في ظل عجز أممي واضح وصمت دولي وعربي فاضح، إزاء الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بدعم سياسي وعسكري من الإدارة الأمريكية، على مدى 235 يوماً متتالياً، يستمر العدوان الإسرائيلي في ارتكاب المزيد من المجازر وحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
العجز الأممي والصمت الدولي والعربي، أعطى كيان الاحتلال الإسرائيلي الضوء الأخضر لارتكاب الجرائم المروعة بحق المواطنين الفلسطينيين العزل في غزة وآخرها الجريمة البشعة التي جرت بمنطقة تل السلطان غربي مدينة رفح.
جريمة "محرقة الخيام"، كما أسماها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا المشاهد المروعة للمجزرة على نطاق واسع، لإيصال ما يعيشه أهل غزة من إبادة، حيث أشار بعضهم إلى أن ما يجري لسكان خيام رفح شبيه بـ"أهوال يوم القيامة"، وأنه "محرقة (هولوكوست) حقيقية أمام سمع العالم وبصره.
من دون سابق إنذار، استهدف الاحتلال خياماً للنازحين ليرتكب مجزرة جديدة في رفح جنوبي قطاع غزة، قرب مقر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، في منطقة ادعى أنها "آمنة"، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.
صواريخ وقنابل محرمّة دولياً، ألقتها طائرات العدوان الإسرائيلي على خيام من النايلون والقماش، تحّولت في لحظة إلى كتل من اللهب وجثث متفحمة وأشلاء لعشرات الضحايا من الأطفال والنساء والجرحى، الذين تناثرت أجسادهم وتقطعت أوصالهم.
أظهرت مشاهد بثتها قناة الجزيرة عمليات إنقاد ضحايا القصف الصهيوني البربري، وقال المراسل إن طواقم الدفاع المدني عجزت عن إطفاء الحرائق التي اشتعلت في الخيام وفي النازحين المتواجدين بداخلها.
لقد نزح المواطنون من مناطق غزة إلى هذه المناطق التي حددها الاحتلال على أنها مناطق آمنة إنسانية وأرسل منشورات للسكان بأن يتوجهوا إليها، لكنهم لم يتوقعوا أنهم على موعد مع مجزرة جديدة وقصف بصواريخ تزن أطناناً من المتفجرات، لتتحول الخيام في غمضة عين إلى كتل من اللهب، وقاطنوها إلى أشلاء متناثرة وأجساد متفحمة، في جريمة جديدة يندى لها الجبين، وتقف عندها العقول.
جريمة ومحرقة الخيام، إحدى الجرائم التي تحكي تفاصيل ما تقترفه الصهيونية ودعم الإدارة الأمريكية، بحق الشعب الفلسطيني بشكل متعمد وصريح من انتهاكات نتيجة تغاضي مجلس الأمن والأمم المتحدة وأجهزتها المعنية بحقوق الإنسان، لتضاف إلى السجل الأسود للاحتلال الإسرائيلي، ويلحق العار بالمجتمع الدولي.
في هذا الصدد تأسف النشطاء الغزيون على عدم تحرك العالم وإيقاف ما يقوم به الاحتلال الصهيوني بحقهم من مجازر متكررة.
في حين رأى آخرون أن فتح معبر رفح أمام الجرحى والمصابين هو الحل الوحيد لإنقاذ أرواحهم، خاصة أن مستشفى رفح المركزي بمصر يبعد دقائق عن رفح الفلسطينية.
في المقابل، احتفلت الحسابات العبرية على تلغرام بمجزرة "محرقة الخيام" التي ارتكبها جيش الاحتلال، بل شبهتها بعيد الشعلة اليهودي.
يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه متجاهلاً اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو وغالانت، وكل المتورطين لمسؤوليتهم عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.
إن استهداف المخيم الواقع بمنطقة تل السلطان غربي رفح، جريمة مكتملة الأركان، تؤكد إصرار الاحتلال الإسرائيلي على الإبادة الجماعية والقضاء على الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع منع دخول شاحنات المساعدات الإغاثية والطبية والوقود إلى المستشفيات لإعاقتها عن تقديم خدماتها والحكم بالإعدام على المواطنين في قطاع غزة.
جرائم العدوان الصهيوأمريكي في رفح هو امتداد لسياسة القتل والتشريد والتهجير، فجرائم العدوان والحصار اليوم موثقة بالصوت والصورة وستظل شاهدة على دموية الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه من العرب والعجم، وحقدهم الدفين وتاريخهم الأسود، وستظل عالقة في ذاكرتنا جيلاً بعد جيل ولن تسقط بالتقادم، وسيدفع العالم الظالم ثمن حقده ووحشيته وخيانته ونذالته.
باختصار، لم تستطع مجازر العدو الإسرائيلي وحلفائه، زعزعة يقين وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بقضيته العادلة، وإن خانته بعض الأنظمة العربية، أو استحلت الغدر وتركته وحيداً، ففي كل يوم نرى أنماطاً من العمليات المُغرقة في الارتياح والاطمئنان والثقة والثبات، تنمّ جميعها على أن هذه المقاومة لا زالت تقاتل بمهارة وإبداع وبكامل كفاءتها، وكل ذلك بفضل الله ومعيته ورعايته.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.