الصُّفْرَةُ قليلاً حتى غاب القُرْصُ.
وذكر أبو الحسن النَّدويُّ: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، والتَّضرُّع، والابتهال إلى غروب الشَّمس، وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره، كاستطعام المسكين، يقول فيه: "اللَّهُمَّ! إنَّك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سرِّي، وعلانيتي، لا يخفى عليك شيءٌ من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، والوَجِل المِشفِق، المقر المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذَّليل، وأدعوك دعاء الخائف الضَّرير، مَنْ خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذلَّ جسده، وَرَغِم أنفهُ لك، اللَّهُمَّ! لا تجعلني بدعائك ربِّ شقيّاً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين! ويا خير المعطين"!
وهناك أنزلت عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3]، فلمَّا غربت الشَّمس؛ أفاض من عرفة، وأردف أسامة بن زيد خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شَنَقَ للقصواءِ الزِّمَامَ، حتَّى إنَّ رأسها ليُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وهو يقول: "أيُّها النَّاس! عليكم السَّكينة".
وكان يلبِّي في مسيره ذلك، لا يقطع التَّلبية حتَّى أتى المزدلفة، وأمر المؤذِّن بالأذان فأذَّن، ثمَّ أقام، فصلَّى المغرب قبل حطِّ الرِّحال، وتبريك الجمال، فلمَّا حطُّوا رحالهم؛ أمر، فأقيمت الصَّلاة، ثمَّ صلَّى العشاء، ثمَّ نام، حتَّى أصبح، فلمَّا طلع الفجر صلاَّها في أول الوقت، ثمَّ ركب حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، وأخذ في الدُّعاء والتَّضرُّع، والتَّهليل، والذكر، حتى أَسْفَرَ جِدّاً، وذلك قبل طلوع الشَّمس.
ثمَّ سار من مزدلفة، مردِفاً للفضل بن عباس، وهو يلبِّي في مسيره، وأمر ابن عبَّاسٍ أن يلتقط له حصى الجمار سبع حصياتٍ، فلمَّا أتى بَطْنَ مُحَسِّرٍ؛ حرَّك ناقته، وأسرع السَّير، فإنَّ هنالك أصاب أصحابَ الفيل العذابُ، حتَّى أتى منىً، فأتى جمرة العقبة، فرماها راكباً بعد طلوع الشَّمس، وقطع التلبية.
خطبة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) في مِنى:
ثمَّ رجع إلى مِنىً، فخطب الناس خطبةً بليغةً، أعلمهم فيها بحرمة يوم النَّحر، وتحريمه، وفضله عند الله، وحرمة مكَّة على جميع البلاد، وأمر بالسَّمع، والطَّاعة لمن قادهم بكتاب الله، وأمر النَّاس بأخذ مناسكهم عنه، وأمر الناس ألا يرجعوا بعده كفاراً، يضرب بعضهم رقاب بعض، وأمر بالتَّبليغ عنه.
وقد جاء في هذه الخطبة: "أتدرون أيُّ يومٍ هذا؟" قلنا: اللهُ ورسولُه أعلم، فَسكَتَ؛ حتَّى ظننَّا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: "أليس ذا الحجة؟" قلنا: بلى! قال: "أي بلدٍ هذا؟" قلنا: الله ورسولُه أعلم، فَسَكَتَ؛ حتَّى ظننَّا أنَّه سيسمِّيه بغير اسمه، قال: "أليست بالبلدة الحرام؟" قلنا: بلى! قال: "فإنَّ دماءكم، وأموالكم ـ وفي رواية: وأعراضكم ـ عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟" قالوا: نعم، قال: "اللَّهُمَّ اشهد! فليبلغ الشَّاهد الغائب، فَرُبَّ مبلَّغٍ أوعى من سامعٍ، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعضٍ".
ثمَّ انصرف إلى المنحر بمنى، فنحر ثلاثاً وستين بدنةً بيده، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره، ثمَّ أمسك وأمر عليّاً أن ينحر ما بقي من المئة، فلمَّا أكمل صلى الله عليه وسلم نحره استدعى الحلاق، فحلق رأسه، وقسم شعره بين مَنْ يليه، ثمَّ أفاض إلى مكَّة راكباً، وطاف طواف الإفاضة، فصلَّى بمكَّة الظهر، فأتى بني عبدِ المطلب يَسْقُون على زمزم، فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم النَّاس على سِقَايتكم؛ لنزِعتُ معكم"، فناولوه دلواً، فشرب منه.
ثمَّ رجع إلى منىً من يومه ذلك، فبات بها، فلمَّا أصبح؛ انتظر زوال الشَّمس، فلمَّا زالت مشى من رحله إلى الجمار، فبدأ بالجمرة الأولى، ثمَّ الوسطى، ثمَّ الجمرة الثَّالثة ـوهي جمرة العقبةـ وخطب الناس بمنى خطبتين: خطبة يوم النَّحر، وخطبة ثانية في ثاني يوم النَّحر، وهو يوم النفر الأول، وهي تأكيد لبعض ما جاء في خطبتي عرفة، ويوم النَّحر بمنى.
في طريق العودة من حجَّة الوداع خطب الرَّسول صلى الله عليه وسلم النَّاس في غدير خُمٍّ قريباً من الجحفة في اليوم الثَّامن عشر من ذي الحجَّة والواقع أن تكرار الخطب في حَجَّة الوداع كان أمراً لابدَّ منه لحاجة المسلمين، فهي الحجَّة الوحيدة الَّتي حجَّها الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وقد عزَّ فيها الإسلام والمسلمون، وأصبحت كلمتهم هي النَّافذة في الجزيرة كلِّها، كما كانت الوداع الأخير، فما أشدَّ حاجةَ المسلمين في هذا المشهد العظيم إلى التَّذكير، والنُّصح، والتَّوصية، وإلى تكرار القول، والتَّأكيد عليه حتَّى يعوه، ويحفظوه، ولا ينسوه، وإلى تقريرهم بإبلاغ الرِّسالة، وأداء الأمانة!
هذا، وقد تأخَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أكمل رمي أيام التَّشريق الثَّلاثة، ثمَّ نهض إلى مكَّة، فطاف للوداع ليلاً سحراً، وأمر النَّاس بالرَّحيل، وتوجَّه إلى المدينة. وفي طريق العودة من حجَّة الوداع خطب الرَّسول صلى الله عليه وسلم النَّاس في غدير خُمٍّ قريباً من الجحفة في اليوم الثَّامن عشر من ذي الحجَّة، وقد جاء في هذه الخطبة: "أمَّا بعد: ألا أيُّها النَّاس! فإنَّما أنا بشرٌ يوشك أن يأتي رسولُ ربِّي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثَقَلَيْنِ، أوَّلهما كتابُ الله فيه الهدى والنُّور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به"، فحثَّ على كتاب الله، ورغَّب فيه، ثمَّ قال: "وأهلُ بيتي، أذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أذكِّركُم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي". وفي روايةٍ: … أخذ بيد عليٍّ رضي الله عنه وقال: "من كنتُ وليُّه، فهذا وليُّه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه، وعادِ مَنْ عاداه". وفي روايةٍ: "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه".
وكان عليٌّ قد أقبل من اليمن، وشهد حجَّة الوداع، وقد اشتكى بعض الجند عليّاً، وأنَّه اشتدَّ في معاملتهم، وكان قد استرجع منهم حللاً وزَّعها عليهم نائبه، فأوضح لهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في غدير خُمٍّ مكانةَ عليٍّ، ونبَّه على فضله لينتهوا عن الشَّكوى، فقد كان الحقُّ مع عليٍّ في إرجاع ما أعطاهم نائبه في غيبته؛ لأنَّها أموال صدقاتٍ، وخمس.
ولما أتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذا الحليفة، بات بها، فلمَّا رأى المدينة؛ كبَّر ثلاث مرَّاتٍ، وقال: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قديرٌ، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربِّنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحدَه"، ثمَّ دخلها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.