في تصريح لافت، أكد رئيس مجلس الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي، تساحي هنغبي، عبر القناة الـ13 في 22 مايو 2024، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أياً من أهداف حربه على قطاع غزة. هذه التصريحات تأتي في وقت تزداد فيه الانتقادات الموجهة للقيادة الإسرائيلية، لاسيما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بسبب فشلهما في تحقيق ما أعلناه من أهداف لهذه الحرب، وعلى رأسها تفكيك حركة المقاومة "حماس" وإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة.
أوضح هنغبي أن جيش الاحتلال يعتقد أن تحقيق أهداف الحرب يتطلب سنوات عديدة وليس عاماً واحداً. هذا الاعتراف يعكس واقعاً تعيشه قيادة الاحتلال، حيث يتضح أن مجلس الحرب لم يحدد أي أهداف واضحة بالنسبة لحربه الهمجية في غزة، ولا لجبهة الشمالية في الأراضي المحتلة حيث تتصاعد الاشتباكات مع حزب الله، ولم يضع تواريخ أو أهدافاً استراتيجية ملموسة. هذا النقص في التخطيط الواضح ربما يرسم لنا حول الفوضى المستمرة إلى اليوم في جبهة الاحتلال.
بينما يتكبّد الاحتلال خسائر في الميدان من المقاومة، تحاول بعض عائلات الأسرى التظاهر من أجل إتمام صفقة مع المقاومة، في "خطوة يائسة" من جانب هذه العائلات للضغط على حكومة نتنياهو لعقد صفقة مع حركة حماس٬ إذ يبدو لم يعد يمثل ذلك أولوية عند قادة الاحتلال، حتى إن الأسرى والحرب أصبحوا عناوين الأخبار الثانوية في الأراضي المحتله، بعد السياسة الداخلية، ومذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو غالانت، وأخبار الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول أوروبية٬ فاهتمام نتنياهو ووقته يخصصان لهذه القضايا فقط٬ ولذلك تسخر منه العديد من الصحف الإسرائيلية، إذ تشبه بأنه يقود دولة الاحتلال إلى منحدر خطير وهو في حالة سكر خلف عجلة القيادة، كما وصفته صحيفة "هآرتس".
مخاوف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من اتهامه كمجرم حرب، مع إغلاق أبواب أوروبا في وجهه هو وزوجته، تتسبب في إعاقة نومه بشكل كبير. يبدو أن عقله يعمل على مسارين: كيفية التصدي للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وكيفية الإبقاء على دعم إيتمار بن غفير وباقي المسؤولين المتطرفين في حكومته.
ويشهد الاحتلال حالة من الانهيار السياسي على المستوى الدولي بشكل غير مسبوق، نتيجة لقرارات محكمة العدل الدولية بشأن المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال، وما سيتبعها من تحقيقات من قِبل المحكمة الجنائية الدولية. هذه التطورات تضيف ضغوطاً كبيرة على الاحتلال ككل، مع تصاعد الانتقادات الدولية ودفع إسرائيل لعزلة دولية متزايدة.
بينما تستمر المقاومة الفلسطينية في الصمود ميدانياً، فتكتسب القضية الفلسطينية زخماً في معركة الوعي والسردية العالمية. فكل يوم تستمر فيه الحرب، يتكبد الاحتلال خسائر مادية وسياسية، تكون وطأتها أشد على الاحتلال بأكمله. فإذا نظرنا، شهدت هذه الحرب تدهوراً دبلوماسياً ودولياً للاحتلال، في حين تدير المقاومة معركتها بنضج وتوازن لم يكن متوقعاً.
إذ إن مذكرات الاعتقال الدولية أشعلت الذعر بين قادة الاحتلال. وها هو نتنياهو، في حالة من الذعر، وأطلق سلسلة من المكالمات المذعورة مع المسؤولين في أمريكا وأوروبا، في محاولة لحماية نفسه من الملاحقة القانونية.
بينما يلجأ المسؤولون الإسرائيليون إلى التصريحات العنجهية والتهديدات الموجهة للمحكمة الجنائية الدولية ومسؤوليها. في الوقت نفسه، يطلق الاحتلال العصابات المسلحة من المستوطنين لوقف الشاحنات التي يعتقد أنها تحمل مساعدات لغزة، ويقومون بحرق البضائع، مما يزيد من إدانة إسرائيل ويعريها أمام العالم.
وكما يطلق النار على قدمه بيدٍ يناشد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إدارة بايدن لإنقاذه من ملاحقة محكمة لاهاي الجنائية الدولية، وبالأخرى يعد خطاباً أمام الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، وربما يعد هذا التصرف أسوأ بكثير من ممارسته السابقة ضد الرئيس باراك أوباما في عام 2015. والذي سيكون بمثابة محاولة للالتفاف على الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأكثر تعاطفاً ودعماً للاحتلال في حرب الإبادة الجارية في غزة، وذلك عشية الانتخابات الرئاسية. وداخلياً يستمر نتنياهو، في إرضاء حلفائة المتطرفين، دون التفكير في التداعيات التي قد تشعل روح المقاومة في الضفة أكثر مع إعطاء المستوطنين المتطرفين الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بعد إلغاء قانون فك الارتباط.
تعكس تصرفات الاحتلال الأخيرة حالة الفوضى السياسية التي تعصف به داخلياً وخارجياً. ومحاولات قادته اليائسة للمناورة بين الضغوط الدولية والمحلية تصعد من الفوضى في كل جوانب الاحتلال، وتضرب الاستقرار والدعم الدولي الذي كان يتمتع به.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.